يستعد ملايين الناخبين
التونسيين للادلاء بأصواتهم في
الانتخابات التشريعية التاريخية المقررة يوم الأحد السادس والعشرين من تشرين أول/ أكتوبر الحالي، والتي ستكون قبل شهر واحد من انتخابات رئاسية توصف هي الأخرى بأنها ستكون تاريخية وترسي ملامح الديمقراطية في البلاد، في الوقت الذي يتوقع فيه محللون أن تعود حركة النهضة التونسية لتتصدر المشهد السياسي مجدداً مع ارتفاع شعبيتها التي كشفت عنها آخر استطلاعات الرأي.
وتتوزع الأغلبية الساحقة من الناخبين التونسيين -بحسب استطلاعات الرأي- بين تأييد حركة النهضة الاسلامية التي كانت قياداتها منفية في الخارج بالكامل، وبين حركة "نداء تونس" التي استقطبت عدداً كبيراً من رموز نظام الرئيس الهارب زين العابدين بن علي حتى اعتبرها بعض التونسيين محاولة للانقلاب على الثورة وإعادة انتاج نظام بن علي.
وتوقع محلل سياسي تونسي أن تحصد حركة النهضة الاسلامية 37% أو أكثر من أصوات الناخبين التونسيين وتتصدر المشهد الانتخابي أمام نسبة تقل عن 15% لحركة "نداء تونس"، مشيراً في حديث خاص لـ"عربي21" الى أن "القاعدة الانتخابية الصلبة والثابتة للنهضة تتراوح بين 20% و25% من أصوات الناخبين، بينما تستطيع الحركة بفضل تجمعاتها الانتخابية والدعاية التي تقوم بها ان تحصد بين 10% و15% اضافية من الأصوات"، على حد تعبيره.
ويقدر محللون للمشهد الانتخابي في تونس أن تحصد حركة "نداء تونس" نحو 10% من أصوات الناخبين فقط، مشيرين الى أن "ثمة مبالغة في تقدير الحجم الحقيقي للحركة في الشارع التونسي، خاصة مع وجود عدد من رموز النظام السابق الذي لا يحظى بأي شعبية في صفوفها".
وتشير بعض الاستطلاعات في تونس الى أن ما بين 40% الى 50% من الناخبين لم يحسموا موقفهم حتى اللحظة، وهو ما يجعل من هذه الانتخابات ساخنة وتاريخية، فضلاً عن أنها ستكون مؤشراً بالغ الأهمية على الانتخابات الرئاسية التي ستجري الشهر المقبل، وخاصة بالنسبة لزعيم "نداء تونس" الباجي قائد السبسي الذي يراهن على فرصه في الوصول الى الرئاسة.
رعب في أوساط اليسار والعلمانيين
وبينما تتزايد التوقعات بأن تنتهي الانتخابات في تونس الى فوز حركة النهضة الاسلامية، ومن ثم يعود التيار الاسلامي ليتصدر المشهد السياسي في البلاد ويلعب دوراً أكبر من ذلك الذي لعبه خلال الفترة القليلة الماضية، فان العديد من القوى العلمانية واليسارية يتزايد لديها القلق من فوز كاسح للاسلاميين.
أما الاستراتيجية التي تتبناها قوى اليسار والعلمانيين حالياً لمواجهة الفوز المحتمل للتيار الاسلامي، فهي التمهيد من الان للتشكيك بنزاهة الانتخابات وسلامة العملية الديمقراطية في تونس برمتها، وهو الأمر الذي يتردد في المضي قدماً به حزب "نداء تونس" بسبب أنه حتى لو خسر الانتخابات التشريعية فان طمعه الأكبر يظل في الوصول الى الرئاسة.
ورصد موقع "عربي21" العديد من التصريحات على ألسنة مسؤولين في القوى العلمانية واليسارية التي بدأت منذ الان التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، من أجل المضي قدماً بهذا المسار في حال فوز التيار الاسلامي، ومن ثم القول إن "الانتخابات برمتها فاسدة".
وكان القيادي في الجبهة الشعبية (يسار) زياد لخضر قال لإحدى الاذاعات المحلية في تونس: "لن نقبل بنتائج الانتخابات إذا لم تظهر حجمنا الحقيقي في البلاد".
كما كان لخضر قد اعترض بشدة وانتقد نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة (سيغما كونساي) وأظهر أن 6% فقط من الناخبين التونسيين يمنحون أصواتهم للجبهة الشعبية، وهو الاستطلاع الذي رفضه لخضر أيضاً، وقال إن الجبهة الشعبية تمثل التيار الثالث في البلاد من حيث الحجم بعد كل من "النهضة" و"نداء تونس".
النهضة.. الأوفر حظاً
وقال تقرير لجريدة "فايننشال تايمز" البريطانية اليوم الجمعة إن حركة النهضة الاسلامية التي تركت الحكم بمحض إرادتها لإنهاء أزمة سياسية في البلاد أصبحت الان "الأوفر حظاً في الانتخابات الى جانب حزب نداء تونس".
ونقلت الصحيفة عن زعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي قوله إن حزبه يستعد للدخول في ائتلاف حكومي مع العلمانيين بعد الانتخابات، وربما يتضمن الائتلاف مسؤولين سابقين في نظام المخلوع بن علي.
وقال الغنوشي: "ليس لدينا فيتو ضد أي شخص يعمل ضمن الدستور، نريد تحالفاً وطنياً في الحكومة، لأن ديمقراطيتنا لا تزال انتقالية وغير مستقرة".
يشار الى أن ملايين التونسيين من المقرر أن يتوجهوا الى صناديق الاقتراع للادلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية يوم الأحد 26-10-2014 على أن الانتخابات الرئاسية تجري الشهر المقبل.