لم تؤثر الضربات الجوية التي قادها
التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا على قدرة التنظيم الدعائية التي تتجلى من خلال نشاط كبير على مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت.
وحسب موقع "ديلي بيست"، فإن التنظيم يربح الحرب الإعلامية الموجهة ضد الغرب على الإنترنت، مشيرا إلى نشر شريط فيديو يظهر الرهينة البريطاني جون كانتلي وهو يقدم شريطا دعائيا يدافع من خلاله عن "
داعش"، ويعطي الشريط صورة عن أن نجاح الجهود الغربية لتشويش نشاطه الإعلامي مبالغ فيه.
وقال "ديلي بيست" "معلقا على شريط كانتلي "الحلقة الثانية" إنه مسلسل يمكن أن يكون عنوانه "أعطني أذنك"، وجاء بعد ساعة من شريط عالي الجودة "هاي ديفنيشين" تحت عنوان "لهيب الحرب".
وأضاف: "مع انتشار أشرطة فيديو داعش على الإنترنت، فإن مزاعم الغرب بأن قدرات التنظيم الدعائية قد جرى إضعافها من خلال إغلاق عناوين على تويتر ويوتيوب غير صحيحة وتبدو غائبة عن الواقع. فلم تترك الجهود لمنع داعش وغيره من الجماعات من نشر موادهم الدعائية أثرا، إذ لا يزال هناك حضور مستمر ومتماسك يعكس أيديولوجيا للدعاية الجهادية على الإنترنت".
ويرى الموقع أنه إذا رغب الغرب والدول العربية المتحالفة معه في إضعاف إعلام "تنظيم الدولة" وانتشاره، فيجب عليهم البحث عن مدخل آخر يذهب أبعد من إغلاق حسابات "تويتر" وسحب مواد من "يوتيوب".
ويرى بعض خبراء الإرهاب أن قدرة "تنظيم الدولة" على نشر رسالته قد تراجعت، ومع ذلك فـ"الدعاية الجهادية" لم تتراجع، ولم تتم مواجهة روايتها. وعوضا عن ذلك فقد تم جر الغرب والولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة على الإنترنت، وإلى معركة اختارها أعداؤهم، وهؤلاء المسلحون هم أنفسهم الذين يعيشون على الفوضى، وفق الموقع.
ويتحدث تقرير الموقع عن طبيعة الحرب الإعلامية على الإنترنت، حيث يقول إن "الجماعات الجهادية كانت قادرة على الاحتفاظ بحضور ملحوظ على الإنترنت" من خلال مشاركة موادها عبر شبكة واسعة من "إعلام المجاهدين"، والذي يعتبر واحدا من ملامح حرب الإنترنت منذ ظهور هذا المفهوم.
وتعرف "حرب النت" حسب ديفيد رونفيلط وجون أكويلا في ورقة لهما نشرت عام 2001، بأنها "نوع من النزاع الذي يتراوح فيه اللاعبون من الإرهابيين والمنظمات الإجرامية التي تمثل الجانب المظلم؛ إلى الناشطين الاجتماعيين المتمردين الذين يمثلون الجانب المشرق، ويقوم هؤلاء باستخدام أشكال من التنظيم والمبادئ/ العقيدة والاستراتيجية والتكنولوجيا المتناغمة مع عصر المعلومات".
وكتبا أيضا أن من الصعب التعامل مع شبكات الإنترنت لأنها "تعمل بناء على وحدات صغيرة ومتوزعة يمكن أن تنشر بطريقة حيوية في أي مكان وأي وقت".
وبالإضافة لكل هذا فاستراتيجية "حرب النت" تقتضي أن تعرف الجماعة كيفية "الإخفاء والتفريق والاختراق والتشويش، وكذا المراوغة والتهرب".
وعادة ما تتميز الشبكات المنخرطة في "حرب النت" بعدم وجود قيادة معينة، ولكنها تتميز بالتصميم. وعليه يقوم داعش بنشر أشكال من الشبكات والاستراتيجية لنشر مواد سمعية وبصرية من معارك تحدث في الزمن الحقيقي. وتقوم شبكاتها المتداخلة وبسرعة بإعادة تشكيل نفسها بنفس الطريقة التي يتصرف من خلالها سرب من النحل أو سرب من الطيور. وتتحول هذه الشبكات من نماذج البث الإذاعي أثناء النزاع إلى شكل متفرق ومرن، وهو ما يجعل "تنظيم الدولة" يمثل تحديا كبيرا للمنظمات التقليدية.
من يخوضون "حرب النت" وخاصة أتباع "تنظيم الدولة" يقومون بنشر مواد من خلال شبكات متفرقة على حسابات "تويتر" كجزء من استراتيجية تواصل اجتماعي متعددة التوجهات، مثل الاستراتيجية التي تم تحديدها في حالة "جبهة النصرة"، ما يعطي "داعش" حضورا مستمرا على الإنترنت من خلال مزود متحرك، ويستطيع تشكيل نفسه من جديد رغم كل محاولات استهداف أفراد بعينهم.
ويتحدث التقرير عن أن المزود المتحرك، والذي يطلق عليه "سوارم كاست" يبدو وكأنه قد تقوض، لكنه قام في الحقيقة بإعادة تشكيل نفسه.
