أدلى الناخبون في
مولدافيا الأحد بأصواتهم في
انتخابات تشريعية حاسمة لمستقبل هذه الجمهورية السوفياتية السابقة، التي تعد أفقر بلد في أوروبا، وباتت على مفترق طرق بين حلم التكامل مع أوروبا، والعودة إلى الرعاية الروسية.
وقد يكشف
الاقتراع مدى تأثير الأزمة الأوكرانية، فمولدافيا مثل أوكرانيا ممزقة بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، وهي تواجه في ترانسدينستريا وضعا تكتشفه أوكرانيا حاليا، ويتلخص بإدارة انفصال منطقة تقول إنها تابعة لموسكو.
ودعي حوالي 3,1 ملايين ناخب إلى التصويت لانتخاب 101 نائب في البرلمان لولاية مدتها أربع سنوات، ويتنافس حوالي عشرين حزبا في هذه الانتخابات.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن عدد الناخبين المؤيدين لالتحاق مولدافيا بالاتحاد الأوروبي، مساوٍ لعدد المقترعين الذين يفضلون الانضمام إلى الاتحاد الجمركي، الذي تقوده
موسكو (40 بالمئة لكل معسكر).
ويجري التصويت في هذا البلد الصغير الواقع بين أوكرانيا ورومانيا من الساعة الخامسة إلى الساعة السابعة بتوقيت غرينتش، وستعلن النتائج الأولية صباح الاثنين.
وقال المحلل أوازو نانتوي في معهد السياسة العامة "إنها ليست منافسة بين أحزاب، بل منافسة تهدف إلى تحديد من سيقود مولدافيا من الخارج موسكو أم بروكسل".
وقال دومترو فيكول، وهو متعهد في الثانية والخمسين من العمر، إنه صوت "للحفاظ على السياسة الموالية لأوروبا".
وأضاف "لن تكون لمولدافيا فرصة للتخلص من ماضيها السوفياتي إلا داخل أوروبا"، إلا أن المتقاعدة ماريا بسلياغا (59 عاما) أكدت أنها أعطت صوتها للحزب الشيوعي الذي يدعو إلى التعاون مع موسكو.
وقالت إن "أوروبا لم تعطنا أي شيء جيد، بالنسبة إلى الناس، من الأفضل أن نكون مع روسيا".
وتنظر موسكو، التي دعمت سرا إعلان استقلال منطقة ترانسدينستريا الانفصالية المولدافية من جانب واحد في 1990، باستياء شديد إلى اتفاقات الشراكة التي تم توقيعها هذه السنة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا ومولدافيا.
وصادقت شيسيناو مطلع تموز/ يوليو والبرلمان الأوروبي منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر على الاتفاق مع مولدافيا الذي أثار غضب موسكو، التي منعت في الأشهر الأخيرة استيراد الفاكهة واللحوم القادمة من مولدافيا تحت ذريعة "مخالفة المعايير الصحية".
ويقود مولدافيا حاليا ائتلاف موالٍ لأوروبا، لكن أحزاب المعارضة الرئيسية مثل الحزبين الاشتراكي والشيوعي، ترغب في تعزيز التعاون مع روسيا وإلغاء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وقال زعيم الحزب الاشتراكي ايغور دودون إن "هذا الاتفاق مخالف لمصالح مولدافيا، سنتوصل إلى إلغائه وسننظم استفتاء بعد ذلك. يجب على الشعب أن يقرر بنفسه ما إذا كان يفضل التكامل مع الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد الجمركي مع روسيا"، لكن التحدي قد يكون معقدا للاشتراكيين؛ إذ إن أيا من الأحزاب لا يمكنه الحصول على أغلبية مطلقة، وسيشكل ذلك مشكلة؛ إذ إن تعديل الدستور يحتاج إلى موافقة ثلثي النواب (67 صوتا) وانتخاب الرئيس يحتاج إلى 61 صوتا في هذا البلد الذي يشكل المنتمون فيه إلى القومية الرومانية 78 بالمئة من سكانه، ويعيش فيه روس وأوكرانيون (14 بالمئة).
وقد أعلن الحزب الشيوعي المولدافي، الذي يتصدر النتائج حسب استطلاعات الرأي، معارضته لأي ائتلاف.
ومنع حزب آخر موالٍ لروسيا هو حزب الوطن (باتريا) من المشاركة في الانتخابات قبل ثلاثة أيام من الاقتراع، بعد اتهامه بتمويل حملته الانتخابية بأموال أجنبية.
وانتقدت روسيا منع الحزب من المشاركة وعبرت عن "شكوك خطيرة إزاء الطابع الديموقراطي" للانتخابات. كما دانت الحملة الانتخابية معتبرة انها "اتسمت بقذارة استثنائية".
وكان الرؤساء البولندي والأوكراني والروماني توجهوا الأسبوع الماضي إلى مولدافيا لدعم الحملة الموالية لأوروبا.
وقال الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس "إنني واثق أن رومانيا ومولدافيا ستتقاسمان مجال الديمقراطية والرخاء داخل الاتحاد الأوروبي"، أما المستشارة الألمانية انغيلا ميركل فقد وجهت رسالة دعم إلى رئيس الوزراء المولدافي ايوري ليانكا الذي يقود الائتلاف الموالي لأوروبا.
وقال اركادي بارباروسي مدير معهد السياسة العامة إن "هذه الانتخابات أقرب إلى استفتاء"، وأضاف "إذا ربحت الأحزاب الموالية لأوروبا، فسيكون توجه مولدافيا إلى التكامل الأوروبي غير قابل للتراجع، لكن إذا التفتت إلى الاتحاد الجمركي فقد تبقى دائما في منطقة نفوذ روسيا".
وتجري الانتخابات بإشراف أكثر من 700 مراقب دولي بينهم خبراء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.