كتاب عربي 21

هدد أو لا تهدد أنت على مشارف الهاوية

1300x600
"جعل الإرهاب وسيلة لتحقيق الأهداف سيعطي نتائج عكسية". 

عظة أهداها الرئيس الإيراني حسن روحاني لرئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون في لقائه معه على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. 
      
لقد أصاب روحاني فيما قال؛ خصوصا أن حكمته استقاها من خلاصة تجارب لا يستهان بها إثر ممارسة حكومته كافة أشكال الإرهاب وأساليبه في سوريا، فعندما شجعت إيران ولدها البار بشار الأسد ودعمته في استخدام أسلوب القمع والترهيب في محاولة إخماد الثورة في بلاده، انقلب السحر على الساحر، و بدلا من أن يدعم هذا الأسلوب الشيطاني وجود نظام بشار الأسد أردى به إلى الهاوية، و أبلغ من هذا القول التزاحم الذي تشهده المواقف الدولية لدعم الضربة العسكرية على الأراضي السورية وإنهاء حكم الأسد، والذي نتج عن رغبة حقيقة في حل الصراع على الأراضي السورية بشكل فوري، وخصوصا بعد أن تحولت سوريا إثر الصراعات  المسلحة على أراضيها إلى بؤر تتنامى داخلها الخلايا الإرهابية وتتكاثر. 

وقد أدرك المجتمع الدولي متأخرا أن إهماله المتعمد ولأكثر من ثلاث سنوات الثورة السورية، وتباطؤه في حل الأزمة السورية منذ بدايتها، كانا كفيلان بأن تنمي هذه الخلايا الإرهابية بنيتها وتتحول من خلايا إرهاب محلية إلى عابرة للحدود.
      
يؤمل من ديفيد كاميرون في اجتماعه مع روحاني، أن يكمل ما أنجزه كيري، وأن تتكامل الجهود من أجل تحقيق استقرار في العراق والشام. 

ففي وقت سابق تمكن كيري من كسب الدعم الإيراني لحل الأزمة في العراق، ولكن في سوريا يتعقد الوضع وتختلف المصالح والرؤى. 

كاميرون يدرك تماما أن إرضاء إيران لن يكون دون تحقيق جزء من طموحاتها في المنطقة، فما الإعلان عن حلحلة الأزمة بين إيران و بريطانيا إلا بوادر اتفاق ولو جزئي على حل يرضي الطرفين، وأغلب الظن بأنها صفقة مقايضة بين البلدين قد تمت ففي الوقت الذي يرفع فيه جزء من العقوبات الدولية عن برنامج إيران النووي، ترفع الأخرى يدها عن دعم نظام الأسد وتقوم بالدور الذي حددته لها الإدارة الأميركية، وتعلن السمع والطاعة.   

من الواضح أن هناك إجماعا دوليا أو أقله أميركي- بريطاني على أن حلحلة الأوضاع مع إيران في هذا الوقت ضرورة أكثر منه رغبة وخصوصا لأهمية دورها كلاعب إقليمي في المنطقة، ويبدو أن لقاء كاميرون سيرسم حدود إيران وحجمها في مستقبل المنطقة. 

إن ما تمخض عن الزيارة من إعادة العلاقات السياسية الثنائية الإيرانية البريطانية، والمتمثلة بقرار الحكومتين عودة السفارات في كلا البلدين في أقرب وقت ممكن، هو مؤشر هام على تحقيق كاميرون لأهداف اللقاء، والخروج بالنتائج المطلوبة.

 ولكن هل ستتراجع روسيا عن دعم الأسد في المرحلة القادمة؟ بكل تأكيد لن تتراجع - نظريا - ليس بسبب وفاء  الدب الروسي لأصحابه في السلم والحرب، ولكن بسبب مصالحها في المنطقة.

 لقد شددت الخارجية الروسية على أن توجيه واشنطن ضربات إلى مواقع سورية يتطلب الحصول على موافقة دمشق أو اتخاذ قرار دولي، و ليس فقط إبلاغ الحكومة السورية بذلك من جانب واحد، كما أوضحت عن طريق بيان صادر عن خارجيتها أن توجيه الضربات يجب أن يكون في إطار القانون الدولي. 

ولو نظرنا إلى موقف روسيا من خلال هذه التصريحات الأخيرة لا نجد أي خلاف على الصعيد العملي مع موقف واشنطن التي لم تبدأ بأي ضربة للأرضي السورية إلا بعد أن حققت تحالفا دوليا داعما سياسيا وعسكريا ولوجستيا لعملياتها العسكرية يضم أكثر من خمسين دولة، وبذلك تحقق الإدارة الأميركية رغبة الحكومة الروسية، فهي لم تشن ضرباتها بناء على موافقة الكونغرس الأميركي فقط، وإنما بعد جهود وموافقة دولية عربية - غربية، لم يشهدها التاريخ السياسي قبلا. 

كما أن الجانب الروسي أكد على أنه لا بديل عن جنيف، والتي بدورها تخرج الأسد نهائيا من المشهد السياسي السوري بعد القضاء على تنظيم الدولة أو تحجيمه على أقل حد بما يتفق مع موقف دول التحالف، وبهذا نجد أن روسيا قد تخلت -عمليا- عن حماية شخص الأسد، لكن يبقى السؤال متى سيعلن عن سقوط الأسد بشكل رسمي، وتتم إعادة شرعية الحياة السياسية  للشعب السوري؟

وهل ستكون حكومة الائتلاف السوري المعارض جاهزة لملء الفراغ السياسي على المستوى الذي يطالب به المجتمع الدولي؟