كتب روبرت فيسك مقالة في صحيفة "إندبندنت"، حول استئناف الحكم في قضية صحفيي
الجزيرة، حيث حكمت المحكمة بإعادة محاكمتهم.
ويقول الكاتب: "نعم ولكن.. هذا هو رد الفعل المنطقي الوحيد للأخبار القادمة من القاهرة، نعم من الجيد أن نسمع أخباراً جيدة بإعادة
محاكمة صحفيي الجزيرة الثلاثة المسجونين ظلماً في سجن طرة لأكثر من عام، ولكن لم يتم إطلاق سراحهم اليوم، كما كان يأمل رفاقهم. نعم اعترفت محكمة النقض بوجود أخطاء في المحاكمة الأولى، إلا أنها لم تطلق سراحهم بكفالة".
ويضيف فيسك "نعم يمكن للرئيس عبدالفتاح
السيسي أن يأمر بإبعاد اثنين من الصحفيين، ولكنه لم يفعل، والأهم من ذلك كله هو: نعم فتحت (أبواب الأمل)، وهو شعار جديد رددته قناة الجزيرة اليوم، ولكن الضرر وقع، حيث قام ديكتاتور عسكري بسجن ثلاثة مراسلين أبرياء لأكثر من عام ولم يحاسب على ذلك. ولم يكن غضب الإعلام في أنحاء العالم كله، ولا زئير الرئيس أوباما الخافت، كافياً ليدع السيسي يتراجع".
ويجد أنه "لذلك فهو يستطيع فعلها ثانية، ويستطيع ملوك وأمراء ورؤساء الشرق الأوسط أن يفعلوا الشيء نفسه، فقيمة الصحفي اليوم أقل بكثير منها قبل عام. صحيح أن ضحايا الجزيرة الثلاث هم ضحية للعلاقات
المصرية القطرية فيما يتعلق بالإخوان المسلمين، مثلما صرح السجين محمد فهمي، فالصحفيون في هذه الحالة هم مختطفون ورهائن، ولم يطلب من قطر دفع فدية لإطلاق سراحهم، ولكن يبدو أن قرار قطر رفع قضية على مصر لإغلاق مكاتب الجزيرة في القاهرة، كان السبب في إبقاء بيتر غريستي ومحمد فهمي وباهر محمد في السجن، ولكن الأدلة ضدهم كانت مجرد كذب، ولم يمنع هذا أصدقاء السيسي من الإبقاء على علاقات طيبة مع الرئيس والمشير السابق، الذي أنقذ البلاد من ديكتاتورية الإخوان المسلمين".
ويشير الكاتب إلى أن "هناك سبعة مراسلين للجزيرة تم الحكم عليهم غيابياً، ويواجهون خطر الترحيل إلى القاهرة للمحاكمة إن ظهروا في أي بلد عربي. وهناك صحفيون مصريون مسجونون، كما هي الحال بالنسبة لمراسلين عرب في أنحاء المنطقة، والصحافة المصرية وفي أعقاب نهضة بسيطة بعد الإطاحة بمبارك تراجعت إلى الرضوخ السلبي، حيث يقوم صحفيون آخرون بالافتراء على زملائهم المسجونين وهم مبتهجون".
ويرى فيسك أن السيسي "سيقوم بإطلاق سراح الصحفيين بعد أن يكونوا قضوا فترة قد تمتد لأيام أو أسابيع، حيث يجب الحفاظ على الكبرياء المصري، حتى لو كان يظهر بمظهر الغطرسة الإمبريالية التي مارستها بريطانيا".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "إن القيام بإعداد التقارير الصحفية عن مصر سيكون عملية مراوغة في السنوات المقبلة، فكم من المراسلين الأجانب سيكون لديهم المخاطرة والاستعداد للتحدث إلى الإخوان المسلمين المعارضين، بعد أن صنف تنظيمهم على أنه (إرهابي)؟ أخشى أنه لن يكون العديد من الصحفيين قادرين على فعل ذلك، وهذا يعني أن السيسي والمحاكم هي الرابحة في المحصلة، مهما كانت (أبواب الأمل) عريضة".