تباينت أراء النخب السياسية في
اليمن، إزاء مبادرة وزير خارجية سلطنة
عمان، الهادفة لاستيعاب تفاعلات المشهد السياسي بالبلاد، حيث ينظر إلى أنها مبادرة أتت بإيعاز من
إيران التي تتمتع بعلاقات جيدة مع مسقط، لإعطاء شرعية إقليمية للمتغيرات التي فرضتها جماعة "أنصار الله "الشيعية في الساحة السياسية بالبلاد.
وذهب سياسيون آخرون إلى أن السلطات العمانية، أرادت بحسن نية، لعب دور سياسي، من شأنه وضع معالجات جديدة، للازمة التي تعصف بجارتها.
المبادرة تنسف العملية السياسية
ويرى مستشار الرئيس اليمني فارس السقاف أن "الحديث عن مبادرة خليجية جديدة تقوده سلطنة عمان، مجرد تمنيات، تهدف إلى إعادة الزمن إلى ما قبل مبادرة2011 المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، ولذلك لم تجد قبولا من الأطراف السياسية، لانعدام فرص نجاحها".
وقال السقاف لــ"عربي21" إن "مبادرة الخليج التي رعت التسوية السياسية قبل ثلاثة أعوام، ماتزال قائمة، وماحدث فيها مجرد تعديل لتوسيع خارطة الشراكة الوطنية بضم
الحوثيين والحراك الجنوبي كشركاء جدد، غير أن القبول بمبادرة مسقط، معنى ذلك، نسف العملية السياسية، وإعادة المشهد اليمني إلى نقطة الصفر" على حد وصفه
وأوضح أن "مبادرة وزير خارجية عمان، لم يكن لها من دواع، سوى أن حالة التعثر التي تمر بها البلاد فيما يتعلق بتنفيذ المبادرة الخليجية، تهيأ لحكومة مسقط، مبادرة الخليج، قد فشلت، وخصوصاً عقب دخول الحوثيون العاصمة صنعاء في أواخر أيلول /سبتمبر مشيرا إلى أن اليمن، تسير في الواقع وفقا لمبادرة دول الخليج، رغم زعم الحوثيين أن
اتفاق السلم والشراكة "حرر القوى السياسية في صنعاء، من الوصاية الإقليمية والدولية".
ونفى السقاف أن "تكون حكومة مسقط، مدفوعة من قبل إيران" معتبراً الحديث عن دور إيراني في هذا السياق، مبالغ فيه"
وكانت الرئاسة اليمنية وقعت على اتفاق ما عرف بـ"السلم والشراكة "مع الحوثيين، عقب اجتياح صنعاء في 21 أيلول/ سبتمبر بمشاركة قوى سياسية.
دور عماني مقبول
بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي رشاد الشرعبي أنّ "اهتمام دولة عمان بوضع اليمن وأمنه واستقراره هو جزء من الدور المفترض للحفاظ على أمن السلطنة القومي بالدرجة الأولى كونها ظلت بعيدة عن التدخل في شأن اليمن سلباً أو إيجابا حتى الفترة الماضية على الأقل إعلامياً كواحدة من الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية".
ولفت في حديث خاص لــ"عربي21" إلى أن "المفاوضات الأمريكية والإيرانية، التي احتضنتها مسقط بصورة سرية ربما تسهم بدور على الساحة اليمنية بحكم علاقتها المتميزة بإيران التي صارت لها يد كبيرة فيما يحدث عبر جماعة الحوثي، والإصرار على خلق صراع طائفي مذهبي فيها، لا يتفق مع الواقع والتاريخ" على حد وصفه.
وقال الشرعبي إن "سلطنة عمان بدأ دورها يظهر في اليمن من خلال وساطات للإفراج عن مختطفين أجانب، بعيداً عن السلطات اليمنية، ثم وساطتها للإفراج الإيرانيين واللبنانيين المعتقلين كما تحدثت قيادات يمنية".
وطالب عمان بأن "تستخدم علاقتها المتميزة مع إيران لإقناع الأخيرة بالعدول عن مشروعها في السيطرة ودعم طرف أو طائفة ومذهب واستخدامهم كوكيل لها في البلد، بل الضغط على طهران لممارسة دور وفقا للآليات الدبلوماسية دون تمييز يتعلق بالمذهب أو الطائفة أو العمل كوكيل لها".
عمان تسعى لإنشاء مجلس عسكري باليمن
وفي السياق ذاته، قال رئيس مركز ساس للدراسات الخليجية عدنان هاشم إن "حديث وزير الشؤون الخارجية العماني عن مبادرة ثانية في اليمن يأتي استكمالا للدور الذي رسمته إيران لها، في الفترة التي سبقت، عملية اجتياح صنعاء من قبل الحوثيين، لإجهاض ما تبقى من المبادرة الخليجية الأولى". حد قوله
وذكر هاشم في حديث لــ"عربي21" أن "السياسة الإيرانية في اليمن، تتحرك وفق مزاج طائفي، عبر اذرعها الدبلوماسية والأمنية مستغلة حالة التقارب مع عمان من أجل ليّ اليد الخليجية في صنعاء".
وأوضح أن "سياسة مسقط، تسير وفقا للوجهة الإيرانية والإماراتية، في آن واحد، المسنودتين برضا واشنطن، لإنشاء مجلس عسكري يضم قيادات عسكرية حوثية بالإضافة للمواليين للنظام السابق لإلحاق ثورة فبراير بالمبادرة الخليجية كعملية معكوسة لثورة مضادة" على حسب تعبيره
ولفت هاشم إلى أن "سلطنة عمان تعول على الأوضاع الاقتصادية، وبما كسبته من الجنوبيين الفاريّن إليها، بممارسة عملية ضغط مزدوجة شمالا وجنوبا لصالح هذا المجلس الذي يحقق أطماع الثورة المضادة بكل تجلياتها الكارثية النابعة من تدهور حاد في مؤسسات الدولة" .
وكان وزير الخارجية العمانية، قد أعلن قبل أيام، عن مبادرة خليجية تتعاطي مع مستجدات المشهد السياسي اليمني، لكنها لم تلق استجابة من القوى السياسية المعنية في اليمن.