أظهر تقرير نشره معهد البحث ومحاربة تزوير الأدوية الفرنسي (IRACM) أن
موريتانيا أصحبت مصدر توزيع للأدوية المزورة الرئيسي في
غرب إفريقيا، معتبرا أن عشرات الأطنان من الأدوية تصل إلى السوق الموريتانية كل عام، ويتم توزيعها داخل البلاد وفي دول غرب إفريقيا بطرق ووسائل مختلفة.
وأظهر تقرير المعهد الفرنسي أن تزوير الأدوية في موريتانيا تفاقم بشكل مذهل منذ العام 2004 مع اعتماد قانون جديد يسمح لكل موريتاني بافتتاح صيدلية لبيع الأدوية بشرط حصوله على اعتماد من حامل شهادة في الصيدلة.
وأعدت صحيفة "الأخبار" الموريتانية الأسبوعية في عددها الصادر اليوم الأربعاء تحقيقا تتبعت من خلاله عشرات
الشبكات التي تنشط في تزوير الأدوية الأغلى ثمنا والأكثر استخداما، من أدوية ضغط الدم إلى وسائل التخدير، مرورا بالمضادات الحيوية بكل أنواعها. ويتم التزوير أحيانا بشكل يجعل التفريق بين المنتج المزور والأصلي مستحيلا دون اللجوء إلى المختبرات.
وحسب الصحيفة، فتنشط هذه الشبكات بين عدة دول إفريقية، عبر طرق
تهريب تربط موريتانيا بغينيا كوناكري وغينيا بيساو، كما أن بعض هذه الشبكات بدأت في استخدام الطرق التقليدية لتهريب المخدرات، والتي تمر عبر الصحراء الكبرى، وقد ضبطت إحدى شحناتها من طرف السلطات الجزائرية خلال الأسابيع الأخيرة.
وتوفر هذه الشبكات عشرات الأطنان سنويا، وتعتمد عليها بعض الصيدليات التابعة لشركات توزيع رسمية، في توفير بعض الأدوية.
وتشكل أسواق غينيا كوناكري أكبر ملتقيات المنطقة، حيث يتجمع فيها سماسرة
الأدوية المزورة، في الصين والهند ونيجيريا وغانا وساحل العاج.
وحسب تقرير صحيفة "الأخبار الأسبوعية"، فإن تجارة الموت المستفحلة في موريتانيا تخلف سنويا آلاف القتلى دون أن يتم الكشف بشكل رسمي عن هذه الأرقام، أو تحديد المسؤولين عنها من المتاجرين في هذه المواد شديدة الحساسية.
ويقدر المعهد عدد قتلى الأدوية المزورة في إفريقيا بـ100 ألف قتيل سنويا، في حين لا توجد أي إحصائيات عنها في موريتانيا.
ويؤدي غياب أي دور للجنة الأخطاء الطيبة الموريتانية إلى التغطية على عشرات العمليات التي تودي بحياة المرضى، كما أن عدم تبليغ الأطباء والممرضين – وأهالي المرضى – عن الأدوية المزورة يساهم في استمرار هذه العمليات.
وقال مصدر بوزارة الصحة الموريتانية لـ"عربي21"، إن إجراءات جديدة تم اعتمادها خلال الأسبوع الماضي من أجل وضع حد لفوضى الأودية، مؤكدا وجود أخطاء كثيرة في مجال ضبط سوق الأدوية في البلاد.
وقال المصدر، إن وزارة الصحة باشرت أمس إغلاق عدد من الصيدليات التي لا تتوفر على معايير، مضيفا أنه تم بالفعل إغلاق عدد من هذه الصيدليات.
وتفيد تقارير غير رسمية أن قيمة الأدوية المزورة بغرب إفريقيا تصل إلى حوالي 5 مليرات دولار، فيما أكد مصدر جمركي موريتاني تحدث لـ"عربي21" أن الجمارك الموريتانية تحتجز سنويا مئات الأطنان من الأدوية المزورة، مضيفا أنه مع ذلك تعجز الجمارك الموريتانية عن ضبط كل هذه الأدوية بفعل قوة تأثير السماسرة.
ورجح المصدر أن يكون هؤلاء السماسرة الموريتانيين والأفارقة يحصدون ملايين الدولارات من هذه الأدوية سنويا.
وتساهم تجارة الأدوية المزورة في ضخ مبالغ معتبرة من العملات الصعبة بدول غرب إفريقيا، لكنها مع ذلك تحمل الموت لسكان القارة التي تعاني من انتشار العديد من الأوبئة وتصنف أغلب دولها بأنها تحت خط الفقر.
ويرى الصيدلاني أحمد ولد سيد أحمد، أن ضعف الرقابة من الجهات الحكومية الموريتانية بل والإفريقية وغياب الضمير المهني، هي أبرز أسباب الانتشار الحاصل للأدوية المزورة في القارة الإفريقية وفي موريتانيا بشكل خاص.
وقال ولد سيد أحمد في تصريح لـ"عربي21"، إن وزارة الصحة الموريتانية والهيئات الرقابية على المنافذ البحرية والبرية مطالبة بتعزيز جهودها للحد من الفوضى الحاصلة، معتبرا أن المتاح من المخابر ليس له القدرة على كشف ما إذا كانت الأدوية مزورة أم أصيلة، وهذا هو أكبر عائق ربما يواجه موريتانيا في موضوع الرقابة على الأدوية، على حد قول أحمد.