تصطف عشرات الشاحنات أمام معبر باب السلامة يومياً بانتظار دورها في الدخول إلى
تركيا، معظمها محملة بالقطن السوري المرغوب عالمياً، والذي يشكل مصدراً هاماً من مصادر الربح لتجاره الذين يشترونه بأسعار بخسة من المواطن، ثم يبيعونه في تركيا بأسعار مقبولة تحقق لهم ربحاً وفيراً قياساً إلى التكلفة التي يدفعونها.
وتتجه يومياً حوالي عشرين شاحنة محملة بالقطن إلى معبر باب السلامة، حيث تلقى كل التسهيلات في إجراءات إيصال
القطن إلى الجانب التركي، حيث بينت مصادر مطلعة لـ"عربي 21"، أن كل سيارة من القطن يحقق خلالها التاجر ربحاً يعادل تسعمائة دولار، يخسر بعضها خلال طريقه من مكان التحميل إلى مكان التفريغ، حيث تحصل كل قوة مسيطرة على الطريق على حصتها من هذا المبلغ.
ويأتي هذا في الوقت الذي ترتفع فيه الأسعار بشكل عام في مختلف مناطق الداخل السوري، ومن ضمنها المنتجات القطنية التي تعدّ سلعة أساسية يستهلكها المواطن بكثرة، ومن أهمها الألبسة الداخلية المصنوعة من القطن، والتي يؤكد مواطنون أن سعرها وصل إلى ألف ليرة للقطعة الواحدة.
ويطالب العديد من الأهالي في سوريا بوقف تجارة القطن، في الوقت الراهن على الأقل، أو الانتباه إلى حاجة السوق الداخلية لمادة القطن، وبيع الفائض وتصديره بعد ذلك.
بدوره، يقول أحد الأهالي من ريف
حلب واسمه أبو أحمد لـ"عربي 21": "نحن في فصل الشتاء ونحتاج الكثير من الألبسة القطنية، لم نعد نفكر بالملابس الخارجية وأشكالها وأنواعها، لكن أن نشتري اللباس الداخلي بألف ليرة سورية، فيما التجار والانتهازيون ينقلون القطن إلى تركيا عبر المعابر، فهذا لا يجوز".
ويضيف: "لدي خمسة أطفال، تخيل أنني سأشتري غياراً داخلياً فقط لكل واحد منهم مؤلفاً من قطعتين معروفتين، هذا يعني أنني سأدفع عشرة آلاف ليرة سورية ثمناً لذلك، لقد بدأنا نخيط أكياس الطحين ونصنع منها الألبسة الداخلية لأطفالنا، فمن أين لي بمبالغ خيالية لشراء لباس داخلي لأطفالي؟ ".
من جهة أخرى، عبّر الشاب سليمان والذي يتنقل بين سوريا وتركيا بشكل مستمر عن انزعاجه مما يحدث على المعبر، مؤكدا أن الشاحنات المحملة بمختلف المواد، حسب قوله، تحظى بتسهيلات للمرور، بينما يتم تفتيشه بشكل دقيق عند العبور، ويمنع من إحضار بعض المواد إلى أسرته المقيمة في تركيا.
ويقول سليمان: "يفتشون حقيبتي وكأنني أحمل فيها المخدرات، ويمنعونني من جلب الشاي والسكر واللحوم المعلبة لإطعام أطفالي في تركيا، بينما شاحنات القطن المغطاة تعبر حتى دون أن يتم تفتيشها، ودون أن يتم التأكد أنها تحتوي على القطن فقط، فمن الممكن إخفاء الكثير من الأمور داخل القطن".
وتابع سليمان: "عليهم أن يعملوا على تصنيع القطن الذي يتم بيعه في تركيا داخل سوريا لسد الاحتياج المحلي، بدل أن يفكروا في أرباح سريعة تصل إلى جيوبهم يدفعها المستهلك تقسيطاً من قوت عياله".
الجدير بالذكر أن معبر باب الهوى يقوم في كثير من الأحيان بمنع دخول السيارات عبره إلى تركيا، ويسمح فقط للمشاة بالعبور، وذلك بسبب الاضطرابات التي تحدث بين الفينة والأخرى بين الفصائل عند المعبر من الجانب السوري حول السيطرة على المعبر، ما يجعل معبر باب السلامة مكاناً مزدحماً جداً للقادمين والمغادرين.
وتسمح السلطات التركية بعبور أعداد محدودة من السيارات يومياً، الأمر الذي يجعل شاحنات القطن تلك مصدر إعاقة لحركة الأهالي والنازحين، بحسب شهود أكدوا أن التسهيلات المقدمة لشاحنات القطن تؤدي إلى انتظار باقي السيارات لفترات طويلة جداً.