انتقدت شخصيات عربية بارزة
مسيرة باريس التي جرت الأحد تضامنا مع قتلى صحيفة "
شارلي إيبدو" المسيئة للإسلام وللنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وشارك فيها عدد من زعماء العرب ووزرائهم.
المسيرة التي شارك فيها قرابة الأربعة ملايين متظاهر بينهم زعماء عرب أثارت غضب جل النشطاء والشخصيات البارزة في مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرين أن الرؤساء والزعماء العرب غضوا الطرف عن الجرائم والانتهاكات بحق المسلمين، وذهبوا للتضامن مع من أساء للنبي الكريم.
وغرّد الداعية السعودي المعروف سلمان العودة على صفحته في موقع "تويتر" عن المسيرة التي شارك فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورفع فيها شعارات مسيئة للرسول: "لا يجوز لمسلم أن يشارك في مسيرة ترفع فيها الصور المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم ويتوسطها الصهاينة قتلة الأطفال والنساء".
بدوره علق السفير القطري سابقا في واشنطن ناصر آل خليفة على مشاركة الزعماء العرب في المسيرة: "من لا يقفون مع شعوبهم وأمتهم في مآسيها لا يضيفون شيئا للآخرين عندما يتمظهرون بالوقوف معهم!".
وعلّق المفكر الإسلامي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي عن المظاهرة بعد تغريدات على صفحته في "تويتر"، حيث قال: "إذا رأيتَ نتنياهو يتصدَّر مظاهرة ضد الإرهاب، وسمعتَ السيسي يدعو إلى ثورة دينية.. فاعلم أن العالم يحكمه الأنذال".
وأضاف الشنقيطي: "استَعبَدونا قرنين كاملين، فلما ثُرنا لحريتنا حوَّلوا ربيعنا حريقاً يلتهم البشر والحجر، فلماذا نَحْزن من احتراقهم بناره؟!".
وتابع: "سيكون من غباء الغرب أن يصدّق دموع التماسيح التي يذرفها على قتلاه قادةٌ عربٌ يسفكون دماء شعوبهم كل يوم".
وفي
فرنسا مس التدفق العالمي للتعاطف بعد
الهجوم الدامي على صحيفة "شارلي إيبدو" الكثيرين، لكن آخرين وجدوا مسحة من الرياء أو شعروا بالغثيان من تأييد صحيفة أسبوعية ساخرة أثارت عداء الكثيرين.
وأكدت إدارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه لا ينبغي تقييد حرية التعبير بسبب الخوف من مزيد من الهجمات وأن السلطات تقف بكل قوة وراء حملة تضامن تلقائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان "أنا شارلي".
لكن التشكك برز من جانب العاملين الناجين في "شارلي إيبدو"، الذين رفضوا بعض الدعم باعتباره غير مخلص، ومن آخرين وجدوا الصحيفة الأسبوعية جارحة بصورة واضحة، ومن غيرهم ممن تساءلوا عن سجل حقوق الإنسان لأكثر من 40 من زعماء العالم الذين شاركوا في مسيرة تضامن الأحد في باريس.
وقال مالو ماغالو طالب الرياضيات البالغ من العمر 26 عاما عن بعض رد الفعل السياسي والإعلامي: "توجد كلمات كبيرة كثيرة تقال عن حرية التعبير والديمقراطية. لكن أين كان الدعم (لها) سابقا؟ لم يكن يوجد دليل كبير"، على هذا الدعم.
وظهر الوسم "#أنا_لست_شارلي" على موقع "تويتر"، وإن كانت أقل انتشارا من "#أنا_شارلي".
ومن المؤكد أنه توجد أقلية متطرفة على الإنترنت أشادت بالهجمات التي قتلت 17 شخصا في ثلاث هجمات منفصلة على مدى ثلاثة أيام، وتوّجت باحتجاز رهائن في متجر للأطعمة اليهودية في شرق باريس.
لكن الأكثر أهمية هو حجم الناس الذين يقولون إنهم يدينون صراحة الهجمات، لكنه لا يمكنهم الانضمام لمؤيدي صحيفة سخرت من الأديان.
وكتب المدوّن البلجيكي مارسيل سيل في موقعه على الإنترنت: "سيكون من السهل جدا (القول) أنا شارلي".
وعبر عن ذهوله من الهجمات التي أدانها بلا تحفظ، لكنه قال إنه "سيكون من الجبن" أن يزعم أنه "شارلي" في حين أنه انتقد بشدة بعضا من رسومها الكاريكاتيرية بشأن الإسلام في السابق.
وكان هناك سبب مختلف جدا للاعتقاد بوجود شقوق في وحدة الصف لدى زكريا مؤمن (34 عاما)، وهو فرنسي من أصل مغربي كان يلف جسده بعلم فرنسا في ميدان بلاس دو لا ريبابليك، نقطة التجمع لمسيرة (الأحد) تكريما لضحايا الهجمات.
وقال البطل السابق للملاكمة التايلاندية الذي أشار إلى أنه عذّب في المغرب، وتلقى دعما من منظمات غير حكومية مثل "هيومن رايتس ووتش"، حين سجن هناك: "ببساطة.. بعض رؤساء الدول والحكومات لا ينبغي أن يكونوا هناك في حين أنهم يقمعون حرية التعبير في بلدهم. إنه رياء". ويرفض المغرب الاتهامات بالتعذيب.
وبالنسبة لبرنار أولترو رسام الكاريكاتير المخضرم في "شارلي إيبدو"، فالمشكلة تتعلق ببعض "الأصدقاء" الجدد للصحيفة.
وقال أولترو إنه سيسعده لو أن الناس في أنحاء العالم شاركوا في مسيرات للدفاع عن حرية الصحافة. لكن لديه سؤال عن الدعم من السياسي الهولندي اليميني المتشدد خيرت فيلدرز رد قائلا: "نشعر بالغثيان بسب كل أولئك الناس الذين يقولون فجأة إنهم أصدقاؤنا".
وأضاف: "حصلنا على كثير من الأصدقاء الجدد.. البابا والملكة إليزابيث وبوتين. ضحكت من هذا". ويقول أولترو، إنه نجا لمجرد أنه لا يحب حضور الاجتماعات الأسبوعية للعاملين، ولم يكن في مبنى الصحيفة في باريس حين اقتحمه المسلحان وقتلا زملاءه ورجلي شرطة.