مقالات مختارة

الأميركيون العرب.. اعتزاز بالهوية

1300x600
كتب جيمس زغبي: شاركت لسنوات طويلة في العمل مع الجالية الأميركية العربية، واضطررت للتعامل مع طائفة من الأساطير وسوء فهم طبيعة الجالية وبنيتها واتجاهاتها في القضايا الرئيسية المهمة التي تواجه الولايات المتحدة. واشتركت في عمل ديموغرافي لتحسين معرفتنا بأنفسنا مثل معرفة المناطق التي أتينا منها والمناطق التي نعيش فيها حالياً في الولايات المتحدة. وأول ثمارنا الكبيرة في هذا الصدد، كتاب رائع بعنوان "عرب أميركا اليوم" مستقى من إحصاءات أميركية، كتبه شقيقي جون زغبي، عام 1990. 

ومنذ عام 1996 أجرينا استطلاعاً للرأي كل عامين على الناخبين الأميركيين العرب لنفهم بشكل أفضل ليس فقط كيفية تصويت الجالية في الانتخابات لكن كيفية إدراكهم لذواتهم شخصياً وسياسياً وكيف ينظرون إلى القضايا التي تواجه البلاد. وفي نوفمبر هذا العام، كلف المعهد العربي الأميركي مركز "زغبي اناليتكس أوف نيويورك" أن يجري استطلاعات على امتداد البلاد بالهاتف على 400 ناخب أميركي عربي. وتوصلنا إلى أن الأميركيين العرب مازالوا يعتزون للغاية بموروثهم رغم تعرضهم للتمييز. ومازالوا أيضاً يتماهون مع "الديمقراطيين" ويفضلون نهج الحزب "الديمقراطي" في معظم القضايا رغم عدم الرضا المتزايد عن أداء الرئيس أوباما في الحكم.

واستناداً إلى ما لدينا من بيانات استطلاعات الرأي منذ عام 1996، نستطيع تتبع تغيرات في الاتجاهات على مدار العقدين الماضيين. وحقيقة أن 87 في المئة من الأميركيين العرب مازالوا يشعرون باعتزاز عميق بعرقيتهم، أمر مؤثر للغاية، خاصة عندما يقاس هذا على النمو في الاتجاهات السلبية لدى الجمهور الأميركي تجاه أصحاب الأصول العربية. وهذا الاعتزاز العرقي ملحوظ مع الأخذ في الاعتبار 43 في المئة من الأميركيين العرب الذين تحدثوا عن تعرضهم لـ "تمييز شخصي بسبب عرقيتهم أو بلد منشأهم".

وبالمقارنة مع بيانات عمليات المسح السابقة، نجد أن الاعتزاز بالعرقية ظل ثابتاً (فوق 80 في المئة)، لكن نسبة من تحدثوا عن تعرضهم لتمييز ارتفعت من 30 في المئة عام 2002 إلى 43 في المئة حالياً. ونسبة من يقولون إنهم "أميركيون عرب" واصلت ارتفاعها من أقل من 45 في المئة في نهاية تسعينيات القرن الماضي إلى 63 في المئة في استطلاع الرأي لعام 2014. وهذا الميل إلى تفضيل إعلان الهوية "الأميركية العربية" تتقاسمه كل الجماعات الفرعية داخل الجالية سواء المهاجرين أو المولودين في البلاد والمسلمين أو المسيحيين. والجماعة الفرعية الوحيدة التي لا تفضل غالبيتها اعتبار نفسها من الأميركيين العرب هم أعضاء الجالية المنتمين للحزب "الجمهوري".

وبين 1996 و2000، مالت الجالية بهامش طفيف من نقطتين إلى الحزب "الديمقراطي"، ونتيجة لسياسات إدارة بوش ارتفع هذا الهامش إلى ثماني نقاط بين 2002 و2004. ومع انتخاب باراك أوباما عام 2008 وتصاعد التشدد في خطاب الحزب "الجمهوري" ضد العرب والمسلمين، اتسعت الفجوة أكثر. وفي عام 2014، كما في استطلاعات الرأي الثلاثة السابقة، تفوق "الديمقراطيون" على "الجمهوريين" في العدد بهامش نقطة أو نقطتين. وهذا العام، قال 44 في المئة من أبناء الجالية إنهم "ديمقراطيون" في مقابل 23 في المئة قالوا إنهم "جمهوريون".

ومن بين من قالوا إنهم أدلوا بأصواتهم عام 2012، صرح 65 في المئة بأنهم صوتوا لأوباما في مقابل 25 في المئة صرحوا بأنهم صوتوا لمصلحة ميت رومني. ونسبة استحسان الأميركيين العرب لعمل أوباما بلغت 38 في المئة، وهي نسبة أقل عن باقي الجمهور الأميركي بينما نسبة عدم الاستحسان بينهم بلغت 59 في المئة. ولا يستحسن من الأميركيين العرب أداء الكونجرس إلا 13 في المئة فقط. وبالافتقار للثقة في أداء الفرعين التنفيذي والتشريعي للحكومة، لا عجب أن تشعر غالبية نسبتها 55 في المئة بأن البلاد تسير في الاتجاه الخاطئ. لكن الأميركيين العرب لم يفقدوا الأمل في المستقبل. وعبر ثلثان عن ثقتهم في أن أطفالهم سيحظون بحياة أفضل منهم. والتفاؤل مشترك بين كل الجماعات الفرعية في الجالية والمهاجرين هم الأكثر تفاؤلاً بالمستقبل. وأهم القضايا التي تواجهها الولايات المتحدة حالياً في نظر الأميركيين العرب هي بالترتيب: الوظائف والاقتصاد وهي الأولى والأهم، يليها السياسة الخارجية والرعاية الصحية والتعليم. وفي الطبقة الثانية من القضايا التي تأتي في ترتيب أقل أهمية بكثير هناك الهجرة والميزانية والضرائب والإرهاب. وترسم النتائج مجتمعة صورة للأميركيين العرب، باعتبارهم جالية عرقية واعية بذاتها ومعتزة بتراثها وواثقة في المستقبل. واستطلاعات الرأي توضح أيضاً أن الأميركيين العرب قلقون من حالة السياسة في الولايات المتحدة ومنتبهون لكل القضايا التي تواجه البلاد اليوم.


(صحيفة الاتحاد الإماراتية)