مقالات مختارة

يكفي إلى هذا الحد.. هناك من يرغب في الزج بتركيا في الحرب!

1300x600
كتبت تولو قومش تكين: الضغوط تتزايد على تركيا، كل يوم، من أجل الزج بها في صراع ليست طرفا فيه بأي حال من الأحوال، صراعٍ غير قابل للتسوية. وليس من الواضح، نوعية هذه الضغوط، ولا من يريد القيام بها. ومؤخرا طلب الفيلسوف الفرنسي "برنارد هنري ليفي" المشهور بإقناعه الرئيس الفرنسي السابق "نيكولا ساركوزي" بالمشاركة في حرب ليبيا، طلب من تركيا تعبئة قواتها البرية، والدخول في الحرب من أجل إنقاذ "كوباني"، والقضاء على تنظيم "داعش".  لكن أن يطلب فيلسوف هذا المطلب، قد يكون له مغزى بالنسبة له، أما من الناحية السياسية والعلاقات الدولية، فلا توجد أي قيمة لمطلبه ولا ثقل على الإطلاق.

والآن نحن نرى الإعلام الغربي، والولايات المتحدة، يحملون تركيا منذ أسبوعين، المسؤولية الأولى عن المجازر التي تُرتكب شمال سوريا، وتعتمد كبريات الصحف الغربية والأمريكية المشهورة، على إبراز عدم رغبة تركيا في الدخول للحرب، على أنه خير دليل على تحملها مسؤولية ما يحدث في "كوباني – عين العرب". جميعها تؤكد على ضرورة دخول القوات المسلحة التركية بكامل فروعها – الجوية والبرية والبحرية- في تلك الحرب، من أجل إنقاذهم من الوضع الذي سقطوا فيه داخل العراق وسوريا. يطلبون ذلك، في حين أن القوات المسلحة الأمريكية لديها قدرات فائقة، فلو تتذكرون، هذه القوات استطاعت السيطرة على العراق في 2003 خلال 3 أسابيع فقط، لكن النقطة التي تدعو إلى الفضول، هل دخول القوات التركية بريا في سوريا سيحل الأمر؟.   

هكذا يتضح لنا أن الدول العظمى، أعطت إشارة البدء للدخول في عملية "تأسيس الديمقراطية"، نعم تأسيس الديمقراطية بالطرق العسكرية، ولكم أن تتخيلوا ما يمكن أن تسفر عنه هذه العملية من نتائج إجرامية في سبيل السعي لتحقيق الحرية للشعوب عن طريق جيوش الاحتلال.

كما تعلمون، تركيا تمكنت الشهر الماضي، من تحرير 49 من العاملين في قنصليتها بمدينة الموصل العراقية، بعد أكثر من 100 يوم اختطاف، لذلك كنا نراها قبل تحريرهم كانت تقف مكتوفة الأيدي أمام ذلك التنظيم الإجرامي المسمى "داعش". وبعد ذلك بنى عدد من الكتاب العالميين والمحليين، العديد من نظريات المؤامرة، التي دافعوا فيها، بدون خجل، عن وجهة نظرهم التي تقول إن تركيا هي من تركت عن عمد دبلوماسيها للوقوع كرهائن بالاتفاق مع "داعش" حتى لا تدخل في حرب مع الأخير.

وعقب الإفراج عن الرهائن، تم وبشكل سريع تشكيل تحالف دولي لا يعرف أحد ماهيته، بل والأكثر غرابة أنه طُلب من تركيا المشاركة فيه. ولم تختفِ نظريات المؤامرات عن هذه المرحلة أيضا، إذ خرج علينا أصحاب النظريات التي من هذا النوع، بنظريات مفادها، أن تركيا لن تشارك في التحالف المذكور، وأضافوا أنه يتعين عليها حينئذ ألا تكون عضوة في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

لكن على عكس المروجين لنظريات المؤامرة، أكد الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" في زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، للمشاركة في أعمال الجمعية للأمم المتحدة، أن بلاده ستكون ضمن التحالف، بل في مقدمته. 

وانطلاقا من هذه التصريحات، أخذت آلة الدعاية التي تحركت ضد السلطة في تركيا، تزيد من سرعتها بشكل كبير، وشكل القائمون على تلك الدعاية ما يمكن أن نسميه بحرب جماعية على تركيا. حرص هؤلاء على بث رسائل كل 6 ساعات من شأنها إرباك عقول الحلفاء جميعا، بما في ذلك الولايات المتحدة ذاتها المشوشة والمضطربة في الأساس، التي اقترحت دخول تركيا للحرب في أقصر وقت، وإقامة ممر إنساني لـ"كوباني".

وتركيا من جانبها ترى، أن مجرد الغارات الجوية، وتشكيل ممرات إنسانية، أمران لن يحلا شيئا من أصل المشكلة، لذلك اقترح الرئيس "أردوغان" استراتيجية مكونة من 3 خطوات:

أولها: تأسيس منطقة حظر جوي، من أجل قطع الدعم الجوي لـ"داعش" الذي مازال على اتصال بالنظام السوري.

ثانيها: تأسيس مناطق آمنة أو عازلة.

ثالثها: تسكين اللاجئين السوريين إلى هذه المناطق العازلة. مع إعداد المعارضين السوريين ليخوضوا حرب الاستقلال الخاصة بهم، وذلك في إطار برنامج "التدريب والتجهيز"، وإعدادهم لتأسيس الديمقراطية الخاصة بهم هم. 
 
ويتضح لنا مما قاله الرئيس التركي، أنه حتى اليوم لم يقترح أي من قادة الرأي، أو أي دولة، استراتيجية قوية وطويلة المدى مثل تلك التي اقترحها الرئيس "أردوغان". وفي إطار الاستراتيجية المذكورة، طلبت تركيا أن تكون هي القوة المحركة للتحالف الدولي من أجل دولة سورية لن يكون للأسد مكان فيها بعد ذلك. 

وختاما أقول إنه قد آن الأوان لينتفض الرأي العام التركي "ويقول كفى" للضغوط والافتراءات التي تتم بحق تركيا والسلطة الحاكمة بها من قبل كافة المعارضين، في كل يوم، بالرغم مما قامت به تركيا من جهود لا تُصدق في مجال المساعدات الإنسانية.

(صحيفة الصباح – الأربعاء 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2014)
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع