يطرح الفلسطينيون الأربعاء أمام
مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، بعد انسداد الأفق السياسي لعملية السلام والتريث الأميركي، فيما هددت واشنطن باستخدام حق النقض.
وقال مسؤول فلسطيني رفيع إنه تقرر طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، اليوم الأربعاء، للتصويت عليه.
وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين لإذاعة صوت فلسطين "اليوم سيقدم مشروع القرار. اليوم صباحا ستجتمع المجموعة العربية. نحن على اتصال مع الأشقاء في الأردن الشقيق الممثل العربي في مجلس الأمن".
وتأتي تصريحات عريقات بعد لقائه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في لندن الليلة الماضية.
وقال عريقات إن اللقاء كان "واضحا وصريحا. أكدنا أننا سنتوجه إلى مجلس الأمن بمشروع قرار لحل الدولتين. الموقف الأمريكي معروف".
وأضاف أن الولايات المتحدة أوضحت من قبل معارضتها التوجه إلى مجلس الأمن "ونحن أكدنا له أننا سنذهب اليوم".
وتابع قائلا "نحن نسعى من خلال مجلس الأمن إلى الحفاظ على خيار الدولتين".
ونقل عريقات عن كيري قوله إنه بالصيغة الحالية لمشروع القرار لن يكون أمام الولايات المتحدة خيار سوى استخدام حق النقض (الفيتو).
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لصوت فلسطين صباح اليوم الأربعاء "نحن أبلغناه (كيري) رسميا أن القيادة الفلسطينية قررت تقديم المشروع لعرضه على التصويت اليوم".
وأضاف "هو يعلم تماما أن القيادة الفلسطينية أعطت تعليماتها لمندوبيها في الأمم المتحدة للتحرك عربيا لتقديم مشروع القرار الأربعاء".
لا شيء مضمون
وردا على سؤال إن كان لدى الفلسطينيين التسعة الأصوات المطلوبة في مجلس الأمن لتمرير القرار قال "لا يوجد أي شيء مضمون. سوف نرى ماذا سيحدث".
وقال نمر حماد مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، "سوف نرسل الأربعاء مشروعنا إلى مجلس الأمن الدولي".
من جهته قال محمد اشتية المقرب من عباس أيضا أن الفلسطينيين ضاقوا ذرعا بالمحادثات الثنائية مع إسرائيل.
وأعلن مسؤول فلسطيني في الأمم المتحدة عن لقاء سيعقد، صباح الأربعاء، مع الدول العربية الأعضاء "لطلب دعمها قبل المضي قدما" في المشروع.
وسيستغرق الأمر بضعة أيام قبل حصول تصويت محتمل، لكي يترجم النص ويتشاور سفراء المجلس مع عواصمهم، لمعرفة ما إذا سيختارون الفيتو (للدول الخمس الدائمة العضوية)، أو الموافقة على النص، أو الامتناع عن التصويت.
وفي هذا الوقت "سيكثف الفلسطينيون الضغط"، كما قال دبلوماسي أوروبي، مضيفا "لا نعلم تحديدا ما هو الفارق بين النص الفلسطيني وذلك الذي وزعه في تشرين الثاني/ نوفمبر الأردن، العضو العربي الوحيد في المجلس، والذي يحدد تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 موعدا لانتهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وأصبح النص الفلسطيني يتضمن "تعديلات"، اقترحتها
فرنسا لكن بدون تحديدها كما قال نمر حماد.
وأكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الثلاثاء أن "فرنسا تقترح في صيغتها لمشروع القرار مفاوضات لمدة سنتين، ونحن طلبنا مفاوضات لمدة سنة والسنة الثانية نتفاوض فيها على الانسحاب، وتفكيك الاحتلال لأراضي دولة فلسطين".
وقررت القيادة الفلسطينية مساء الأحد التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطلب التصويت على مشروع قرار لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ العام 1967.
