قالت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير نشرته اليوم الجمعة، إن البيت الأبيض يحاول إقناع
مصر بالتعاون والمشاركة في الحملة الأميركية ضد تنظيم الدولة المعروف بـ"
داعش".
وأضافت الصحيفة أن الرئيس الأميركي باراك
أوباما اجتمع ولأول مرة مع الرئيس عبد الفتاح
السيسي، الذي أطاح بسلفه محمد مرسي في انقلاب عسكري، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وبينت الصحيفة أن اللقاء كان محاولة لإعادة ترتيب ملف العلاقات بين البلدين، رغم تحفظات الإدارة الأميركية على سجل مصر في حقوق الإنسان. وعلق الرئيس أوباما على اللقاء بأن العلاقات الأميركية- المصرية تعتبر "حجز زاوية في سياستنا الأمنية".
وتعلق الصحيفة بأن التحرك الأميركي يؤشر للكيفية التي دفع فيها صعود تنظيم الدولة أميركا نحو حلفائها التقليديين من الحكام الاستبداديين والملوك بعد الثورات العربية التي بدأت عام 2011، والشكوك العربية من تقارب أميركي- إيراني بشأن حل ملف طهران النووي.
ونقلت الصحيفة عن مايكل وحيد حنا، الباحث في "مؤسسة القرن" الأميركية ومركزها نيويورك، قوله "أصبحت أولويات الولايات المتحدة مختلفة عما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، وعليه فمن المفهوم محاولتها إصلاح علاقاتها مع مصر"، مضيفا "هناك إعادة تقييم أساسية لعلاقات الولايات المتحدة مع المنطقة في ضوء الفوضى المتزايدة والحملة ضد (داعش)".
ومن مخاطر التحول أن ظهور واشنطن بمظهر الداعم القوي لمصر يجعلها في موقع المنافق فيما يتعلق بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي الوقت الذي كان فيه أوباما ناقدا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء لبعض الدول العربية -خاصة الخليجية-، من موقفها تجاه سوريا ودعمها للمتطرفين هناك، لكنه لم يقدم نقده في إطار الحرص على حقوق الإنسان، بحسب الصحيفة.
وتشير الصحيفة للعلاقة المضطربة بين الولايات المتحدة والجيش المصري، أولا لقرار واشنطن عدم دعم الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد الثورة الشعبية في عام 2011. وبعد ذلك محاولاتها بناء علاقات مع حكومة الإخوان المسلمين المنتخبة.
ويرى التقرير أن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين شعروا بضيق من تعاطفها مع آمال وطموحات الشعوب والانتفاضات، وترددها أيضا في التدخل في الشأن السوري، واستعدادها لعقد صفقة مع إيران.
ولكن ظهور "داعش" أجبر الولايات المتحدة على إصلاح علاقاتها مع حلفائها التقليديين في المنطقة. وفي الوقت الذي ركزت فيه واشنطن على نيل دعم كل من السعودية والإمارات، إلا أنها تعتقد بأهمية الدور المصري، وموقع مصر المتميز في المنطقة، وما يمكن أن تقدمه في مواجهة "داعش"، وفق ما أوردته الصحيفة.
وتؤكد الصحيفة أن لقاء أوباما مع السيسي يعتبر دفعة قوية له وهو يحاول تعزيز سلطته في البلاد. ويحاول التخلص من صورته كرجل انقلاب قام بالإطاحة بسلفه.
وتفيد الصحيفة بأن أوباما قد انتقد مصر يوم الثلاثاء في خطاب له قائلا "من هنغاريا إلى مصر هناك تشريعات واستفزازات لا حصر لها، تقوم باستهداف المجتمع المدني، ويتم القتل والهجوم والتحرش بالرجال والنساء الشجعان الذين يتجرأون على رفع أصواتهم".
وبالرغم من كل هذا، وسجل مصر في حقوق الإنسان، خففت واشنطن من لهجتها وموقفها، حيث أعلنت وزارة الدفاع الأميركية – البنتاغون- عن خطط لتزويد مصر بعشر مروحيات أباتشي، ولدعمها في الحرب على الإرهاب، بحسب الصحيفة.
وتلفت "فايننشال تايمز" إلى أن التغير في الموقف الأميركي يأتي في وقت تتقارب فيه مصر مع روسيا. وقال مسؤول روسي بداية الشهر أن موسكو توصلت لاتفاق مبدئي لبيع مصر أسلحة بقيمة 3.5 مليار دولار أميركي.
وتعقب الصحيفة بأن تحول مصر نحو روسيا، كان رسالة لواشنطن مفادها أن القاهرة قادرة على العثور على شركاء غير الولايات المتحدة، وكان السيسي قد زار موسكو مرتين.