كتاب عربي 21

هل تلغي العبوة الناسفة في شبعا تداعيات الصراعات الداخلية في المنطقة؟

1300x600
لم يكن توقيت تفجير المقاومة الإسلامية في لبنان للعبوة الناسفة في دورية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة أمرا بريئا وعفويا وعاديا، فقد اختار حزب الله والمقاومة الإسلامية موعد التفجير ومكانه بدقة كبيرة، فقد جاء التفجير بعد أقل من مرور يومين على القتال الذي خاضه ضد مقاتلي جبهة النصرة على الحدودية البقاعية شمالي شرقي لبنان، كما أتى التفجير بعد أقل من 24 ساعة على قيام العدو الصهيوني باستهداف جندي لبناني في منطقة قريبة من المزارع.

وقد حرصت المقاومة الإسلامية على تسمية العملية باسم الشهيد حسن علي حيدر وهو الشهيد الذي استشهد خلال تفكيكه لجهاز تنصت كان وضعه العدو الصهيوني في منطقة أنصارية جنوب لبنان قبل حوالي الشهر تقريبا.

وتقول مصادر مطلعة على أجواء حزب الله والمقاومة الإسلامية، أن الحزب يهدف من وراء تفجير العبوة الناسفة في دورية إسرائيلية في مزارع شبعا للتأكيد أن الصراع مع العدو الصهيوني هو الأساس وإن الصراعات الداخلية ولا سيما مع جبهة النصرة وتنظيم داعش والقتال في سوريا لن تشغل الحزب عن مواجهة العدو الأساس وهو الكيان الصهيوني.

كما تشير المصادر: أن تفجير العبوة رد مباشر على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الأراضي اللبنانية وللتأكيد على استمرار المعادلة القائمة منذ انتهاء حرب تموز (يوليو) 2006 على لبنان بأن أي اعتداء إسرائيلي على لبنان سيواجه برد آخر.

لكن من الواضح أن حزب الله والكيان الصهيوني لن ينجرّا حاليا لحرب واسعة نظرا لما يجري في المنطقة من تطورات خطيرة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيؤدي تفجير العبوة الناسفة في مزارع شبعا إلى وقف تداعيات الصراعات الداخلية الجارية في كل دول المنطقة والتي تؤدي لاستنزاف الجميع ولا سيما حزب الله والمقاومة الإسلامية؟
وهل تكفي عبوة ناسفة واحدة لإعادة التأكيد على أولوية الصراع مع العدو الصهيوني؟

طبعا لا يمكن التقليل من أهمية الإنجاز الذي حققه مجاهدو المقاومة الإسلامية وحزب الله من خلال تفجير هذه العبوة وسقوط عدة إصابات في صفوف الجيش الصهيوني.

وإن كان يجب مصارحة قيادة الحزب والمقاومة وكذلك قادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وغيرهم من القيادات المعنية بالصراع مع العدو الصهيوني، بأن المطلوب اليوم أكثر من تفجير عبوة ناسفة في جنود العدو الصهيوني، لأن ما يجري في المنطقة من حروب وصراعات داخلية يستنزف كل قوى ودول المنطقة والمستفيد الأساسي أميركا والعدو الصهيوني، وها هي حرب غزة ابسط مثال على ما يجري، فرغم سقوط أكثر من ألفي شهيد وإنزال الخسائر في صفوف العدو الصهيوني فلم تنجح هذه الحرب بوقف الصراعات الداخلية بل لاحظنا بروز أشكال جديدة من الصراعات والخلافات حتى بين قوى المقاومة.

إذن مع أهمية العودة لمواجهة العدو الصهيوني والتأكيد على أولوية الصراع مع هذا العدو على أي قتال آخر، فإن المطلوب أيضا البحث عن حلول جذرية وعميقة للازمات التي تواجهها دول المنطقة كلها لوقف هذه الصراعات وقطع الطريق من أمام قوى التطرف والتشدد والعودة إلى المصالحات والتسويات وتحقيق الديمقراطية الحقيقية وإعطاء الشعوب حقها بحكم نفسها، وقد تكون سوريا هي المدخل الحقيقي لهذه الحلول، إضافة لاستكمال ما جرى في العراق من حلول سياسية وكذلك الضغط للتوصل إلى حلول في دول أخرى كاليمن والبحرين.

وطبعا لا يستطيع حزب الله وايران لوحدهما التوصل إلى حلول سياسية بل إن الأمر يتطلب شركاء آخرين من دول وقوى إقليمية وإسلامية مستعدة للقبول بمثل هذه الحلول ودعمها شرط أن تؤمن الحلول حماية جميع مكونات الدول وإعطاء كل فريق حقه.

وأخيرا فمع توجيه التحية للمقاومين في لبنان وفلسطين على ما يقومون به من إنجازات في مواجهة العدو الصهيوني فإننا بحاجة اليوم قبل الغد إلى حلول سياسية لكل الأزمات التي نواجهها ليبق الكيان الصهيوني ومن ورائه أميركا هو العدو الوحيد لنا جميعا.