قال رئيس "الجمعية
الجزائرية لمكافحة
الفساد جيلالي حجاج، لصحيفة "عربي21"، الجمعة "إن تصنيف الجزائر في أدنى مراتب الدول التي تحارب الفساد لم يفاجئني"، وتابع "سمعة الجزائر ساءت دوليا".
ويرى حجاج أن "ارتفاع أسعار
النفط، الأعوام الماضية، وإن وفر فسحة مالية للجزائر، إلا أنه من الجانب الآخر كان له أثر سلبي، من حيث ارتفع مستوى الفساد جراء تدفق أموال النفط، وسوء استغلالها في تنمية القطاع الاقتصادي بالجزائر". ويعتقد المتحدث أنه "مع انخفاض أسعار النفط يرتقب أن ينخفض منسوب الفساد في الجزائر، لأن القليل من المال يعني القليل من الإنفاق ومنه القليل من الفساد".
وكان تصنيف الجزائر في المرتبة 100 بمؤشر "شفافية دولية" حول الفساد، آثار ردود فعل شاجبة من نشطاء اعتبروا أن " التدابير التي أعلنت عنها الحكومة لمكافحة الظاهرة مجرد حبر على ورق وذر للرماد في العيون.
وعزا حجاج سبب توسع دائرة الفساد بالجزائر إلى "تساهل الحكومة مع مرتكبي جرائم الفساد، من خلال عدم تطبيق القوانين الردعية التي سنتها هي بالذات وصادق عليها البرلمان الجزائري".
وأضاف حجاج "إن قانون مكافحة الفساد للعام 2006، مجرد حبر على ورق، فالعديد من القضايا المتصلة بالفساد التي أحيلت للعدالة تم إخفاؤها أو التغطية عليها".
وفي الجزائر، يشار بالأصبع إلى عدد من رجال الأعمال، الذين كونوا الثروة بطرق مشبوهة، ولهم صلات بالأمرين بصرف أموال النفط.
وأشهر قضية فساد عرفتها الجزائر، هي تلك التي عرفت بـ" قضية الشركة الوطنية للنفط- سنوطراك"، والتي فجرتها الصحافة الإيطالية، شهر كانون ثاني/ يناير 2013، والتي أشارت فيها إلى أن وزير الطاقة الجزائري السابق، شكيب خليل "متورط بتوقيع صفقات مشبوهة مع الشركة الإيطالية للنفط المعروفة اختصارا بـ"سايبام"، وحوَّل بموجب ذلك ما لا يقل عن 167 مليون دولار.
وأعلنت "الشرطة الدولية"، عن مذكرة توقيف دولية ضد شكيب خليل، المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية بناء على طلب من الحكومة الجزائرية، يوم 12 حزيران/ يونيو 2013، كما رفع النائب العام بالجزائر دعوى قضائية ضد خليل، وبعدها لم يعرف مصير القضية، رغم مطالبات النشطاء المنددين بالفساد، الحكومة الجزائرية بكشف مصيرها.
وتابع حجاج في رده على سؤال لـ"عربي21"، حول "تحالف الفساد وتراجع أسعار النفط، أنه "لمعرفة طبيعة اتساع دائرة الفساد، لا بد من معرفة كيفية استغلال اقتصاد النفط والغاز، والواقع أن "الذهب الأسود" على مدى عقود يغذي ثقافة الريع، والحصول على المال بأسهل الطرق".
ونقل حجاج تساؤلات متابعين، مفادها "كيف لدولة تكتنز طاقة بشرية عظيمة، واتساعاً جغرافياً هائلاً وموارد طبيعية مهولة، يعيش نصف سكانها حالة فقر"، لكن بالمقابل، يرى رئيس الجمعية أن"أثرياء جدد قد ظهروا في روافد السلطة".
من جهتها طالبت الأمين العام لحزب العمال اليساري لويزة حنون، السلطة "بمصادرة الثروات غير المشروعة للأثرياء الجدد"، وقالت لصحيفة "عربي21"، "إن هناك أثرياء جدداً بالجزائر، استغلوا فترة الإرهاب خلال التسعينيات وبداية الألفية الثالثة لتكوين الثروة".
وحذرت حنون مما أسمته "استقواء رجال المال، مثلما حدث بمصر في الأعوام الأخيرة من حكم حسني مبارك، حيث أصبح المال مصدراً للقرار السياسي". وقالت "إن الحكم ببراءة مبارك خيانة للشعب المصري".
ورغم التدابير المتلاحقة التي أقرتها الحكومة الجزائرية، عملاً بتوصيات تقرير العام الماضي، إلا أن تقرير منظمة"شفافية دولية" يشير إلى ارتفاع "منسوب" الفساد في البلاد، الأمر الذي دفع النشطاء المنددين بالفساد إلى طرح تساؤلات حول جدوى تلك التدابير.
ومن تلك التدابير، إعلان الحكومة في الجزائر عن تأسيس هيئتين، هما "الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد"، و"المرصد الوطني بمحاربة الفساد".
وقال فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، التابعة لرئاسة الجمهورية بالجزائر، في حوار سابق مع صحيفة "عربي21"، إن "الفساد أصبح رياضة وطنية"، وأكد أنه "دعا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لتدابير أكثر ردعية ضد المسؤولين المتورطين بالفساد".
من الجدير بالذكر أنّ الجزائر حلت بالمرتبة المائة من 175 دولة بمؤشر الفساد، وفقاً للتقرير الذي أعلنت عنه منظمة "شفافية دولية" ببرلين، الأربعاء الثالث من كانون الأول/ ديسمبر، متراجعة بذلك ست مراتب مقارنة مع تصنيفها بمؤشر ذات المنظمة في تقريرها العام الماضي 2013.