تصاعدت الدعوات من شخصيات وفصائل
فلسطينية لانتفاضة ثالثة، ردا على اعتداءات
الاحتلال المستمرة على مدينة القدس والمسجد الأقصى، في الوقت الذي ما تزال
السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود
عباس يرفضان أي محاولة لتحويل الاحتجاجات الفلسطينية لهبة شاملة في الضفة الغربية.
وقد تجلت مظاهر إجهاض السلطة الفلسطينية لمحاولات إشعال انتفاضة جديدة في منع خروج المسيرات التضامنية، وملاحقة إعلاميين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقال مقاومين ونشطاء في الحراك الشبابي وأئمة مساجد، بالإضافة إلى استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال.
وتعتبر السلطة الفلسطينية أن قيام انتفاضة في الضفة الغربية هدف إسرائيلي، بحسب الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، الذي يشير إلى أن الاحتلال "يستغل حالة الهدوء في الضفة، لتعزيز بناء المستوطنات وتهويد الأرض والمقدسات".
وقال أبو شمالة لـ"عربي 21": "هنا تكمن الخطورة، وهو أن ما يظنه قادة السلطة في مصلحة القضية الفلسطينية؛ هو في الحقيقة في صالح إسرائيل".
درس انتفاضة 2000
وأكد أبو شمالة على أن انتفاضة عام 2000 التي أفرزت المقاومة المسلحة "شكلت لعباس درساً مفاده أن الانتفاضة تقود في النهاية إلى تمرد وسلطة شعبية شبابية جديدة"، لافتاً إلى "سعي عباس وسلطته، منذ محاصرة الرئيس عرفات، إلى وأد المقاومة ونزع سلاحها، وإلقاء القبض على المقاومين، وإغراء بعضهم بالمال".
واعتبر المحلل السياسي أن الرئيس عباس "نجح في إيصال الضفة الغربية للحالة التي يريدها من الهدوء، لأنه يدرك أن أي مظاهرات تضامن مع أي موقف فلسطيني مقاوم تعني انفجار الوضع وعودة الشباب الفلسطيني لأخذ زمام المبادرة".
وأشار أبو شمالة إلى وجود "تنسيق فوقي بين قيادات إسرائيلية وفلسطينية وعربية للتهدئة التي يعدها الإسرائيليون لصالحهم"، مضيفاً "الاحتلال يعشق الهدوء على طريقته، وهو جاهز لدفع الامتيازات والأموال مقابل توفير ذلك".
عباس لا يؤمن بالانتفاضة
من جهته؛ أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، الدكتور مخيمر أبو سعدة، أن الرئيس عباس "لا يؤمن بالانتفاضة المسلحة التي يعتقد أنها تثير حالة من الفوضى في الشارع الفلسطيني"، مضيفاً أنه "يؤمن أكثر بالمعارك القانونية والدبلوماسية".
وأجمعت القوى الفلسطينية المختلفة على ضرورة انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة قادة الاحتلال على ما ارتكبوه من جرائم حرب في غزة، إلا أن الرئيس عباس "يماطل" في ذلك حتى اللحظة.
وقال أبو سعدة لـ"عربي21" إن السلطة والقيادة الفلسطينية "ليست مرتاحة لدعم هبات الضفة المساندة للقدس"، مرجحاً أن لا يتعدى الدعم الفلسطيني الرسمي للقدس "حالات التنديد والاستنكار، والمسيرات الموسمية، مع استمرار المعارك القانونية والدبلوماسية في المحافل الدولية".
الانفجار يقترب
بدورها؛ انتقدت النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني سميرة الحلايقة، موقف السلطة الفلسطينية "الرافض لأي انتفاضة يرفع فيها أي نوع من السلاح في وجه الاحتلال"، داعية الشعب الفلسطيني إلى أن "يأخذ زمام المبادرة بنفسه، ويدافع عن مقدساته".
وطالبت الحلايقة السلطة الفلسطينية بأن "تتماشى وموقف الشعب الفلسطيني في الدفاع عن مقدساته"، مشددة على أن "المقاومة قرار سيادي للشعب الفلسطيني".
وحول تعويل السلطة الفلسطينية على استمرار حالة الهدوء في الضفة؛ قالت النائبة عن محافظة الخليل لـ"عربي 21"، إن "الأوضاع مهيأة للانفجار في أي لحظة"، مستدركة أنه "برغم عمليات التنسيق الأمني والقمع وتكميم الأفواه ومنع الحريات؛ إلا أن هناك عمليات ومواضع اشتباك مع الاحتلال في مناطق مختلفة بالضفة الغربية".
وأكدت الحلايقة أن الشعب الفلسطيني "لن يطلب إذناً من أحد، وسينتفض ضد من ينتهك مقدساته"، معربة عن أسفها لضعف التغطية الإعلامية حول العديد من مناطق الضفة الغربية التي تشهد مواجهات عنيفة ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد أكد في لقاء أجرته معه مؤخراً القناة العاشرة الإسرائيلية، أن السلطة نجحت في منع إطلاق رصاصة واحدة من الضفة الغربية باتجاه الاحتلال، طيلة فترة الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة.