ضاعف الرئيس الأمريكي باراك أوباما عدد العسكريين العاملين في
العراق بصفة مستشارين ومدربين، ليصل العدد الإجمالي إلى 3000 عسكري سيتم توزيعهم على عدد من القواعد الجوية في بغداد وصلاح الدين وكلية القوة الجوية "سبايكر" في تكريت، وقاعدة البكر في ناحية يثرب 70 كم شمالي بغداد، وفي قاعدة عين الأسد قرب مدينة البغدادي غرب محافظة الأنبار.
ويقول مراقبون لـ"عربي 21" إن قرار الرئيس الأمريكي الذي كان مرتبكا في توصيف مبرراته وأهداف القوة التي سترسل إلى العراق، جاء بعد فوز الجمهوريين في انتخابات الكونغرس، ما يشير إلى أن أوباما قام بحركة استباقية لمواجهة الإخفاقات التي رافقت سياسته في العراق منذ أن قرر الانسحاب عسكريا عام 2011، والتي حمله الجمهوريون مسؤوليتها وخاصة في أن الأمن الأمريكي أصبح عرضة لخطر العمليات "الإرهابية" أكثر من أي وقت مضى.
ما أعلنه الرئيس أوباما في لقائه مع شبكة CBS من أن هذه القوات لن تشترك في عمليات حربية برية، ولكنها قد تخوض معركة للدفاع عن نفسها، أضاف كثيرا من الغموض على المهمات الحقيقية لهذه القوات، فالحدود الفاصلة بين خوض القتال والدفاع عن النفس لا يمكن تصورها، خاصة إذا تذكرنا التصريحات التي كان الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان المشتركة قال فيها إن الغارات الجوية غير كافية، ولا بد من وجود بري من أجل كسب المعركة، غير أن موقف حكومة حيدر العبادي، الذي يعكس رؤية إيرانية بشأن وجود عسكري أمريكي كبير على الأرض، وخشية أمريكية من تكبد القوات خسائر بشرية، حدّت من قدرة الرئيس الأمريكي على اتخاذ القرار الذي يناسب ظروف المواجهة الشرسة في العراق وسورية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (
داعش).
ومن أجل تهدئة جبهة الرفض الإيراني، كشف النقاب عن رسالة بعث بها أوباما في تشرين الأول/ أكتوبر إلى مرشد الثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، متخطيا الرئيس حسن روحاني، وتتضمن مقايضة التقدم في مفاوضات الملف النووي الإيراني بمنح دور أكبر لإيران في الحرب التي يخوضها التحالف الدولي الثالث على داعش. ويبدو أن التعامل الأمريكي الحذر مع زيادة عدد القوات الأمريكية العاملة في العراق يرجع إلى وعود أمريكية تضمن لطهران دورا أكبر في ملف الحرب على التنظيم من جهة، وعدم تعريض أمنها القومي للخطر جراء تزايد حجم الوجود الأمريكي في الأراضي العراقية.
وربما كان توقيت إعلان أوباما عن إرسال دفعة كبيرة من العسكريين الأمريكيين للعراق، بالتزامن عن الكشف عن رابع رسالة من أوباما إلى خامنئي منذ عام 2009، مؤشرا على أن الخطوة الأمريكية لم تكن لتحصل لو أن أجواء العلاقات بين واشنطن وطهران كانت على نفس الدرجة المفترضة من التوتر.
من جانب آخر، كشفت صحيفة "العرب اليوم" الصادرة في عمان في وقت سابق، نقلا عن مصدر عسكري عراقي، أن فريقا أمريكيا من الكوماندوس وصل إلى العراق يفترض أن يتألف، بعد استكمال وصول جميع عناصره، من 16 عنصرا لملاحقة أبي بكر البغدادي واغتياله. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفريق هو الذي قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن في وقت سابق.
وأكد المصدر أن سبعة من عناصر الفريق وصلوا إلى بغداد، وبدأوا بجمع معلومات وتأسيس قاعدة بيانات، فضلا عن تجنيد أشخاص محليين. وقال إن الفريق يعمل ضمن دائرة منعزلة عن الجيش الأمريكي والعراقي، وقام بثلاث زيارات إلى مواقع خارج بغداد، واصفا أعضاء الفريق بأنهم يجيدون اللغة العربية، وقد اتخذوا من مقر الحاكم المدني الأمريكي السابق بول بريمر في الجزء الجنوبي من المنطقة الخضراء مقرا لهم.
وذهبت صحف أمريكية إلى القول إن استراتيجية أمريكية جديدة بدأت تظهر معالمها، حتى ليخيل للمرء أن استراتيجيات الدول العظمى مثل الصداقات العابرة التي تنشأ بين مسافرين على مركب واحد، تنتهي بمجرد الوصول إلى المحطة الأخيرة، في حين أننا نعرف أن الاستراتيجيات مثل علاقات الزواج لا تتغير ما لم تنشأ مستجدات تفرض إعادة النظر بها.