تسببت عمليات
الخطف التي تقوم بها جماعات مسلحة لداوع مالية وسياسية إجرامية إلى زيادة مخاوف الناس وترهيبهم في مدن
العراق، في وقت تواجه البلاد تحديات أمنية لفتت أنظار الراي العام الدولي لخطورتها.
وسجلت اخر عملية خطف نفذتها مؤخرا جماعة من أربعة مسلحين مجهولين يستقلون سيارة نوع "سلفادور" بيضاء اللون باختطاف المواطن فالح عبد الرزاق السعدون في تقاطع أبو شعير بمنطقة الجزائر وسط البصرة، حيث اقتادوه تحت تهديد السلاح بسيارتهم إلى جهة مجهولة.
وقال اللواء في الشرطة العراقية محمد الجاسم لـ"عربي 21"، إن الشيخ المختطف الذي يبلغ من العمر 33 عاماً هو أحد شيوخ عشائر السعدون في قضاء الزبير، وربما يكون الاختطاف لأسباب طائفية وذات دوافع سياسية، خاصة أن قبيلة السعدون التي تنتشر في محافظات جنوب العراق وذات نفوذ اجتماعي بارز تتعرض لضغوط بالتهجير من مدن البصرة والناصرية والكوت منذ سنة تقريبا بدفع من جهات سياسية نافذة.
وأضاف اللواء أن أعمال الخطف التي تحصل في العراق وان كانت تتركز في مدن البصرة وديالى وبغداد تشكل أحد إفرازات العنف في المرحلة الحالية، فيما حذر خبراء أمنيون من خطورة تدهور الوضع الأمني في البصرة الواقعة لمسافة 490 كلم جنوب بغداد خاصة التي تنذر بتزايد حالات الخطف والسطو المسلح والاغتيال كونها تهدد حياة السكان الآمنين.
وسجلت البصرة الغنية بالمواد النفطية في أيلول الماضي حادثة اختطاف سيدة الأعمال والمستثمرة في البصرة سارة حميد ميران صاحبة مشروع سعفة البصرة السكني مع سائقها على يد مجموعة مسلحة ترتدي الزي الأسود أثناء خروجها من مديرية بلدية البصرة، حيث تعد هذه الحادثة إحدى عشرات حالات الخطف التي تم إخفاؤها عن وسائل الإعلام.
وعزا قائد شرطة البصرة اللواء فيصل العبادي ما يجري في البصرة من حوادث اختطاف تقع بين وقت وآخر، إلى الفراغات الأمنية التي تركتها مشاركة القوات الأمنية في المعارك التي تجرى في المناطق الغربية من البلاد، خاصة بعد أحداث العاشر من حزيران الماضي عقب سيطرة عناصر داعش على نينوى وصلاح الدين.
وتعددت حالات الخطف التي تحمل بصمات جهات سياسية طائفية بهدف
التهجير كما يحصل في الأنبار منذ مطلع 2013، ومنها تركت دلائل مادية وتتعلق بخطف الأطفال حيث يشترط لإطلاق سراحهم باستلام مبالغ يتم التفاوض عليها.
وعبر عدد من المواطنين عن خوفهم من ازدياد حالات خطف الأطفال والجرائم المسلحة، حيث بين عبد الكريم السعدون، أن الوضع الأمني المتدهور افرز ظروفا مناسبة لعصابات الخطف الإجرامية وتنفيذ مآربها في تنفيذ الجريمة وكسب المال.
ودفعت هذه المخاوف المواطنة أم سليم إلى مطالبة الحكومة للتحرك وحماية أرواح المواطنين وأعربت عن خوفها على أطفالها لمجرد خروجهم من باب البيت أو عندما يذهبون للتسوق وتلبية حاجات البيت، مطالبة الحكومة بتكليف متطوعين لحماية المناطق السكنية، فيما طالب الحاج علي سعدون بان يعاد العمل بنظام الحراسات الليلية من اجل استتباب الأمن في البلاد.
ويرى علماء الاجتماع بان ازدياد حالات الخطف ترجع لغياب سلطة الدولة واستهداف منظومة القيم الاجتماعية والسلوك الفردي وبالتالي حصول حالات الانفلات والفوضى بلا رادع امني أو سلطوي أو أخلاقي.
وقال الدكتور احمد الدليمي استاذ علم الاجتماع بجامعة بغداد لـ"عربي 21"، إن حالات الخطف وقتل الضحية ومن ثم استلام مبلغ لتسليم الجثة فهو خطف ذات دوافع انتقامية ويشكل اعلى درجات الجريمة، ويحمل بصمات أجندات سياسية تهدد كيان الوطن.
وبين أن هنالك نوع آخر من الاختطاف الاخر الذي يختص بالأطفال لسهولة الإمساك بهم بهدف الحصول على المال بطرق سهلة وشراء البيوت الفخمة كما يجري بالوقت الحاضر، وعزا أسباب استشراء الخطف بكلا الحالتين للفراغ الأمني الحاصل جراء ما يتعرض له البلد من أعمال عنف في جبهات عدة من العراق.
وشهدت الأشهر الأخيرة زيادة ملحوظة في نشاطات عصابات الجريمة الباحثين عن ثراء سريع فاعتبر الخطف للفدية تجارة مربحة، كما أصبح التهجير يتم من خلال خطف الرمز العشائري أو رجل الأعمال او رجل الدين وقتله ليكون رادعا للآخرين لترك منازلهم.