من الأزمة المالية في روسيا إلى الحرب الإلكترونية مع كوريا الشمالية يأبى عام 2014 أن يرحل قبل أن يضع مزيدا من الألغام في طريق العام الجديد ما ينذر بأن عام 2015 لن يكون أكثر هدوءا.
إذ أن كل الصراعات الكبيرة سوف تستمر تقريبا مثل المعركة مع "متشددي" تنظيم الدولة الإسلامية والأزمة بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا ومكافحة الإيبولا بل قد تنفجر أزمات أخرى دون سابق إنذار.
وقال جون باسيت المسؤول الكبير السابق في المخابرات البريطانية وهو يعمل حاليا في جامعة إوكسفورد "بطبيعة الحال بعد عام كهذا ربما نتوقع أن تهدأ الأمور".
وأضاف "لكن لم تحل أي من هذه
المشكلات كما أن العوامل التي تحركها لن تختفي".
وتتنوع القضايا من تحول عالمي للقوة الاقتصادية بعيدا عن الغرب إلى تقنيات جديدة وصراعات إقليمية وتنامي الغضب بشأن التفاوت المتزايد في الثروة.
وفي تقرير صدر في حزيران/ يونيو عن معهد الاقتصاديات والسلام تراجع السلام العالمي للعام السابع على التوالي منذ 2007 بعد تحسن على مدى عقود.
وقال المعهد ذاته في تشرين الثاني/ نوفمبر إن أعداد القتلى في هجمات المتشددين قفزت بنسبة 60 في المئة لتسجل أعلى مستوياتها على الإطلاق خاصة في العراق وسوريا وأفغانستان وباكستان ونيجيريا.
يأتي هذا في وقت تتضاءل فيه قدرة الغرب على الرد عسكريا بينما تخفض واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون ميزانياتهم الدفاعية.
الغموض الروسي
وبينما يأمل رجال السياسة في الغرب أن تحد الأزمة الاقتصادية في روسيا من طموحات الرئيس فلاديمير بوتين فإن آخرين يخشون أن يزيد هذا من صعوبة التنبؤ بتصرفاته.
وقال كريستوفر هارمر الطيار السابق بالبحرية الأمريكية وهو حاليا باحث في معهد دراسات الحرب "ليس بالضرورة أن يؤدي هذا إلى تحسن سلوك روسيا".
ويقول مسؤولون بحلف شمال الأطلسي إن الحلف سيعامل أي اعتداء ولو كان مستترا في الدول الأعضاء على أنه عمل من أعمال الحرب.
وتسعى الصين إلى زيادة قدرتها العسكرية.
وتقول إن لها الحق في السيادة على معظم بحر الصين الجنوبي الذي يعتقد أنه غني بالنفط والغاز.
وتقول بروناي وماليزيا والفلبين وفيتنام وتايوان إن لها أيضا حقوق في السيادة عليه.
وفي بحر الصين الشرقي أدى الخلاف على سلسلة من الجزر تقول كل من الصين واليابان إن لها الحق في السيادة عليها إلى توتر العلاقات بين البلدين بشدة.
ويرى بعض المسؤولين والمحللين أن حالة الإنهاك التي يواجهها الغرب تعني أن اندلاع مواجهة في جزء من العالم يمكن أن يشجع خصوما محتملين في أماكن أخرى على السعي لتحقيق مكاسب وربما يكون هذا أحد العوامل وراء الثقة المتزايدة التي تبديها كوريا الشمالية.
كانت واشنطن اتهمت بيونجيانج بشن هجوم إلكتروني على شركة سوني بيكتشرز للإنتاج السينمائي بعد أن أنتجت فيلما تدور أحداثه حول قصة خيالية عن اغتيال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، ورفضت كوريا الشمالية هذا الاتهام.
وقال الاستير نيوتن الباحث السياسي في شركة نومورا لإدارة الأصول "أبرز الهجوم الأخير على سوني ضعف الغرب أمام التهديد المتزايد المتمثل في الهجمات الإلكترونية".
الاضطرابات في الشرق الأوسط
بات أعداء واشنطن أكثر براعة في "الحرب الغامضة" إذ يستخدمون قوى تقاتل بالوكالة مثل الرجال الذين يرتدون ملابس عسكرية ويستقلون مركبات لا تحمل علامات مميزة ويقول الغرب عنهم إن روسيا نشرتهم في أوكرانيا.
وربما لن تكون الأساليب السرية كافية بعد ذلك لإقناع إسرائيل بأنها قادرة على إبطاء برنامج إيران النووي.
وفي ظل موعد نهائي يحل منتصف العام الجديد للتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي فإن بعض المحللين يعتقدون أن حكومة إسرائيل قد تشن هجوما عسكريا لإبطاء البرنامج.
وقال نايجل انكستر النائب السابق لرئيس المخابرات البريطانية (إم.آي6) الذي يرأس حاليا قسم التهديدات الخارجية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن إن الكثير في هذا الأمر سيتوقف على فوز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بانتخابات مارس/ آذار ومدى تشدد الائتلاف الحكومي الذي ستتمخض عنه هذه الانتخابات.
واتحدت معظم القوى العالمية على مواجهة تهديد واحد. فدحر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا في مقدمة أولويات الدول الغربية ودول الخليج العربية وتركيا وروسيا والصين.
لكن ليس واضحا إذا ما كانت هذه القوى ستتمكن من التغلب على خلافاتها بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد.
ويخشى البعض أن تمتد العملية ضد تنظيم الدولة الإسلامية أكثر من اللازم بينما تلوح الانتخابات الأمريكية في الأفق.
وسترسل الولايات المتحدة أكثر من ألف من أعضاء الفرقة 82 المحمولة جوا إلى العراق في العام الجديد للمساعدة في تدريب القوات العراقية.
كما ستكون الشهور الأولى من عام 2015 أساسية في التعامل مع عدو مختلف تماما هو وباء الإيبولا.
ويعزى الفضل إلى نشر قوة أمريكية كبيرة في ليبيريا لبناء مراكز للعلاج في المساعدة في إبطاء ظهور حالات جديدة هناك لكن الفيروس مازال ينتشر في سيراليون وغينيا.
وتقول كاثلين هيكس التي شغلت منصب نائبة وزير الدفاع الأمريكي للشؤون السياسية بين عامي 2012 و2013 وتعمل حاليا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "إنها فعلا مجموعة واسعة من التحديات بشكل غير عادي".