صهاريج عدن.. أحد أهم المعالم
التاريخية في
اليمن، التي بنيت قبل مئات السنين بهدف حفظ مياه الأمطار، لكن أوضاعها المتردية في الوقت الحالي، دفعت نشطاء حقوقيين لإطلاق مبادرة مجتمعية تهدف لتأهيل تلك الصهاريج التي تقع جنوب شرقي مدينة عدن (جنوب).
وتهدف المبادرة التي انطلقت منذ قرابة أسبوع، وتنتهي في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، تحت شعار "معالمنا شواهد حضارتنا" إلى إعادة تأهيل الصهاريج من خلال أعمال صيانة وترميم تشمل الإنارة والتشجير والنظافة، إضافة لتفعيل الأنشطة الثقافية، حسب مسؤولة الأنشطة في المبادرة.
ويمول المبادرة أعضاؤها أنفسهم، إضافة لدعم رمزي من الصندوق الوطني للديمقراطية NED (منظمة أمريكية دولية تعمل في اليمن بالشراكة مع منظمات محلية).
وفي حديث لوكالة الأناضول، قالت المحامية والناشطة الحقوقية هبة عيدروس، إن "المبادرة أطلقها مجموعة من الشباب المنخرطين في برنامج تمكين الشباب الذي تنفذه مؤسسة ألف - باء للتعايش (منظمة مدنية غير حكومية، بدأت نشاطها العام الماضي)".
وبرنامج تمكين الشباب هو أحد البرامج التي تنفذها مؤسسة ألف - باء، ويهدف لتأهيل الشباب المشاركين لإدارة وتنفيذ نشاطات مجتمعية من خلال دورات تدريبية وحلقات نفاشية.
وقالت عيدروس إنهم يسعون لتنفيذ حملة تعريفية بالصهاريج كمعلم تاريخي، وإقامة أنشطة وبرامج ثقافية وسياحية في الموقع نفسه والعمل على استمرارها وتواصلها بشكل دائم، وتشجير الساحة المحيطة بالصهاريج، وتزويدها بمقاعد الجلوس وأعمدة الإنارة، ووضع آليات مناسبة لضبط أعمال النظافة والحراسة فيها، بما يتناسب وأهميتها التاريخية والسياحية.
وأضافت أن "الأوضاع المتردية للصهاريج دفعتها وزملاءها لإطلاق المبادرة"، مشيرة إلى "افتقار الموقع للإنارة ومقاعد الجلوس، فضلا عن تدني خدمات التنظيف والتشجير، وغيرها من مظاهر الإهمال التي جعلت الزوار يعزفون عنها، وهو ما جعلهم يضعون هذه الاحتياجات في اعتبارهم وهم يضعون خطط المبادرة".
وشددت في حديثها على أهمية إقامة الفعاليات الثقافية، والترويج للصهاريج باعتبارها معلما تاريخيا له قيمة تاريخية وهندسية، وتأهيله بما يجعله وجهة أساسية للحركة السياحة، سواء كانت السياحة الداخلية أو الأجنبية، حسب قولها.
من جهتها، قالت أسمهان العلس، الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، وهي منظمة غير حكومية تنشط في عدن، وتعنى بالآثار، إن "تأسيس حملة الصهاريج يعد تطورا نوعيا في نشاط المجتمع المدني في محافظة عدن التي لم تشهد مثل هذا النشاط من قبل".
وخلال لقائها بأعضاء المبادرة، قالت العلس إن "ظهور هذه الحملات يعد رافداً للنشاط الداعي لوقف العبث بالموروث الثقافي المادي لمدينة عدن"، داعية منظمات المجتمع المدني لـ"مؤازرة" الحملة.
يذكر أن "صهاريج عدن" سلسلة متواصلة من أحواض المياه تبدأ في سفوح جبل شمسان وتنتهي بوادي الطويلة الذي يصب في مياه البحر بخليج عدن قرب قلعة صيرة.
وقال خالد عبد الله رباطي، مدير عام الصهاريج، لوكالة الأناضول في وقت سابق إن "تاريخ بناء الصهاريج يعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، في عهد دولة سبأ (حكمت اليمن في الفترة من 1200 قبل الميلاد إلى 275 ميلاديا)، وكانت عاصمتها مدينة مأرب (شمال شرق)، وأعقبتها الدولة الحميرية (استمرت حتى 527 ميلاديا) حسب ما تبينه الكتب والمراجع التاريخية".
وكانت الحكومة اليمنية أنشأت في العام 2003 منتدى صهاريج عدن، وهو ملتقى ثقافي إبداعي يحمل اسم الصهاريج ويقوم بالفعاليات الفنية والأدبية والثقافية، إلا أنه يغلب على نشاطاته أنها شبه موسمية، فضلا عن تراجعه في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.
ومثله المؤتمر السياحي السنوي الذي تنظمه وزارة السياحة، وهو عبارة عن مهرجان يستمر عدة أيام أواخر كل عام باسم "مهرجان صهاريج عدن"، وخصصت الحكومة لمهرجان العام الجاري مبلغ 3 ملايين و700 ألف ريال (يعادل 17 ألف دولار أمريكي).
وإلى جانب الصهاريج تضم عدن معالم تاريخية مهمة ومنها:
- قلعة صيرة التي تعد بمثابة حامية عسكرية أنشئت قبل ألف عام تقريبا.
- بوابة عدن التي تربط بين عدن القديمة والأحياء السكنية التي استحدثت أثناء تواجد الاحتلال البريطاني، والذي استمر لمدة 120 عاماً.
- الدرب التركي (سور قديم كان يغلق المداخل البرية لعدن أقامه العثمانيون خلال تواجدهم في عدن في القرنين 16 و17، وقام الانجليز بتحديثه بعد احتلال عدن في 1839).
- مبان تاريخية منتشرة في أرجاء المدينة، ومنها مساجد وكنائس ومتاحف قديمة.