الانتخابات البرلمانية القادمة في
تركيا من المقرر إجراؤها في يونيو / حزيران 2015، وستحدد اللجنة العليا للانتخابات موعدها في وقت لاحق. وهذا يعني أن حوالي سبعة أشهر فقط تفصلنا عن إجراء انتخابات هامة قد تغير الخارطة السياسية في تركيا. ومن الطبيعي أن تكون في الساحة السياسية تحركات وانشقاقات وتحالفات قبل هذه الانتخابات التي لن يتمكن عدد من النواب من الترشح مرة أخرى ضمن قوائم أحزابهم.
النظام الداخلي لحزب
العدالة والتنمية يحظر على نوابه الترشح لأكثر من ثلاث فترات متتالية، ولم يغير الحزب المادة المتعلقة بهذا الحظر، بل أصر على تطبيقه، وسيتم تطبيق هذا الحظر لأول مرة في تاريخ السياسة التركية في الانتخابات البرلمانية القادمة، وهذا يعني أن عددا من أقطاب الحزب ونوابه لن يتمكنوا من الترشح مرة أخرى. وهل سيستقيل بعض هؤلاء من حزب العدالة والتنمية قبيل الانتخابات ليترشحوا ضمن قوائم أحزاب أخرى؟ ليست هناك مؤشرات حتى الآن تشير إلى ذلك، ولكن هذا لا يعني أيضا أن الأمر مستبعد تماما. ومع ذلك، يبدو حزب العدالة والتنمية الحاكم أكثر هدوءا من الأحزاب المعارضة وأكثر جهوزية لخوض الانتخابات.
حزب
الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، قد يشهد غليانا في الأيام القادمة، وسط اتهامات موجهة لرئيس الحزب كمال كلتشدار أوغلو وسياساته بالانزلاق نحو اليمين، بعد تحالف الحزب في الانتخابات الرئاسية مع حزب الحركة القومية وجماعة كولن، واستيراد سياسيين من الأحزاب اليمينية وترشيحهم لتولي مناصب هامة، مثل ترشيح منصور ياواش لرئاسة بلدية أنقرة في الانتخابات المحلية السابقة مع أنه كان مرشح حزب الحركة القومية لرئاسة بلدية أنقرة في الانتخابات المحلية التي جرت في 29 مارس / آذار 2009. وكذلك انضمام مهمت بكار أوغلو إلى الحزب وتعيينه نائبا لرئيسه أثار موجة من الاستياء في صفوف أعضاء الحزب، لأنه كان يمارس السياسة قبل انضمامه إلى حزب الشعب الجمهوري في الأحزاب الإسلامية مثل أحزاب الرفاه والفضيلة والسعادة التي أسَّسها "أبو الإسلام السياسي في تركيا" نجم الدين أربكان وحزب صوت الشعب الذي أسسه نعمان كورتولموش.
وكأول مؤشر لاقتراب العاصفة في حزب الشعب الجمهوري، استقالت النائبة أمينة أولكر تارهان من الحزب احتجاجا على رئيسه كلتشدار أوغلو وسياساته، وبعد أيام من استقالتها أعلنت تارهان تأسيس "حزب الأناضول"، ومن المتوقع أن تتوالى الاستقالات من حزب الشعب الجمهوري في الأيام القادمة وأن ينضم بعض هؤلاء إلى هذا الحزب الجديد.
النائب إدريس بال، المنتمي لجماعة فتح الله كولن، أعلن قبل أسبوعين تأسيس حزب سياسي جديد سمَّاه "حزب التقدم الديمقراطي"، وكان بال استقال من حزب العدالة والتنمية بعد اشتداد الأزمة بين الحكومة التركية وجماعة كولن، واعتبرت وسائل الإعلام التركية الحزب الذي أسسه النائب بال "حزب جماعة كولن"، وبعد يوم واحد من تأسيس الحزب أعلن أحد مؤسسيه استقالته بحجة عدم وجود أجواء ديمقراطية في الحزب. وقالت وسائل إعلام الجماعة إن النائب حاقان شوكور، اللاعب السابق للمنتخب التركي لكرة القدم، سينضم إلى حزب إدريس بال إلا أن شوكور نفى هذه الأنباء.
وزير الداخلية التركي الأسبق إدريس نعيم شاهين، المقرب من جماعة كولن، هو الآخر يستعد لتأسيس حزب سياسي جديد، وكان شاهين من مؤسسي حزب العدالة والتنمية إلا أنه استقال من الحزب الذي أسسه احتجاجا على موقف الحكومة من جماعة كولن، وقيل آنذاك إن الجماعة أجبرته على الاستقالة. وذكرت وسائل الإعلام التركية أن شاهين سيضم إلى حزبه الجديد أسماء شهيرة مثل منصور ياواش مرشح حزب الشعب الجمهوري لرئاسة بلدية أنقرة في الانتخابات المحلية الأخيرة وأرتوغرول غوناي وزير الثقافة السابق الذي استقال من حزب العدالة والتنمية إلا أن كلاهما أكد عدم رغبته في الانضمام إلى حزب شاهين.
القوانين تشترط على الأحزاب السياسية في تركيا استكمال تشكيل فروعها في 41 محافظة على الأقل من أصل 81 محافظة للمشاركة في أي سباق ديمقراطي، بمعنى آخر لا يكفي تقديم أوراق تأسيس الحزب إلى وزارة الداخلية لخوض الانتخابات، وقد لا تتمكن هذه الأحزاب الجديدة من تحقيق هذا الشرط إلى أن تعلن اللجنة العليا للانتخابات أسماء الأحزاب التي ستخوض الانتخابات، حتى وإن تمكنت من ذلك فإنها لن تجد فرصة كافية للاستعداد للانتخابات نظرا لضيق الوقت.