قبل أن يجمعهما انتخابهما لقيادة الإخوان السوريين، جمع المراقب العام محمد
حكمت وليد مع نائبه
حسام غضبان اهتمامهما الفكري، وتوجههما الأكاديمي التكنوقراطي، والأوضح من ذلك شخصياتهما الهادئة.
محمد حكمت وليد طبيب من مدينة اللاذقية، أنهى دراسة الطب البشري من جامعة دمشق، ثم انتقل إلى بريطانيا ليختص في طب العيون، قبل أن يعود إلى جدة أستاذا مساعدا واستشاريا في تخصصه. كل من التقى وليد لاحظ تعقله وهدوءه، وكل من عمل معه لاحظ خبرته الإدارية، والتي اكتسبهما وزادهما طبيعة تخصصه الدقيق وحياته ودراسته في بريطانيا.
الجانب الآخر من وليد، هو الشاعر الأديب الذي يقول: "وقد كنتِ عينَ الجمالِ، وقلبي يحب الجمالَ .. فكيف تلومين قلبي، إذا ما استهام ومالا"، والذي نشرت عنه الصحف والمجلات، وله ديوان شعر، وضمته رابطة أدباء الشام التي كان أحد مؤسسيها.
أما
حسام غضبان، فقد غادر ريف دمشق ليدرس هندسة الكهرباء في الإمارات، ثم يتنقل في أكثر من بلد وأكثر من وظيفة، قبل أن يستقر به المقام في الأردن مهندس برمجيات.
غضبان منذ صغره كان مهتما بالقراءة والعلم الشرعي، فتوسع واختص في بعض العلوم، لتصبح سمة واضحة في شخصيته الباحثة، ومشروعا أساسيا عمل عليه للثورة، فمما قاله مثلا، في نقده لتنظيم الدولة: "قزم كثير منا لغلاة الشريعة لإقامة الحدود على خللهم في التطبيق والآن يقزمون النظام السياسي الإسلامي لخلافة لا أركان لها، وفي الحالتين ليس الخلل في الحدود أو الخلافة بل بالتطبيق المجتزأ".
سار وليد وغضبان في خطوط متباعدة داخل الجماعة، فوليد توجه نحو العمل السياسي ليترشح أكثر من مرة كمراقب عام توافقي، وكان نائبا في ولاية سابقة، واستلم رئاسة الحزب السياسي المنبثق عن الجماعة (وعد)، والذي سيقدم استقالته منه. بينما توجه غضبان نحو العمل الفكري والشبابي تحديدا، فاستلم مكتب الشباب محاولا تفعيل دورهم داخل الجماعة، واستلم عددا من المشاريع الفكرية الاجتماعية، داخل
سوريا وخارجها.
اجتمع وليد وغضبان، في كسر استثنائي للاستقطابات المعتادة في الانتخابات، بالقيادة الـ 12 للجماعة السورية، في وقت تعصف به سوريا بحرب دموية واسعة خلفت كارثة إنسانية هائلة، وتعقيدات إقليمية سياسية واجتماعية وفكرية، من ناحية، وتعصف بالجماعة تحديات بالقدرة والفعالية من داخلها، واتهامات من أطراف سورية معارضة بالسيطرة على مؤسسات المعارضة، وسط ضعف من المعارضة نفسها في حربها ضد الأسد، وسعيها لإيجاد مكان سياسي لها في السياسة الثورية والإقليمية والدولية.
فهل يستطيع المهندس تفكيك الحالة المعقدة، ليستطيع الطبيب علاجها، لتتحقق مثالية الشاعر، وأفكار الشرعي؟ وهل يكون هدوؤهما هدوءا يليق بالعاصفة، أم أنها ستجتحاهما بما تجتاحه من الأخضر واليابس؟ هذا ما يعد من الباكر الحكم عليه، لكن الأكيد أن أمامهما الكثير من الملفات والتحديات التي تحتاج منهما تأنيا وحكمة في أحيان، وقد تحتاج جرأة وقرارات استثنائية لهذه الحالة الاستثنائية في أحوال أخرى.