حذر وزير البيئة المصري خالد فهمي من أنه بدءا من يوم الجمعة حتى الأحد المقبل ستشهد سماء محافظات مصر، وخاصة القاهرة، ارتفاعا ملحوظا فى "السحابة السوداء".
وكانت سحابة سوداء غطت الخميس، سماء القاهرة، وبعض المحافظات، بسبب حرق الفلاحين قش الأرز الناتج من أراضيهم، لتأهيلها لزراعة المحصول المقبل.
وقال فهمي في مداخلة ببرنامج "90 دقيقة" على قناة "المحور" الخميس إن موقع محافظة القاهرة الجغرافي الذي يجعلها بين هضبتي الأهرام والمقطم يجعل الرياح بها غير قادرة على تفتيت الملوثات في الهواء.
وتابع: "في القاهرة مليون و300 سيارة بالإضافة إلى 20 مليون نسمة، وهذا يجعل هواء القاهرة عبر السنة مشبعا بالملوثات، ويضاف إليها السحابة السوداء التي تأتي من المحافظات التي تحرق قش الأرز، وهو الأمر الذي يجعلنا أمام زيادة رهيبة في كمية الملوثات".
واستطرد: "الوزارة تتابع السحابة السوداء منذ شهر بالقمر الصناعي"، قائلا إن "أمريكا تقوم بتنظيم أوقات حرق قش الأرز وفق التغيرات المناخية، ونحن في مصر لا نستطيع أن نفعل ذلك كون قانون البيئة يمنع الحرق من الأساس"!
وأشار إلى أن وزارتي البيئة والزراعة يدرسان التعاقد مع الفلاحين لشراء قش الأرز، مضيفا أن السبب وراء ظهور السحابة السوداء في العاصمة هو حرق قش الأرز.
وأوضح أن القانون في البلاد لا يسمح بحرق المخلفات الزراعية، مؤكدا أن هناك متابعة جيدة من الوزارة لعمليات حرق قش الأرز، وأن هناك تقريرا يوميا يصل له عن عمليات الحرق يوضح القرى والمراكز التي تقوم به من خلال تقارير القمر الصناعي.
ومن جهتها، أكدت رئيس الإدارة المركزية للكوارث والأزمات البيئية، كوثر حفني، أن الظروف الجوية خلال الأيام المقبلة بمصر ستسهم بصورة أكبر في ظهور السحابة السوداء، وتشتت الملوثات الناتجة عن النشاط البشري في أثناء فترة النهار، إلا أنها قد تساعد على تراكم الملوثات من المصادر المحلية خلال فترة سكون الرياح ساعات عدة بعد منتصف الليل.
وأكدت ضرورة مراقبة الأنشطة الصناعية والمصادر المحلية والمخلفات البلدية جنوب القاهرة، وكذلك مراقبة الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية نهارا، على أن ينتهي قبل الثالثة مساء، ويمنع بعد ذلك حتى صباح اليوم التالي.
والأمر هكذا، حذر طارق عيد، أستاذ البيئة بالأكاديمية العربية من أن السحابة السوداء أصبحت عبئا على الاقتصاد المصري، والبيئة والصحة العامة للشعب المصري، وأن المصريين هم الذين يعانون من التأثيرات الصحية لهذه السحابة.
وأضاف عيد خلال مداخلة هاتفية له مع برنامج "صباح البلد"، على قناة "صدى البلد" الخميس أن تشكل السحابة السوداء يمكن أن يصيب المصريين بأمراض صدرية هائلة.
وناشد المحافظات ووزارة الزراعة التصدي لهذه الظاهرة، نظرا لخطورتها على حياة المصريين.
غياب البدائل
وقال أستاذ تخطيط البيئة والبنية الأساسية رضا حجاج إنه في ظل غياب البدائل المتاحة أمام الفلاح يصبح مغلوبا على أمره؛ لأن البديل الوحيد المتاح أمامه هو نقلها إلى مصانع التدوير، وهو ما يكلفه ثلاثة أضعاف قيمتها، فضلاً عن أن أغلب مصانع التدوير متهالكة، ومعطلة، على حد تعبيره.
وأشار حجاج إلى أن السبب الرئيس في تفاقم المشكلة هو غياب الإرادة الحقيقية للتغيير الإيجابي، مؤكدا أن قيمية المخلفات الزراعية تزيد سنويا عن 71 مليون طن سنويا، وأنها تمثل ثروة اقتصادية هائلة؛ إذ يمكن الاستفادة منها في صناعات حيوية كالأسمدة والغاز والأوراق.
وأكد رئيس مجلس إدارة جمعية التنمية الصحية والبيئية علاء شكر الله، أن السحابة السوداء تتسبب في أن يكون الهواء الذي يصل إلى المواطنين مكتوما، مما يعمل على زيادة نسبة التلوث، ويجعل البيئة خصبة لحدوث مختلف انواع الأمراض الصدرية والفيروسات المعدية، وصولا إلى إمكان حدوث مرض السرطان، وفق قوله.
المساحة المنزرعة بالأرز
وأضاف شكر الله أنه لا يمكن إجبار المواطنين على أن يلزموا المنازل في أثناء حدوث تلك الظاهرة التي تتكرر كل عام، ولكن يجب أن يكون هناك محاولة لحل أزمتها، وتناولها على مائدة البرلمان المقبل، خاصة أنه كثيرا ما خرجت التصريحات حول القضاء على تلك الظاهرة، ولم يتم تقديم حل ينهي تلك المشكلة.
ويُذكر أن المساحة المنزرعة بالأرز بمحافظات القاهرة والشرقية والغربية والدقهلية قلت عن العام الماضي، إذ بلغت عام 2013 نحو 835845 فدانا، بينما فى 2014 نقصت إلى 814767 فدانا.
كما بلغ حصاد الأرز فى النصف الأول من أيلول/ سبتمبر عام 2013 نحو 99 ألف فدان، بينما بلغ في ذات التوقيت العام الجاري نحو 77 ألف فدان فقك، وتم تجميع نحو 7871 طن قش أرز حتى الآن، وكانت أكثرها من خلال وزارة الزراعة وشركة أخرى.
كما ارتفعت نسبة المحاضر التى تم تحريرها لمخالفات حرق قش الأرز عن نفس الفترة من عام 2013، فى محافظات: القاهرة والشرقية والدقهلية، بينما قلت في محافظة الغربية.
وكانت الحملات التفتيشية بوزارة البيئة رصدت منذ بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر حتى الخميس 943 حريقا لمخلفات زراعية بفروع الشرقية والدقهلية والغربية.
واستغل مزارعو الأرز في عدد من المحافظات إجازة عيد الأضحى وغياب الرقابة، وبدأوا في حرق قش الأرز، ما تسبب في انتشار السحابة السوداء في سماء عدد من المحافظات، وتسببها في حالات اختناق بين المواطنين.
كما انتشرت السحب الدخانية على الطرق الرئيسية بالمحافظات، وتحولت فترات لليل فيها إلى حالة من الاختناق، وارتفاع في درجات حرارة الجو.
من جهتها، أتمت وزارة البيئة إعداد تقرير عن حالة تلوث الهواء وحرق قش الأرز والمخلفات الزراعية، وعلاقة تلوث البيئة بالأنشطة الصناعية المخالفة، وتأثيرها في زيادة معدلات الانبعاثات الحرارية، فضلا عن الإجراءات التي تنفذها الوزارة للحد من السحابة السوداء على القاهرة الكبري، تمهيدا لعرضه على مجلس الوزراء لدى اجتماعه خلال أيام.