استبعد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية في الأردن، خالد كلالدة، وجود توجه لحل جماعة الإخوان المسلمين في بلاده، أو تصنيفها منظمةً إرهابيةً.
وقال كلالدة، تعقيبا على توقيف السلطات الأردنية، الخميس الماضي، لنائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين زكي بني إرشيد، "إن ما جرى على هذا المسار يعد قضية فردية تفصل بها القوانين النافذة في البلاد، ولا تمثل تحولا سياسيا في نظرة الدولة تجاه الحزب".
وأضاف الوزير، في تصريحات له: "حين يخرج النقد من الإطار المحلي، يجب أن يراعي في أسلوبه مصالح البلاد وعلاقاتها مع الدول الشقيقة (قاصدا دولة
الإمارات العربية المتحدة)".
وكانت السلطات الأردنية ألقت القبض على بني أرشيد بناء على أمر من نيابة أمن الدولة، بتهمة تعكير صفو العلاقات مع دول شقيقة، وفق ما تناقلته مصادر صحفية أوضحت في حينها أن أمر التوقيف، جاء بعد مقال كتبه بني ارشيد انتقد فيه حكومة الإمارات العربية المتحدة، على خلفية تصنيفها لجماعة الإخوان المسلمين كتنظيم "
إرهابي".
من جانبه استبعد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين، مراد العضايلة، أن يكون لدى النظام توجه بحظر الحركة الإسلامية، مشيرا أن "النظام يدرك أهمية الدور الذي تلعبه الحركة كركن أساسي في حفظ أمن واستقرار البلاد".
وأضاف العضايلة أنه رغم ذلك فإن "الحركة الإسلامية لاحظت مؤخرا وجود توجه حكومي لإضعافها وتحجيم دورها، لاسيما في القضايا السياسية الكبرى، كالقضية الفلسطينية، وما يجري على الساحة العربية والدولية من أحداث ساخنة ومتسارعة".
مصدر حكومي رفيع قال لـ"الأناضول" إن "الدولة ظلت تتعامل مع الإخوان على قاعدة أنهم جزء أصيل من النسيج السياسي والاجتماعي في البلاد، رغم العديد من الأقوال والأفعال التي بدرت عنهم خارج إطار الإجماع الوطني، ورغم تشكيكهم المستمر في سلامة ومتانة الدور الريادي الذي يلعبه الأردن لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية".
وتابع "أظن أن صدر الدولة مازال يتسع لبعض الممارسات المعزولة التي لا تعبر عن موقف الجماعة، ولا اعتقد أن قرارا اتخذ لحظر أنشطتها، أو تصنيفها جماعة إرهابية، رغم تعرض أحد قياداتها لدولة تستضيف نحو ربع مليون أردني يعملون على أراضيها (قاصدا دولة الإمارات العربية المتحدة)".
ووصف بني إرشيد في مقالة تناقلها عدد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي حكام دولة الإمارات بأنهم "الراعي الأول للإرهاب، ولا يتمتعون بشرعية".
وأضاف "تلعب قيادة دولة الإمارات دور الشرطي الأمريكي في المنطقة، وتؤدي أقذر الأدوار لمساعدة المشروع الصهيوني، وتدعم كل التحركات التدميرية المضادة لطموحات الأمتين العربية والإسلامية".
وأثارت ردود الأفعال الإخوانية المنتقدة لموقف الأردن الرسمي إزاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة، موجة غضب حكومية في ذلك الحين، ظهرت على شكل تسريبات في الإعلام الرسمي وغير الرسمي تلمح بحظر التنظيم، وتهدد بقطع "شعرة معاوية" بين الطرفين، لاسيما عقب مهرجان "غزة تنتصر"، الذي نظمته جماعة الإخوان المسلمين أواخر آب/ أغسطس الماضي، في منطقة طبربور شمالي العاصمة عمان، واشتمل على ما يشبه عروضا عسكرية نفذها ناشطون في الحركة بمجسمات كرتونية.
وأدت تلك الأحداث إلى تأجيج التوتر الحاصل في العلاقة بين النظام الأردني وجماعة الإخوان المسلمين، والتي تشهد فتورا متصاعدا منذ نيسان/ أبريل الماضي، على خلفية قضايا يرتبط جلها بتطورات الأوضاع في المنطقة، لاسيما ما يجري في فلسطين ومصر والعراق وسوريا.
ويرى مراقبون أن المغالبة المفترضة بين السلطات الأردنية والجماعة، تحول دون حسمها من قبل النظام، الظروف الإقليمية غير المواتية لقرار من قبيل حظر التنظيم، لاسيما وأن هذا الظرف الإقليمي مع انعكاساته المفترضة على الشارع الأردني، يتأرجح تارة لصالح الإخوان وامتداداتها الإقليمية، وتارة أخرى لصالح النظام الذي يحظى بتأييد دولي وشعبي كبير بدليل ثباته واستقراره رغم كل الزلازل السياسية والأمنية التي تحيط به من كل الاتجاهات.
ويرى آخرون أن ما يجري في العلاقة بين الطرفين هو مجرد فتور مرحلي، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يتطور نحو القطيعة أو المواجهة، جراء استراتيجية العلاقة بين النظام الأردني والإخوان، التي بلغت ذروتها عام 1957 حين تصدى الإخوان المسلمون عسكرا ومدنيين لمتمردين، قوميين ويساريين، من الجيش كانوا يستعدون لمغادرة معسكرات الزرقاء باتجاه القصور الملكية في عمّان لتنفيذ انقلاب عسكري ضد الملك الراحل الحسين بن طلال.