وليست هذه المرة الأولى التي يطالب فيها هؤلاء، السلطة "باتخاذ قرار جريء، يتم بموجبه إلغاء العقوبة"، لكن "اليوم العالمي لمناهضة عقوبة
الإعدام" المصادف ليوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، أعاد الجدل بخصوص إلغاء العقوبة إلى الواجهة، بين منظمات حقوق الإنسان التي تطالب برفع العقوبة، ورجال الدين الذين يدافعون على الإبقاء عليها بموجب "
القصاص".
ومنذ خمس سنوات كاملة من النقاش الحاد والمواجهات بين
رجال الدين ومعهم الأحزاب الإسلامية، في
الجزائر، وبين نشطاء حقوق الإنسان، ومعهم الأحزاب العلمانية، لم تحسم السلطة قرارها، بين الإبقاء أم الإلغاء.
ورغم أن المحاكم بالجزائر، تصدر أحكاما بالإعدام، أثناء محاكمة المسلحين، أو مرتكبي جرائم القتل، إلا أن هذه الأحكام لا تطبق، وكان آخر تنفيذ لحكم الإعدام، في العام 1993، في حق ثلاثة من المتورطين بتفجير مطار الجزائر الدولي، خلال البدايات الأولى للعمل المسلح ضد النظام في الجزائر، مباشرة بعد توقيف المسار الانتخابي كانون الثاني/ يناير 1992.
ومن جهته، قال رئيس لجنة الفتوى بالمجلس الإسلامي الأعلى، الدكتور محمد الشريف قاهر، إن موقف الهيئة من مسألة إلغاء حكم الإعدام "لا يمكن أن يخرج عن صريح النص القرآني"، وأفاد أن "القصاص كتب على المسلمين كما كتب عليهم الصيام".
وصرح قاهر خلال مؤتمر إقليمي حول "إصلاح
العقاب الجنائي" المنتظم بالعاصمة الجزائر، أن شيوخ المجلس "اجتمعوا لبحث ملف عقوبة الإعدام، واتفقوا جميعا على أن موقف المجلس الإسلامي الأعلى حيال المسألة هو ما جاء في القرآن، ويعني القصاص".
لكن رئيس "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان"، بوجمعة غشير، قال لـ"عربي21"، الأربعاء، إن "العدالة الجزائرية ليست بقدر من الكفاءة حتى تصدر أحكاما بالإعدام". وبنظره فإنه "قد تظهر تحقيقات جنائية تكون إضافية، أن شخصا نفذ بحقه حكم الإعدام لا يستحق العقوبة، وفي هذه الحالة لا يمكننا تصحيح الخطأ لأن المتهم قد مات"، وأرجع غشير هذه المسألة إلى " قصور التحقيقات، وحالة القضاء في أغلب الدول العربية".
وردا على حجج الدكتور قاهر، أوضح رئيس لجنة الفتوى بالمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، أن "الإسلام منح ولي الدم (ولي أمر الضحية) ثلاثة خيارات، بين القتل أو العفو أو قبول الدية". وقال إن "الرسول الكريم كان يشجع على العفو وقبول الدية".
وتصدر المحاكم بالجزائر، أحكاما بالإعدام يوميا، وأغلب الأحكام تصدر بحق مسلحين أثبتت التحقيقات أنهم تورطوا بأعمال إرهابية، لكن معظم الأحكام تصدر في غياب هؤلاء.
وأوضح غشير، أن الهيئة التي يرأسها، راسلت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، طالبة منه "إزاحة عقوبة الإعدام عن غرف الموت في السجون الجزائرية، والعمل بجد من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، واعتبرت الهيئة الحقوقية أن " هناك الآلاف من المحكوم عليهم بالإعدام ينتظرون التنفيذ في أروقة الموت". في إشارة إلى أن الأحكام القضائية من هذا النوع لا تنفذ.
بالتوازي مع ذلك، قالت عائلات متهمين محكوم عليهم بالإعدام لـ"عربي21"، الأربعاء، إن عدد من أبناءها المساجين صاروا يستعجلون تنفيذ الأحكام بسبب عدم إلغاء العقوبة فعليا أو استبدالها بحكم المؤبد أو سنوات محددة.
وأشارت تلك العائلات إلى أن "الإبقاء على أبنائنا بزنزانات موحشة، يمثل آلام موت بطيء تسبب بنفسيات محطمة"، مضيفة أن "تنفيذ الإعدام أرحم من وضعهم الراهن".