وثّق المركز السوري للحريات الصحفية، التابع لرابطة
الصحفيين السوريين، مقتل 54 صحفياً وناشطاً إعلامياًٍ في
سوريا خلال عام 2014، بينهم أربعة أجانب، ما يرفع عدد الإعلاميين الذين قتلوا منذ آذار/ مارس 2011 إلى 266 "صحفياً ومواطناً صحفياً".
وقال المركز في تقريره السنوي الأول الذي صدر الأحد، إنه "رغم انخفاض عدد
الانتهاكات بحق الإعلاميين خلال عام 2014 مقارنة بالأعوام السابقة، بحيث بلغت عدد حالات القتل 54 حالة مقابل 103 في عام 2013 و100 في عام 2012، إلا أن ذلك لم يعكس تحسناً للوضع". فقد أوضح التقرير "أن وتيرة الاستهداف بقيت على المستوى ذاته، إن لم تكن قد ارتفعت وتطورت، وهذا ما شهدناه في العديد من حالات القتل النوعية كالذبح والقتل الجماعي وانتهاكات أخرى فاقت قدرة تدابير الحماية الاعتيادية التي يتخذها الصحفي عادة".
وقدم التقرير تحليلاً شاملاً للجهات التي ارتكبت هذه الانتهاكات، ونوعية الانتهاكات، وتوزيعها الجغرافي داخل سوريا، إلى جانب محاور أخرى.
ووفق تحليل البيانات الذي قدمه التقرير، فقد احتل النظام السوري المرتبة الأولى في ارتكاب الانتهاكات بحق العاملين في حقل الإعلام لعام 2014 من خلال ارتكابه 50 انتهاكاً من مجموع 113 وثقها المركز، تلاه تنظيم "الدولة الإسلامية" بـ20 انتهاكاً، في حين احتلت القوات الأمنية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي في المناطق الكردية المسؤولية الأولى في الانتهاكات المتمثلة بالاعتقالات.
ولاحظ التقرير أن عدد حالات القتل بلغت نصف عدد الانتهاكات المرتكبة تقريباً. وقد جاءت محافظة حلب الأولى على المحافظات السورية من حيث عدد الانتهاكات التي ارتكبت فيها بـ26 انتهاكاً، تلتها محافظة الحسكة بـ21. قد وقع 63 انتهاكاً من مجموع الانتهاكات الموثقة على المواطنين الصحفيين، في حين وقع سبعة منها على صحفيين أجانب. وتعرض 13 مركزاً و مكتباً ووسيلة إعلام لانتهاكات مختلفة منها عمليات قصف، وقد وقع ستة منها في حلب.
وذكر التقرير أن وسائل الحماية الشخصية التي اعتمدها الصحفيون أحياناً لم تجد نفعاً في الوقاية من الانتهاكات، "لا بل إن وسائل الحماية تلك كثيراً ما تحولت إلى وبال عليهم، حين كانت سبباً في لفت الأنظار إلى وجودهم، وهو ما تسبب بمزيد من الاستهداف". ومن بين تلك الحالات، حالة ثلاثة صحفيين من تلفزيون أورينت استهدف النظام السوري سيارتهم بصاروخ موجه من مسافة قريبة في مدينة الشيخ مسكين في درعا، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث كانت السيارة تحمل صحناً للبث التلفزيوني مما سهّل تمييزها وبالتالي استهدافها.
ويخلص التقرير إلى أن "الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي مني بها حقل الإعلام، نتيجة ارتفاع منسوب القمع الممارس ضد الإعلاميين، إلى اضطرار الكثيرين إلى ترك العمل الإعلامي أو مغادرة البلاد".
وقال مدير المركز حسين جلبي لـ"عربي21" إن "التقرير السنوي هو خلاصة سنة كاملة من العمل التوثيقي عن الانتهاكات ضد الصحفيين و المواطنين الصحفيين في سوريا، وهو يعتمد أساسا على قاعدة البيانات التي يمتلكها المركز السوري للحريات الصحفية عن الانتهاكات، والتي هي بدورها خلاصة اثني عشر تقريراً شهرياً أصدرها المركز خلال عام 2014، هذا بالإضافة إلى شهادات مجموعة من الصحفيين عن الانتهاكات التي جرت ضدهم، والتي دعمت الوقائع الواردة في التقرير".
وأضاف: "قمنا في التقرير السنوي بتحليل الانتهاكات الحاصلة من عدة أبواب ليسهل على المتلقي أو الباحث الحصول على المعلومات التي يريدها.
وقد اعتمد التقرير طريقة غير تقليدية بالنسبة للتقارير التي تتناول الانتهاكات ضد الصحفيين، فهو لم يقم بسرد الانتهاكات وتفاصيلها فحسب، وهي الطريقة التي تٌعتمد في إصدار التقارير الشهرية للمركز السوري للحريات الصحفية، فالمركز بدلاً من ذلك اتبع في تقريره السنوي الأول منهجاً تحليليلاً لتوضيح حجم الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في حقل الإعلام، مستنداً إلى شهادات مباشرة من أصحاب العلاقة، ومدعوماً بالأرقام وجملة من الرسوم البيانية والمقارنات ضمن عدة محاور تتناول طبيعة الانتهاكات، والجهات المسؤولة عنها، وتوزيعها الجغرافي، وجنسيات الضحايا، والتصنيف المهني للأشخاص الذين تعرضوا للانتهاكات. وأتبع التقرير بملحق بأسماء وتفاصيل ضحايا الإعلام في سوريا خلال عام 2014.
ووصف جلبي التقرير بأنه "وثيقة تاريخية هامة تؤرخ لوضع الحريات الإعلامية في سوريا خلال عام 2014، ذلك الواقع المتردي الذي استهلكت بسببه المنظمات الصحفية والحقوقية الدولية جميع الصفات السلبية التي تتضمنها قواميس اللغة في وصفه، واستعملت كلمات الإدانة خلال تناوله دون أن تتمكن من تغييره مع الأسف".
للاطلاع على نص التقرير بصيغة (PDF) اضغط
هنا