قبل 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، كانت كثير من المؤشرات تؤكد أن الجمعة يختلف عن أي يوم مظاهرات معتادة، حيث إنه اليوم الذي يسبق جلسة النطق بالحكم على الرئيس الأسبق محمد حسني
مبارك في قضية قتل المتظاهرين، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بالتفسيرات التي صبت كلها في بوتقة واحدة حول الموضوع.
وتأتي جلسة مبارك السبت بعد يوم من مظاهرات 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وخلق هذا التزامن ربطاً بين الحدثين في التفسيرات التي أخذ بعضها بعداً إعلامياً، وأخذ البعض الآخر بعداً أمنياً.
محمد حمدي، وهو صحفي
مصري، كما يعرف نفسه عبر موقع "فيسبوك"، قال: "تضخيم
28 نوفمبر (تشرين الثاني) كان مقصوداً من الناحية الإعلامية، لسحب الانتباه عن حدث أضخم، وهو
محاكمة مبارك غداً".
وتوقع حمدي حصول مبارك على البراءة، مضيفاً: "إذا حدث ذلك غداً ستتأكدون من صدق ما أقول".
والتفت الصحفي المصري وائل قنديل إلى النقطة نفسها في تعليق له الجمعة، وقال في تغريدة كتبها على حسابه بموقع "تويتر": "28 نوفمبر شجرة كبيرة تخفي وراءها غابة .. الجمعة مقتلة والسبت الفصل الأخير في مسرحية محاكمة مبارك".
وتتقاطع هذه الرؤية مع مشاهدات لفتت انتباه المصريين، الجمعة، وتتعلق بالانتشار الواسع وغير المسبوق لقوات الأمن؛ بما يعني لدى البعض أن الأمر جدي، وليس فيه مبالغة، غير أن هذا الانتشار يجد هو الآخر تفسيراً أمنياً.
وقال محمد سعد، وهو محاسب بإحدى الشركات الخاصة، تعليقاً على مظاهرات "28 نوفمبر" في حسابه على "فيسبوك": "كما كنت أتوقع لن يحدث شيء في مصر.. واستعدادات الجيش والشرطة ليس مبالغاً فيها؛ لأنهم يستعدون لجلسة الحكم على مبارك السبت.. القوات مستعدة لتأمين براءة مبارك من قتل الثوار، والعودة إلى نقطة 24 يناير (كانون ثاني 2011 أي قبل الثورة بيوم) من جديد".
وقدم أنور محمود، وهو يعمل مدرساً، تفسيراً أمنياً ينطلق من "رغبة الأمن في قياس قدرة المتظاهرين على الحشد، لتقدير حجمهم، ومعرفة مدى قدرته على السيطرة عليهم، في حال وجود دعوة للتظاهر يوم براءة مبارك".
وقدم نادر أحمد (صيدلي) تفسيراً ثالثاً، ينطلق من البعد الأمني، وله علاقة -أيضاً- بمحاكمة مبارك، وقال: "بعد انتهاء فعاليات 28 نوفمبر، مليون بالمئة 28 نوفمبر استعراض قوة للجيش والشرطة؛ لأن مبارك سيحصل غداً على البراءة، وبالتالي تنذر المتظاهرين بعدم التظاهر ضد القرار".
وتنطلق كل الآراء السابقة من الفكر "التآمري"، الذي يعني أن الاهتمام بالحدث "تمت صناعته"، وهو ما يرفضه يسري عزباوي، وهو عضو وحدة الرأي العام بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية التابع لصحيفة الأهرام (مملوكة للدولة).
وأرجع العزباوي عدم الاهتمام بمحاكمة مبارك، إلى أن "كل المؤشرات تشير إلى حصوله على البراءة، في ظل تقدم سنه"، بينما هناك "مخاوف حقيقة" لدى الناس من رفع "شعارات إسلامية"، وقام الإعلام بتهويل هذه التخوفات.
وأضاف أن "ما ساعد على زيادة الخوف من هذه الشعارات هو فيديو أنصار بيت المقدس في سيناء، الذي انتشر -مؤخراً- عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وظهور أعلام مؤيدة لداعش في مظاهرات بالقاهرة"، على حد قوله.
ويرفض اللواء المتقاعد بالجيش المصري، طلعت مسلم، هو الآخر النظرية التآمرية للربط بين الحدثين، لكنه لم ينكر "مدى الاستفادة الأمنية" التي يمكن أن تتحقق يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر لجلسة محاكمة مبارك السبت.