بعد انتقادات حادة وُجهت إليه عبر وسائل الإعلام، دافع وزير الموارد المائية والري
المصري، حسام
مغازي، عن زيارته مؤخرا لسد "النهضة" الأثيوبي، مؤكدا أن الزيارة تمت بعد الحصول على موافقة القيادة السياسية (يقصد عبد الفتاح السيسي).
وأضاف مغازي أن الزيارة تمت بصحبة "لفيف من خبراء السدود والمياه المصريين"، للوقوف على حقيقة ما يثار حول نسبة ما تم من أعمال بالسد، على حد قوله.
وزعم أن السد لم يبدأ تخزين المياه كما أعلنت وسائل الإعلام، وأن انتهاء المرحلة الأولى منه بسعة 14 مليار متر مكعب (التي توافق عليها مصر) لن يكون قبل عام ونصف العام تقريبا.
وأشار إلى أن نتائج الدراسات التي يقوم بها المكتب الاستشاري خلال ستة أشهر ستكون قد انتهت للأخذ بها في عين الاعتبار في مراحل إتمام بناء السد، بحسب رأيه.
وقال في مقال له بعنوان "زيارة
سد النهضة الأثيوبى.. لماذا؟"، في جريدة "المصري اليوم"، الثلاثاء، إنه منذ بداية الإعلان عن تنفيذ سد النهضة الأثيوبي في نيسان/ إبريل 2011، الذي يقع مباشرة على الحدود الأثيوبية- السودانية، ولا تتعدى المسافة بينه وبين الحدود 20 كم، ثارت شواغل كثيرة لدى الجميع، تتعلق بأمن مصر القومي.
وأضاف: "كانت هناك اتفاقات بين القيادات العليا بالبلدين على بدء حوار بشأن الآثار المحتملة لسد النهضة الأثيوبي على مصر، أسفرت عن تشكيل لجان فنية: الأولى كانت عبارة عن لجنة دولية عملت خلال الفترة من أيار/ مايو 2012 حتى أيار/ مايو 2013، والثانية عبارة عن لجنة ثلاثية وطنية بدأت أول اجتماعاتها في الفترة من (20-22) أيلول/ سبتمبر 2014، بغرض تنفيذ التوصيات التي وردت في التقرير النهائي للجنة الأولى، بناء على البيان المشترك من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء الأثيوبي".
وتابع: "قد يتساءل البعض عن أهمية أو ضرورة تكوين هذه اللجان، بينما تمضي
أثيوبيا في تنفيذ المشروع، لكن الواقع يقول إنه كان لزاما تشكيل وتفعيل هذه اللجان للوقوف على الأنشطة الفنية للمشروع، للربط بين ما ستسفر عنه الدراسات وما يجري تنفيذه على الأرض، لأنه حتى الآن لم يتم الاتفاق على أبعاد ومواصفات السد، ولم يتم تحديد آثاره، وكيفية مجابهة تلك الآثار، وهو ما يمكن أن تسفر عنه الدراسات المزمع إجراؤها خلال ستة أشهر".
وأشار إلى أنه كان هناك عدد من الزيارات لموقع السد، تخللت أعمال اللجنة الأولى (اللجنة الدولية للخبراء)، لكن كانت أعمال تنفيذ السد في مرحلة متقدمة، وكانت معدلات سير العمل تسير بوتيرة بطيئة، وذلك مرجعه إلى تجهيزات الموقع التي تستغرق فترة زمنية طويلة.
وأوضح أنه "منذ بدء اللجنة الثلاثية الوطنية في أيلول/ سبتمبر الجاري، وفي إطار ما يثار من تساؤلات في الفترة الأخيرة عن أن أعمال التنفيذ في السد وصلت لمرحلة متقدمة لدرجة أن بعض الصحف نشر أخبارا عن أن السد بدأ في تخزين المياه، وتوليد الكهرباء، كان من المهم إثارة هذه الشواغل المصرية مع وزير الموارد المائية الإثيوبي في الاجتماع الوزاري الرابع الذي عقد بالخرطوم في آب/ أغسطس 2014، وأسفرت تلك المحادثات عن توجيه الدعوة من قبل الوزير الأثيوبي لكل من نظيريه المصري والسوداني لزيارة موقع السد على هامش الاجتماع الأول للجنة الثلاثية الوطنية".
ما رأيناه
وأضاف مغازي في مقاله أن الزياة جرت في اليوم الثاني لعمل اللجنة الثلاثية، بحضور وزراء الدول الثلاث (مصر- السودان- أثيوبيا)، وبعض الفنيين المتخصصين من الدول الثلاث، وأن حضور الوزير المصري في تلك الزيارة كان ليس من منطلق منصبه الوزاري السياسي، وإنما "بعين فنية هندسية، وبحكم عملي كأستاذ جامعي، واستشاري هندسي؛ لرصد الأعمال التنفيذية للسد، والوقوف على تقدم سير العمل، والرد على التساؤلات التي أثيرت في الفترة الأخيرة"، ما أثار استغراب الناشطين من تصريحه.