فصور ذبح جيمس فولي التي نشرت على "تويتر" وتم حجبها لا تزال متوفرة، نظرا لقدرة المزود الذي يستخدمه "تنظيم الدولة" على إعادة تشكيل نفسه، وفق تقرير الموقع.
ولا تزال صور إعدام الصحافيين منتشرة، والهاشتاج يستخدم لتوزيع المحتويات. مثلا هاشتاج "مؤسسة الفرقان" التي تعتبر المؤسسة الرسمية لداعش، وتستخدم لتوزيع أشرطة فيديو جون كانتلي وخطابات أبو محمد العدناني الشامي. فمن خلال استخدام "هاشتاج الفرقان" يمكنك استخدام مواد من "مركز الحياة" الموجود إلى جانب "لهيب الحرب"، بحسب الموقع.
ويقول التقرير إن المتفائلين بنجاح الحرب على "تنظيم الدولة" وآلته الدعائية قد يشيرون إلى عملية "حجب" الحسابات. ويقولون إن "قدرة وكفاءة ومدى وصول الرسائل قد تراجعت. ولكن لا توجد أدلة تظهر أن قدرة "تنظيم الدولة" على توصيل رسائله قد تلاشت. فالحديث عن تراجع قدرة التنظيم قد تكون أحيانا مضللة، بحسب الموقع.
ويرى التقرير أن "قدرة الجماعات الجهادية تتقلص عندما يتم حجب حسابات أفراد، ويقلل على الأقل من كفاءتها على التواصل مع أفراد، وهذا مهم لأن محتويات الرسائل الجهادية تحتاج لوقت وانتباه والتزام؛ خاصة أن تحميل المواد يحتاج لساعات وصبر، نظرا لاحتوائها على صور وتصميم، كما في حالة لهيب الحرب".
وطرح الموقع تساؤلا: "إلى أي مدى يجب التفكير وحجب الأتباع الكسالى من الشبكة؟ فقد يكون هؤلاء أشخاص التزموا بمواد جهادية تحتاج لوقت طويل حتى يتم تحميلها. ففي عمليات مكافحة التطرف والعنف، فإن منع مستخدمي الإنترنت الكسالى أو المهتمين يعني تقليل عدد المستخدمين، لكن هذه الاستراتيجية تحمل مخاطر تجاوز الأشخاص الخطرين والقادرين في النهاية على مواصلة نشر المواد".
وحتى لو نجحت استراتيجية حجب عدد من الحسابات على "تويتر"، يرى الموقع أن شبكات الأخبار الدولية، والصحف والمواقع الإخبارية لا تزال تنشر أخبار "تنظيم الدولة". ويمكن بسهولة مشاهدة أفلام ترويجية لفيلم "لهيب الحرب" وقد شاهد أكثر من 750.000 زائر المادة الترويجية.
ويمكن العثور على النسخة الأصلية بسهولة وبترجمة روسية موضوعة على موقع "فيميو"، وتمت مشاهدتها أكثر من 13.000 مرة، وهناك نسخة أخرى متوفرة على "لايف ليك" وشاهدها 5.500 أو يزيد.
وهناك نسختان عاليتا الجودة متوفرتان على موقع "غالف أب" وحملت 21.550 مرة و5.600 مرة. وتوجد نسخة أخرى من "لهيب الحرب" على موقع "اركايف. أورغ" وحملت 12.000 مرة.
وتتوفر نسخ من الفيلم على "180أبلود.كوم" و "ميديافير.كوم"، وتتم مشاركة الفيلم بنسخته العربية "هاشتاج لهيب الحرب" و"هاشتاغ فليم أوف وور".
ولا يعدم إعلام المجاهدين طرقا لإعادة تشكيل نفسه والبحث عن مواقع لنشر مواده. فمنذ بداية عام 2014 لوحظ استخدام متزايد من "غوغل بلس" وتجارب مع منابر مثل "فرينديكا.إي يو"، واكتشفت محاولات للعثور على موقع على شبكة التواصل "في كي.كوم"، وهي شبكة تواصل اجتماعي مقرها سانت بطرسبيرغ في روسيا.
ويعتبر الموقع من أكثر المواقع زيارة في شرق أوروبا، ويستخدمه 55 مليون شخص من بين 260 مليون شخص سجلوا فيه.
وفي هذا الموقع روابط للمحتويات الجهادية أو المنابر الأخرى، بما فيها قائمة لحسابات التواصل الاجتماعي المتوفرة على المواقع، وفق التقرير.
وتستخدم الحسابات العربية على شبكة "في كي" نفس الشبكات التي تحمل نفس ملامح الحسابات الجهادية على "تويتر".
ولدى الشبكة حسابات كافية ومتداخلة تجعلها تعوض خسارة بعض الأعضاء. كل هذا يؤكد أن استخدام الهاشتاج والتوزيع السريع للمحتويات العربية وغير العربية مضمون للشبكات الدولية والمتعاطفين مع "الجهاديين"، ما يعني أن "المواد الجهادية متوفرة وجاهزة للتحميل، خاصة الفيديوهات والخطابات. كل هذا يؤكد أن عملية حجب حسابات أفراد لم تعوق نشر معلومات ودعاية داعش"، بحسب التقرير.