ذهب البروفيسور في كلية الاقتصاد بجامعة تل أبيب، ورئيس برنامج الاقتصاد والأمن القومي في معهد بحوث الأمن القومي
الإسرائيلي، عيران يشيف، إلى أنّ الحل السياسي الشامل لمعضلة
غزة لن يكون إلا بتنميتها اقتصاديا، وهذا برأيه سيجعل للغزيّين شيئا يمكن أن يخافوا على خسارته.
وقال يشيف بمقالة له نشرتها صحيفة يديعوت، الإثنين، إن تدمير الأبراج الفاخرة في غزة على يد سلاح الجو قبيل نهاية حملة "
الجرف الصامد" أحدثت صدمة معركة لسكان غزة. واستدرك "بل وربما صدمة أشد من تلك التي أثارها تدمير الأحياء الفقيرة".
وشدد على أنّ الاقتصاد في غزة ـ كما في كل مكان ـ يلعب دورا هاما. وبحسب معادلة يشيف فإنّه كما لضرب المصالح الاقتصادية يوجد أثر؛ فإنّ العكس أيضا له ذات الأثر،فإذا ما ارتفع المستوى الاقتصادي لغزة بشكل ذي مغزى، ستقل جدا أيضا رغبة الغزيين في القتال ضد إسرائيل، لأنه عندما يكون للناس ما يخسرونه، فإنهم لا يميلون إلى القتال.
ونوه إلى أنّ "الغزيين اليوم ليس لديهم الكثير مما يخسرونه، في ظل الفقر وانعدام الجدوى من وضعهم. ولكن اذا كانت هناك (أبراج اكيروف) أكثر في مجالات الحياة المختلفة، فسيكون لديهم ما يخسرونه".
وأكد أنّه من المثير للعجب أنّ لغزة إمكانيات اقتصادية، تتمثل في
تنمية السياحة على طول شاطئ البحر، وتنمية مجال الخدمات بما في ذلك مثلا الدخول إلى مجالات التكنولوجيا العليا، وإنتاج الغاز، في أعقاب اكتشاف حقل الغاز البحري الكبير في 1999). وفي المدى القصير، يمكن أيضا توجيه العديد من الاستثمارات وتشغيل العاملين في مجال تنمية البنى التحتية المادية والخدمات العامة.
وحول التساؤل كيف يمكن رفع مستوى غزة ومن سيفعل ذلك؟ أجاب البروفيسور الإسرائيلي بالقول أنه يجب أن يطرأ تغيير جذري على طريقة التعامل مع غزة. إذ لن يكون الحل بفك الحصار أو فتح المعابر، معتبرا هذا الأمر خطوات صغيرة لن تحقق الهدف الحقيقي، بل وستسيئ للوضع في المدى البعيد.
بل إنّ المطلوب هو إقامة آليات جديدة دولية لإحداث تغيير هائل؛ كون حماس لم تثبت رغبة أو قدرة على العمل في مثل هذا الاتجاه، وإسرائيل ليست العنوان الصحيح. هذه الآليات تستدعي موافقة عدد من الدول والهيئات الدولية للقيام بالمهام بجدية، بحسب يشيف.
وشرح ما ذهب إليه بالقول إن الحافز للدول التي ستساهم في مثل هذا الجهد سيكون هو "أنه باستثمار صغير نسبيا سيكون ممكنا إحداث انعطافة سابقة في منطقة مليئة بالنزاعات والتطرف الذي يهدد العالم بأسره. كل العالم يعنى الآن بمسألة كيف التصدي للإسلام المتطرف، وله مصلحة في ألا تصل داعش والقاعدة إلى المنطقة".
ويمكن تحقيق هذا الأمر وفقا ليشيف بخطة تعمل على مستويين وبالتوازي؛ "الأول سياسي: يقوم على دخول قوة من الأمم المتحدة إلى غزة من النوع الذي دخل في دخول يوغسلافيا السابقة في أعوام 1992 – 1995، لتكون تواجدا دوليا وقوة تسمح بالنشاط الاقتصادي. والثاني، اقتصادي: عبر دخول هيأة دولية، مثل البنك الدولي، تقيم قوة مهام تنفذ خطط للاستثمار المكثف بحجم مليار دولار في السنة على مدى عدة سنوات. ويحرص بنك مختص بالتنمية على التمويل الذي يأتي من جملة من الدول الغربية والعربية الغنية".
وخلص الخبير الإسرائيلي إلى أن هذا من شأنه أن يحدث تغييرا بالنسبة لنمط التدخل العسكري العادي الذي يقوم به الغرب في الدول الإسلامية. وهكذا تنشأ سابقة إيجابية لتدخلات أخرى، إيجابية، من الغرب، ووزن مضاد في النشاط المتعاظم للمنظمات الإسلامية المتطرفة.
وبذلك تصل إسرائيل إلى مبتغاها من وجهة نظر يشيف، وينتهي هذا التدخل الدولي مع التقدم في تسوية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين ودمج غزة بالضفة. وبالتالي فإن التجربة الغزية كفيلة بأن تدفع إلى الأمام بالتسوية وتشكل نموذجا إيجابيا في السياق الشرق أوسطي.