واشنطن تستخدم حق النقض
ويبدو ان استخدام واشنطن حق النقض ضد النص أصبح شبه أكيد لأنها تعارض أي إجراء أحادي الجانب من جانب الفلسطينيين، يهدف إلى الحصول من الأمم المتحدة على اعتراف بدولتهم، معتبرة أنه ينبغي أن يأتي ثمرة مفاوضات سلام.
لكن يبدو أن صبر الفلسطينيين ينفذ خصوصا وأن الجولة الدبلوماسية التي قام بها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم تؤد إلى أية نتيجة.
ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وهو في خضم الحملة للانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في 17 آذار/ مارس أية إنذارات، متهما أوروبا بانها تنحاز للفلسطينيين.
وقال نتانياهو إن "محاولات الفلسطينيين وعدد من الدول الأوروبية لفرض شروط على إسرائيل لن تؤدي إلا إلى تدهور الوضع الإقليمي وستضع إسرائيل في خطر". وأضاف "لذلك، سنعارض هذا بشدة".
وكان نتانياهو رفض بشكل قاطع فكرة انسحاب إسرائيل من الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين في غضون عامين.
وقال "نقف أمام احتمال شن هجوم سياسي علينا لمحاولة إجبارنا على الانسحاب إلى خطوط عام 1967 خلال سنتين وذلك من خلال قرارات في الأمم المتحدة".
ويعمل الأوروبيون وفي مقدمهم فرنسا منذ أسابيع على نص توافقي من شأنه أن يهدئ الفلسطينيين، ويكون مقبولا أيضا لدى واشنطن وإسرائيل.
ويدعو هذا النص إلى استئناف سريع للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة منذ الربيع، على قواعد أساسية مثل التعايش السلمي بين دولة فلسطينية وإسرائيل لكن دون تحديد تاريخ لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية.
وفضلت الولايات المتحدة في هذا الوقت التريث وذلك في مواجهة التصلب الإسرائيلي من جهة والغضب الفلسطيني من جهة أخرى. واعتبر كيري الثلاثاء في لندن أنه "من الضروري تهدئة الأمور، وان ندرس بعناية أية خطوات تتخذ في هذه اللحظات الصعبة في المنطقة. نحن جميعا نفهم التحديات التي يمثلها هذا النزاع".
وتطرق دبلوماسيون في الأمم المتحدة إلى احتمال ان يطرح الأميركيون مشروعهم الخاص الذي سيكون هامشيا على الأرجح لكنه سيتيح للمجلس تبادل الآراء في هذا الملف للمرة الأولى منذ العام 2009.
الخطة البديلة
وأكد السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور أنه حتى إن فشلت هذه المشاورات فإن "القضية الفلسطينية لن تزول"، متوقعا أن ينتقل الفلسطينيون حينئذ إلى "مرحلة جديدة" من حملتهم الدبلوماسية.
واكد منصور الإثنين، خلال إلقاء كلمة للمرة الأولى أمام جمعية الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، رغبة الفلسطينيين في الانضمام إلى المحكمة "في الوقت المناسب"؛ بهدف محاسبة إسرائيل على "جرائم الحرب في غزة".
ويملك الفلسطينيون عدة أوراق أخرى، مثل الطلب من مجلس الأمن دعم ترشيح فلسطين التي تحظى حاليا بوضع دولة مراقب غير عضو، كدولة كاملة العضوية في مجلس الأمن. وهذا التحرك الذي سيصطدم بالتأكيد بفيتو أميركي يهدف إلى الاستفادة من الدعم المتزايد الذي يلقاه الاعتراف بدولة فلسطين من قبل برلمانات أوروبية.
وهناك مشروع آخر ينص على السعي لاعتماد قرار غير ملزم في الجمعية العامة في الأمم المتحدة، يندد بالاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية. وهذا الإجراء الرمزي يمكن أن يلقى دعما كبيرا وليس هناك حق فيتو في الجمعية.