وتابع بأنه "تم استقلال طائرة صغيرة من مطار أديس أبابا إلى موقع السد، في رحلة استغرقت قرابة ساعتين، لاحظنا خلالها الطبيعة الجغرافية الصعبة للهضبة الاستوائية، التي تتميز بوجود الجبال والغابات والأنهار الكثيرة التي تغذي
النيل الأزرق، والذي يغذي بدوره النيل بما يقرب من 60% من إيراده المائي مع انتشار اللون الأخضر الذي يغطي الهضبة، نظرا لغزارة الأمطار عليها.. وكلما اقتربنا من موقع السد، لاحظنا انتشار الصخور التي تشكك في إمكان الزراعة المروية من بحيرة السد في حال إتمام السد".
وقال إنه تم في خلال الزيارة تفقد أعمال السد الرئيسي (الجانبين الأيمن والأيسر)، مشيرا إلى أن الأبعاد المعلنة للسد تتمثل في ارتفاع قدره 145 مترا مقاسا من الأساسات، وطول السد 1800 متر، وتبلغ سعة بحيرة التخزين 74 مليار م3، وتوجد به محطتان لتوليد الكهرباء بقدرة 6000 ميجاوات، وكذلك تم تفقد أعمال السد المساعد: ارتفاعه 50 مترا، وطوله 5 كم (يرفع حجم التخزين من 14 مليارا الى 74 مليار م3).
وشملت الزيارة -بحسب الوزير- معامل اختبارات لضبط الجودة وأعمال الخلط والتكسير، التي تقوم بها شركة «ساليني» الإيطالية، مشيرا إلى أنه وضح أن هناك تأخيرا في سير العمل، بعد أن كان من المخطط بدء الملء، وتوليد الكهرباء في أيلول/ سبتمبر 2014، وأنه لا يوجد أي تخزين حالي في بحيرة السد، وأن أعمال محطات توليد الكهرباء في مراحلها الأولى.
وخلص مغازي إلى أن تلك المؤشرات تشير إلى أن أعمال التنفيذ في السد الرئيسي تعادل نسبة (15 - 20%)، وأن السد الرئيسي ما زال في مرحلة الأساسات، مؤكدا أنه من المنتظر افتتاح المرحلة الأولى في أيلول/ سبتمبر 2015، وأن السد الركامي ما زال في مرحلة ما تحت الأساسات.
ويذكر أن الرئيس الأثيوبي صرح بأن إثيوبيا قد انتهت من نسبة 40% من أعمال بناء السد، وهو ما رجحه خبراء، ومتخصصون.
لكن مغازي زعم أن الزيارة أوضحت أن بعض الأعمال متأخر كثيرا عن الجدول الزمني، وبصفة خاصة ما يتعلق بإنشاء السد المساعد.
وقال إن "ما رأيناه في موقع العمل يتيح مجالا للتفاوض بشأن أبعاد ومواصفات السد، وهو أمر شديد الأهمية بالنسبة لمصر، لما أكدته الدراسات الوطنية من خطورة التأثيرات السلبية التي يمكن أن تنجم عن السد بأبعاده المعلنة، وهذا يعتمد على مخرجات الدراسات التي سوف يقوم بها المكتب الاستشاري الدولي، في إطار أعمال اللجنة الثلاثية الوطنية"، على حد قوله.
مخرجات الزيارة 3 رسائل
واختتم الوزير المصري مقاله بالقول إن "أهم مخرجات الزيارة توجيه ثلاث رسائل: الأولى من مصر لأثيوبيا، هي أننا لسنا ضد أي تنمية أو توجه لتوليد الكهرباء لتحسين الوضع الاقتصادي للشقيقة إثيوبيا ما دام لا يؤثر على تدفقات المياه المتجهة لدول المصب. والثانية: مرحلة بناء الثقة بين الأطراف الثلاثة بدلا من الشكوك، وعدم الثقة، كما كان بالماضي، وهو الأمر الذي ينعكس على إيجابية مفاوضات اللجان الوطنية، ولمسه المفاوضون في الاجتماعات السابقة".
أما الرسالة الثالثة التي ادعاها، فهي رسالة من الوزير المصري للمصريين، وهي أن "السد لم يبدأ تخزين المياه كما أعلنت وسائل الإعلام، وأن انتهاء المرحلة الأولى منه بسعة 14 مليار متر مكعب (التي توافق عليها مصر) لن يكون قبل عام ونصف العام تقريبا، وأن نتائج الدراسات التي يقوم بها المكتب الاستشاري خلال ستة أشهر ستكون قد انتهت للأخذ بها في الاعتبار في مراحل إتمام بناء السد"، وفق مغازي.