تحاول قوى وحركات سياسية وشبابية في
مصر توحيد جهودها من أجل إلغاء أو تعديل قانون "منع التظاهر"، دون أن ترهبها الإجراءات القمعية المتخذة بحقها وحق نشطاء سياسيين عن الاستمرار في فعالياتها الاحتجاجية، الأمر الذي صار يمثل تحديا قويا لنظام حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، دون أن يتمكن من حسم تردده حيال الإبقاء على القانون، أو المضي قدما في إدخال تعديل صوري عليه.
واستباقا لمراحل التقاضي في القضايا المنظورة أمام القضاء في الأحداث التي تتعلق بالقانون، تحاول الحكومة المصرية الالتفاف على المطالب الشعبية، إذ تعقد اللجنة الرئاسية للإصلاح التشريعي (لجنة حكومية)، الثلاثاء، اجتماعا برئاسة رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب، لوضع خريطة التشريعات التي تقول اللجنة إنها ستنجزها، ومن بينها تعديل قانون "التظاهر".
وفي المقابل، دخل عشرة من أعضاء حملة "صحفيون ضد
قانون التظاهر" في إضراب عن الطعام، صباح الاثنين، خلال اعتصامهم داخل نقابة الصحفيين، تضامنا مع المعتقلين المضربين عن الطعام في السجون، وللمطالبة بإسقاط قانون التظاهر، بمشاركة 16 صحفيا من مختلف الجرائد.
وفي سياق متصل، أعلنت حركة 6 أبريل، استمرارها في ما أطلقت عليه اسم معركة "
الأمعاء الخاوية"، موضحة أن شبابها مستمرون في إضرابهم عن الطعام لحين الاستجابة لمطلبهم، بضرورة إسقاط قانون التظاهر، وإلغاء الأحكام الصادرة على إثره.
وأوردت الحركة في بيان صادر عنها الاثنين كشفا بأسماء المضربين عن الطعام داخل السجون وخارجها، مشيرة إلى أن عدد المضربين خارج السجون وصل إلى أكثر من 74 مضربا.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة محمد كمال: "إن الحركة لن تتنازل عن مطلبها بإلغاء أو تعديل قانون التظاهر حتى لو تم الإفراج عن كل النشطاء المحبوسين على ذمة القانون".
من جهتها، طالبت الناشطة السياسية والحقوقية ماهينور المصري، بالحرية للنشطاء من جميع الفصائل السياسية.
وأشارت في أول تدوينة لها على حسابها الشخصي بموقع "فيسبوك" الاثنين عقب إطلاق سراحها أن أمر وقف عقوبة حبسها 6 أشهر، مرتبط بالضغط وحملات (جبنا آخرنا، والأمعاء الخاوية)، مشيرة إلى أن الحملات كان لها تأثير قوي، مشددة على استمرار الضغط لإخراج كل المعتقلين المظاليم.
وتابعت: عايزين يطلعوا كام شخص بره السجن، وكأن النظام ديمقراطي، في حين أن هناك الآلاف لا يزالون يقبعون بالسجون، متسائلة: ما المنطق في أن لؤي قهوجي، وعمر حاذق، وإسلام حسنين، وناصر أبو الحمد، يؤيد عليهم الحكم بسنتين، في حين أنني بالقضية نفسها، ويخفف لـ6 سنوات، ثم يوقف تنفيذه مع أننا في نفس المركز القانوني؟
وأكدت أن ما حدث يثبت أن الموضوع مسيس، ولا علاقة له بقانون التظاهر، قائلة: "الموضوع بكل بساطة عايزين يعملونا وردة في عروة الجاكيت للنظام".
واختتمت تدوينتها بالقول: "الحرية لكل المعتقلين.. لا تخافوا من الذين يحبسون الجسد.. مش خايفين ومكملين".
وينص القانون على أن يقدم منظمو المظاهرة طلبا لوزارة الداخلية بالأعداد والزمان والمكان وأسماء المنظمين قبل تنظيم المظاهرة بثلاثة أيام على الأقل، ولوزارة الداخلية رفض التصريح بالمظاهرة دون إبداء الأسباب، مع فرض عقوبات صارمة على المخالفين تتراوح بين السجن والغرامة، مع السماح باستخدام القوة من قبل قوات الشرطة لفض المظاهرة.
وأبدى المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان 14 ملاحظة على القانون، ورفضت معظم القوى الثورية القانون إذ رأته مكبلا للحريات، كما قام بعض القانونيين بالطعن فيه أمام المحكمة الدستورية العليا.
وقال مراقبون إنه يجب أن تكون ممارسة التظاهر بالإخطار، وإن المتبع هو حصول الأمن على تصريح من القضاء لفض المظاهرات، وليس العكس، كما هو المتبع في الحالة المصرية، إذ يقوم الأمن بفض المظاهرات ثم يحيل المتظاهرين إلى القضاء!
وكان الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور (المعين من قبل العسكر) أصدر القانون دون الالتفات إلى تحفظات القوى الثورية والمنظمات الحقوقية.
ويرى الساسة أن القانون بالإضافة إلى عدم دستوريته، فقد قيّد الحريات العامة التي قامت من أجلها ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011.
وقال الناشط الحقوقي نجاد البرعي خلال مداخلة هاتفية على قناة "التحرير" مساء الأحد: "إن قانون التظاهر به مواد تخالف الدستور"، مشيرا إلى تغير المواد المخالفة للدستور أو تغير الدستور ليناسب القوانين التي تريد أن تحتفظ بها الدولة.
وأكد أن القانون به تدرج في التعامل مع المتظاهرين، بداية من استخدام المياه بفض التظاهر، وأن "قوات الشرطة لم تحترم هذا التدرج، ولا مرة، في عمليات فض التظاهرات، ودائما تبدأ باستخدام الهراوات، وقنابل الغاز"، على حد قوله.
وأشار إلى أهمية تغيير نصي مادتين بالقانون مخالفتين للدستور إذ تنصان على استخراج تصريح للتظاهر، برغم أن الدستور ينص على التظاهر بالإخطار، والمادة الثانية المتعلقة بتعطيل سير العمل، برغم أن الدستور ينص على حرية الإضراب للتفاوض.