أكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن القوات التركية مستعدة للتدخل برا في
سورية، ولكن فقط عندما يكون هناك "حل متكامل" يتضمن إسقاط نظام بشار
الأسد إلى جانب ضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" (
داعش). وكشف أن "بعض القادة اقترحوا في اجتماعات التعاون مع نظام الأسد"، محذرا من أن "التعاون مع شيطان لمواجهة آخر ليس الطريق الذي يجب على المجتمع الدولي سلوكه".
وقال داود أوغلو في مقابلة أجرته معه محطة "سي إن إن" الأمريكية: "تصوروا لو أننا دمرنا داعش – علما أنها مهمة صعبة – فما الذي سيحصل؟ سيقوم النظام في اليوم التالي بتنفيذ ثمان غارات ضد حلب أو المدن الأخرى ليخلق موجة أكبر من النزوح نحو أراضينا. لهذا نريد منطقة حظر جوي على حدودنا وإلا فإن كل هذه الأعباء ستبقى على عاتق
تركيا والدول المجاورة".
واعتبر داود أوغلو في المقابلة التي أجرتها المذيعة "كريستيان أمانبور"؛ أن الضربات الجوية ضد داعش "ضرورية لكنها ليست كافية. الغارات ستضر بداعش، ولكن بحال لم نطور استراتيجية متكاملة فلن نعرف الخطوات المستقبلية التي يتوجب اتخاذها من أجل تدمير داعش والمنظمات الإرهابية التي قد تظهر"، مشيرا إلى تنظيم داعش مصنف في تركيا على قائمة الإرهاب منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2013.
وقال: "عندما استخدمت الأسلحة الكيماوية في سورية طلبنا رسميا من حلفائنا أن يكون لديهم سياسة أكثر حزما ضد النظام السوري لأن سياساته الطائفية تسببت بإيجاد حالة الفراغ التي استفاد منها داعش، وبالتالي فإن ضرب داعش في كوباني وتجاهل الخطوات الأخرى قد يخلق مشكلة أكبر في المستقبل (..). نريد إقامة منطقة حظر جوي (..) اللاجئون يتزايدون لأن النظام ينفذ ضرابات جوية التي ويستخدم صواريخ سكود والبراميل المتفجرة".
وتابع رئيس الوزراء التركي: "على الذين يطلبون أمورا منا أن يتفهموا أن لدينا احتياجاتنا الخاصة أيضا، فنحن في علاقة تشاركية. مثلا هناك من يطلب منا مواصلة استقبال اللاجئين ويشيد بدورنا في هذا الأمر، ولكنهم يعودون ليطلبوا منا مراقبة الحدود، كيف يمكن مراقبة حدود يعبرها 180 ألف شخص في ثلاثة أيام؟".
ووصف داود أغلو اتهام نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن لتركيا بدعم داعش بأنه "اتهام ظالم للغاية، كل ما نطلبه هو العدالة والتفهم، أمريكا لديها حدود مع المكسيك فهل من السهل السيطرة على تلك الحدود؟". وأضاف: "المشكلة مع بايدن انتهت، وقد اتصل بالرئيس (التركي رجب طيب) أردوغان وكنا عنده بمناسبة عيد الأضحى وقد اعتذر وانتهت القضية. وأتمنى ألا يخرج أي زعيم مستقبلا ليتهم دولة أخرى عملت بجهد من أجل معالجة الأزمات الإنسانية".
وأضاف داود أوغلو: "تحدثنا (في الماضي) مع الأمريكيين والأوروبيين، وقلنا لهم إنه بحال لم يكن هناك من حل بمواجهة الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام السوري فسيكون هناك تصاعد في التطرف، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك داعش. لقد قتل (النظام) 300 ألف شخص في مجازر في سورية، بعضها جرى باستخدام أسلحة كيماوية، وقد قلنا إن الكيماوي هو خط أحمر ولكن النظام استخدمه دون أن يتعرض لأي عواقب، واستخدم البراميل المتفجرة وصواريخ سكود على المناطق السكنية دون أن نفعل له شيئا، وحاصر المدن وعاقب الناس بالجوع وقتلهم" وقد عرضت CNN أكثر من 50 ألف صورة لأشخاص قتلوا بوسائل التعذيب التي يطبقها نظامه، وظل الجميع صامتا".
وتابع: "بسبب كل هذه الجرائم التي مرت دون عقاب وجدت التنظيمات المتشددة الظروف المناسبة وقالت للناس إن المجتمع الدولي لن يدافع عنهم وأن أحدا لن يهب لنجدتهم سواها. وهذا هو المصدر الأساسي لظهور داعش. (..). وما يثير الدهشة اليوم أن بعض القادة اقترحوا في اجتماعات التعاون مع نظام الأسد.. التعاون مع شيطان لمواجهة آخر ليس الطريق الذي يجب على المجتمع الدولي سلوكه".
وأكد داود أوغلو من جهة أخرى أنه لم يكن هناك "دعم جدي للمعارضة السورية المعتدلة من قبل مجموعة أصدقاء سورية.. العديد من تلك الجماعات حصلت على أسلحتها من خلال القتال مع الجيش السوري أو الانشقاقات العسكرية. لو أن الآخرين استمعوا لنصائحنا وقدموا الدعم والحماية للمعارضة السورية المعتدلة لما كنا اليوم نواجه هذه المشكلة الكبيرة المسماة داعش".
وكرر بأن تركيا "على استعداد للقيام بكل ما يلزم إذا كان هناك استراتيجية تضمن لنا أن حدودنا ستكون بأمان بعد انتهاء خطر داعش. لا نريد أن نرى النظام السوري على حدودنا مجددا كي يقوم بدفع المزيد من الناس إلى اللجوء لتركيا، كما لا نريد أن يكون هناك أي نشاط لتنظيمات إرهابية. فنحن لدينا استراتيجية وطنية تقوم على تقديم المعونة الإنسانية للاجئين العراقيين والسوريين، وثانيا ضمان الأمن، فإذا كان هناك ما يهدد أمننا القومي فسنتخذ كل الإجراءات الضرورية".
وقال إن بلاده مستعدة لنشر قوات برية في سورية "إذا قام الأخرون بأدوارهم، ومن بين ذلك الحد من خطر نظام الأسد. فنحن نؤمن أنه بحال بقاء الأسد في دمشق ليطبق سياساته الوحشية فستظهر تنظيمات متشددة أخرى بحال قضينا على داعش، وإذا واصل الأسد سياساته الطائفية والتي تعتمد على ذبح الناس دون أن يتصرف المجتمع الدولي فسنكون قد قدمنا مثالا سيئا للطغاة في الدول الأخرى بأن بإمكانهم القيام بالأمر نفسه. يجب أن يكون لدينا استراتيجية متكاملة لا تقوم على ضرب داعش وتدميره فحسب، بل والقضاء على جميع الجرائم الوحشية المرتكبة على يد النظام".
وقال: "سنفعل كل ما بوسعنا لمساعدة سكان كوباني لأنهم إخوة لنا.ونحن لا ننظر إليهم على أنهم أكراد أو تركمان أو عرب، ولكن ما نقوله هو أنه إذا كان هناك ضرورة للتدخل في كوباني فنحن نقول إنه هناك ضرورة للتدخل في كل سورية وعلى امتداد حدودنا معها".