تباينت ردود الفعل في الأوساط الرسمية والشعبية
العراقية بين مؤيد ومعارض لدعوات المسؤولين
الكرد بالانفصال عن العراق في كيان مستقل.
وفي استطلاع لـ"عربي21" لرصد هذه المواقف، تباينت الآراء بين شخصيات برلمانية وسياسية حزبية ومستقلة، مؤيدة ومعارضة ومحايدة، بما في ذلك آراء بعض الشخصيات الكردية التي ربما لا تؤيد
الانفصال، بخلاف الموقف المتصلب الذي يبديه رئيس إقليم
كردستان العراق، مسعود بارزاني، وأتباع حزبه الوطني الديمقراطي، إضافة إلى آراء شعبية أخرى.
وتبدو دعوة نائب رئيس إقليم كردستان كوسرت رسول الأخيرة للكرد، بضرورة الاستفادة من الفرصة الحالية لبناء كيان مستقل، وذلك من خلال رسالة تهنئة وجهها إلى رئيس الإقليم مسعود البارزاني بمناسبة العام الجديد 2015، دليلا واضحا على أن القيادات الكردية أخذت تنسق موقفها وتستفيد من وضع العراق الضعيف.
وقال كوسرت، وهو الرجل الثاني في حزب الاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني: "نريد أن يكون العام 2015 عاماً للديمقراطية وحقوق الإنسان والتحرر النهائي لشعبنا، ولكن من الضروري الاستفادة من الفرصة الحالية، ليكون لدينا كيان مستقل مثل بقية شعوب العالم وتحقيق أهداف نضال وتضحيات شعبنا".
وتخوّف بعض العراقيين من ورود كلمة "الفرصة الحالية" في خطاب كوسرت رسول، حيث فهمت على أنها تعني الضعف العراقي، ويجب استغلالها، والاستيلاء على مساحات من الأراضي والحقول النفطية.
ورفضت الجامعة العربية استقلال الكرد عن العراق، استنادا إلى أحكام الدستور العراقي الذي أقر في العام 2005.
وقال الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في الجامعة العربية السفير فاضل جواد، في آب/ أغسطس الماضي، إن تصريحات رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، بشأن إجراء استفتاء على استقلال اقليم كردستان لا تعدو كونها كلاما إعلاميا.
وأكد جواد أن الدستور العراقي، الذي وقع عليه الكرد عام 2005 باعتبارهم جزءا من العراق، لا يسمح بالانفصال، بل يسمح بإقامة أقاليم.
ومسعود بارزاني، الذي يتبنى منذ سنوات موضوع الانفصال عن العراق، ويمارس مقاطعة غير معلنة تجاه بغداد، اتهم في 29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي من سمّاهم "أعداء الشعب الكردستاني" بدفع تنظيم "الدولة لإسلامية" إلى مهاجمة الإقليم بعد قطعه خطوات في مسألة الاستفتاء والاستقلال.
وبخلاف آراء كثيرة، لمواطنين وسياسيين كرد، منسجمة مع دعوة رئيس الإقليم بالانفصال، جاءت آراء شخصيات ثقافية كردية متمسكة بالبقاء مع الجسم العراقي.
وترجمت الناشطة الكردية في منظمة المرأة العراقية، هدى عثمان، موقفها بقولها: "لا يعجبني منطق السياسيين الذين يتحدثون عن الانفصال، فأنا كردية عراقية، وأعتز بكرديتي وعراقيتي".
وقال الشاعر الكردي عبد الرزاق بيمار: "لا أؤيد الانفصال أو من يدعو له، وهؤلاء الذين يتبخترون بشعارات ثورية يجب أن يكفوا عن ذلك".
وأيده الكاتب العراقي محمد الدليمي الذي أكد أن "بقاء الكرد ضمن العراق الموحد يشكل تكاملا للوحدة العراقية دون تشرذم يريده أعداء الوطن".
ووصف الشاعر العراقي الكبير، محمود فرحان، وجود الكرد ضمن الجسم العراقي بـ"القصيدة التي لها صدر وعجز". وقال:" نحرص على أن لا تتجزأ القصيدة العراقية الوطنية بهويتها الشاملة الممثلة لمختلف الطوائف والمكونات".
من جهتها، أبدت شخصيات برلمانية عراقية امتعاضها من دعوات الكرد بالانفصال عن البلاد.
وبيّن النائب فارس طه أن اختيار الكرد هذا الظرف الصعب الذي تمر فيه البلاد للانفصال، فيه دلالة سلبية للاستحواذ على أكبر مساحة من الأراضي العراقية، ولكن ذلك لن يحصل، ووصف هذه الدعوات بأنها "دعوات متشنجة مرفوضة".
لكن النائب السابق في البرلمان طه أحمد قال: "من لا يريدنا لا نريده، ولكن لن نقبل أن يستغل الكرد ظروف البلاد ويقطع أراضي كبيرة بما يشبع شهيته".
ويرى كثير من العراقيين أن الكرد استغلوا أوضاع العراق الحالية، بضياع مدن كبيرة وخروجها عن سيطرة الحكومة، ليفرضوا مطالبهم في الملفات الأمنية والمالية.
ورأى المحلل السياسي، عبد الله محمود، أن تواجد قيادات سنية في إقليم كردستان العراق مكسب للكرد، لفرض رأيهم على المكون السني، وتحقيق ما يصبون إليه، بما في ذلك التصويت داخل البرلمان، وفي المواقف السياسية الأخرى.
وأضاف: "كما أن ضعف حكومة بغداد في زمن نوري المالكي أعطى فرصة ذهبية للكرد لممارسة الضغط التكتيكي على خلفه حيدر العبادي للقبول بالإملاءات الكردية، ومنها استلام الرواتب المحجوزة، وإقرار ميزانية إضافية لقوات البيشمركة، وتصدير النفط العراقي عبر خطوط النفط الكردية إلى تركيا، مقابل مبالغ طائلة توفر للميزانية الكردية".
وأقوى الاتهامات التي تلقاها الكرد في دعواتهم للانفصال عن العراق ما تحدثت به النائبة المتشددة بمواقفها السياسية حنان الفتلاوي، التي اعتبرت أن "انفصال إقليم كردستان عن العراق مشروع كردي صهيوني".