قتلوا
الحسين .. قتلوا الحسين ..
هب أنك واحد من أهل المدينة أو العراق أو الشام أو أي بلد مسلم في هذا الحين، تجلس بين أهلك، وإذا بصوت المنادي يسري بين الناس بالخبر المشئوم .. قتلوا الحسين .. أين أنت الآن، وماذا ترى؟
***
إن الضمير الأصولي، المؤسس لدين الملك، سواء عند أهل السنة أو الشيعة سواء بسواء، يخجل من تناول الحسين بن علي من هذه الزاوية الحادة، يحمل على من قتله، يبكيه، يخبرك من طرف خفي، أن صحابة النبي رضوان الله عليهم قد نبهوه، ونهوه عن الخروج ذلك ليرسب في لا وعيك مسئولية الحسين عن موته وبراءة قاتليه، فالثائر يستحق الموت، ولو كان على الحق، ولو كان الحسين بن علي، بل ولو كان الخصم طاغية، ولص، ولا حق له باتفاق الجميع ..
لكنهم لا يخبرونك بذلك صراحة، ذلك لأنه الحسين بن علي، سيد شباب أهل الجنة، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، الحفيد، الذي لن يستطيع أحد أن يلوثه بفعله، أو يفتري عليه بالباطل.
أنى لهم أن يقولوا إن الحسين مخرب، مشاغب، مفتئت، أو يقولوا إن حكم الحسين في الفقه الإسلامي هو الخروج على الحاكم، وأن البيعة كانت قد انعقدت ليزيد بن معاوية، وأنه خرج لقتاله، وأن "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم، فاقتلوه"، أنى لهم أن يخبروك أو يحدثوا أنفسهم أن الحسين في حكم الخوارج، فاقتل وأنت مطمئن، اقتل والله معك، اضرب في المليان .. لن يخبروك صراحة، وإن اعتقدوا .. أنه الحسين!
***
يوم خروج الحسين لمعركة الحياة وقف له ابن عمر، وقال: إني محدثك حديثا، إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل.
أخبرونا أن ابن عمر منعه، وأنه احتج عليه بالرواية، أخبرونا أن الحسين خرج، رغم ابن عمر، وجمع من الصحابة وقفوا له لمنعه، لكنهم لم يخبرونا، لماذا سمع الحسين حديث بن عمر عن جده، عليه السلام، ورغم ذلك خرج؟!
لماذا لم يهتز الحسين؟ .. لماذا لم يثنه خطاب الحكمة السياسية المدعاة؟، لماذا لم يعد حساباته أمام خطاب الزهد في الحكم، والترفع عنه، لماذا لم يستدع بدوره "دعوا الشرعية تعمل، فالخروج على الشرعية حرام حرام حرام".
إن الدنيا التي عرضها جبريل على "محمد" من أجل نفسه، لم تكن تلك التي خرج لها "الحسين" من أجل الناس.
***
" إن
يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق، ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريماً بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك هذا كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم (!!!)
ابن تيمية
***
هل كان قتل الحسين بن علي قرارا هينا إلى الدرجة التي يستطيع معها أحدهم أن يتحمله وحده، دون "تفويض"؟
***
إن مبارك لم يأمر بقتل الثوار في 25 يناير.
أحدهم
***
كل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين رضي الله عنه، فإنه من سادات المسلمين، وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله التي هي أفضل بناته، وقد كان عابداً وسخياً، ولكن لا يحسن ما يفعله الناس من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنع ورياء، وقد كان أبوه أفضل منه فقتل، وهم لا يتخذون مقتله مأتماً كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين، وكذلك عثمان كان أفضل من علي عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصور في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلي في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن، ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتماً، ورسول الله سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله، ولم يتخذ أحدٌ يوم موتهم مأتماً.
ابن كثير
***
ولماذ نحزن كل هذا الحزن على قتلى رابعة، ألم يمت في الإسلام سوى أهل رابعة، ألم يمت في
الثورة سوى قتلى رابعة ..
أحدهم
***
ما زال الحسين ينزف دما.. وما زال يزيد يحكمنا بسيفه وفقهائه من المحيط إلى الخليج.. لا فرق بين سني وشيعي.. كلهم يزيد.. ذلك لأننا لم نفصل في أمر الحسين بعد.. ثائر أم خارجي مخرب؟