أكد مراقبون ومحللون سياسيون أن التسرع
المصري في إلقاء اللوم على قطاع
غزة بشأن العمل الارهابي الذي أودى بحياة ثلاثين جندياً مصرياً، ليس سوى تعبير عن "فشل النظام في مصر"، وأجمعوا على أن الاستقرار الأمني في مصر يمثل مصلحة للفلسطينيين.
وأكد الأكاديمي الفلسطيني المعروف، وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الستار قاسم أن مصر تعيش حالة من التخبط والتسيب الأمني، وأن الاتهامات السريعة التي تلقي بها في الجريمة الأخيرة على عاتق الفلسطينيين في غزة ليست سوى محاولة للهروب من حالة العجز التي يعيشها النظام في مصر.
وقال قاسم في تصريحات لــ"عربي21" تعقيباً على التطورات الأخيرة في
سيناء وانعكاسها على قطاع غزة: "إنهم يبحثون عن شماعة يعلقون عجزهم عليها، فلا يجدون إلا الشعب الفلسطيني"، وأشار إلى أن "الموقف المصري لا يستند الى أي معلومات والدليل على ذلك هو سرعة الاتهامات".
الماكنة الدعائية المصرية
ويرى قاسم في حديثه لـ"عربي21" أن موقف الحكومة المصرية ووسائل الإعلام المختلفة من شأنه أن يحرض الشارع المصري ضد الشعب الفلسطيني، حيث سرعان ما انطلقت الماكنة الدعائية المصرية من خلال وسائل الإعلام المختلفة من كيل الاتهامات والتحريض على ضرب غزة.
وكان أكثر من ثلاثين جندياً مصرياً قد لقوا حتفهم الجمعة الماضية في منطقة الخروبة بالشيخ زويد شمال سيناء، وهي المنطقة التي تقع بجوار مدينة رفح المصرية على الحدود مع قطاع غزة، فيما أصيب 39 آخرين يجراح. واتهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي "أطرافا خارجية" بالوقوف وراء الاعتداء، مؤكداً أنه سيتخذ إجراءات جديدة على الحدود مع قطاع غزة للحد من "مشكلة الإرهاب".
ورداً على هذه الاجراءات والاتهامات يقول الدكتور قاسم: "النظام المصري يبحث عن مبرر لعجزه، ولذلك يضع المسؤولية على عاتق الشعب الفلسطيني"، مؤكداً أن "الفلسطينيين وفصائل المقاومة ليس لهم علاقة بما يجري في سيناء".
المنفذ الوحيد للقطاع
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية أن "المخابرات والأمن المصري مخترق من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأمريكا"، موضحاً أن "هناك عناصر إسرائيلية وأمريكية هي التي تحضر لمثل هذه الأعمال في سيناء، كي تؤجج الصراع ما بين المصريين والفلسطينيين".
وبين أن "من نفذوا هذه العملية كانوا يريدون دفع الحكومة المصرية الى تشديد الحصار على قطاع غزة، مما يتسبب بضرر كبير على الفلسطينيين" من خلال إغلاق معبر رفح.
ويرى قاسم أن المطلوب من المقاومة الفلسطينية في هذه المرحلة هو "أن تبحث لها عن أصدقاء آخرين غير مصر، لأنها ليست صاحبة إرادة حرة وتأتمر بأوامر الأخرين"، متهماً الرئيس المصري أنه دوماُ "يسارع لتوجيه الاتهامات للمقاومة الفلسطينية".
تخدم القضية الفلسطينية
من جانبه شدد الدكتور ناجي شراب المحلل السياسي على أن الحقيقة التي يجب أن ندركها أن "أمن واستقرار مصر مصلحة فلسطينية عليا، وليس من المصلحة الفلسطينية تهديد الأمن المصري".
وأشار شراب في حديثه لـ"عربي21" أن "هناك حملة إعلامية واسعة تستوجب تفنيد هذا الاتهام واتخاذ قرارات واضحة في هذه المرحلة"، مؤكدا أن ما حدث في سيناء "ستكون له تداعيات سلبية جدا على قطاع غزة".
وأضاف أن من التداعيات السلبية "تعميق حالة الكراهية من خلال الحملة الإعلامية التي يتعرض لها الفلسطينيون".
ويخالف شراب ما ذهب إليه قاسم من ضرورة البحث عن ما أسماه "أصدقاء آخرين غير مصر"، إلى ضرورة تعزيز العلاقات مع مصر لأن "المستقبل السياسي لغزة يرتبط بمصر أكثر من غيرها ".
عملية داخلية مصرية
من جانبه يرى المحلل السياسي الدكتور هاني البسوس أن هجمات سيناء "هي عملية داخلية مصرية، ليس لها علاقة بالشأن الفلسطيني"، معتبراً أن إغلاق معبر رفح الحدودي "يحمل في طياته إتهاماً لغزة، وهذا أمر لا يجوز، لأن الفصائل الفلسطينية كلها نفت أي علاقة لها، وقدمت التعزية والمواساة للشعب المصري".
وقال البسوس لـ"عربي21" إن "غزة هي خط الدفاع الأول للأمن المصري"، مؤكداً أن إغلاق معبر رفح "سيؤثر بشكل سلبي على حياة الناس خاصة وأن هناك حاجة لإعادة إعمار غزة"، مضيفاً أن "توقف المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال له تداعيات سلبية، والتي كان من المفترض أن تبحث العديد من القضايا الهامة مثل وقف إطلاق النار والحدود والمعابر".
وكان القيادي في حركة حماس الدكتور صلاح البردويل عبر عن رفض حركته لما حدث، داعياً "كل العقلاء لإدانة سفك الدماء".