تباينت مواقف عدد من الدول إزاء إعلان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الأربعاء، عزمه توسيع
الضربات الجوية ضد أهداف "تنظيم الدولة"، لتشمل مواقعه في
سوريا.
إذ رفضت روسيا شن ضربات ضد "المقاتلين الإسلاميين" دون موافقة "الحكومة الشرعية" وتفويض من مجلس الأمن، فيما استبعدت بريطانيا المشاركة في الضربات، ووقفت الصين موقف المتحفظ، وشككت إيران في قدرة التحالف الدولي في دحر "الإرهاب"، أما النظام السوري فحذر من أي عمل عسكري دون إذنه.
ففي موسكو، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية، الكسندر لوكاشفيتش: "تحدث الرئيس الأمريكي مباشرة عن إمكانية توجيه القوات المسلحة الأمريكية ضربات لمواقع الدولة الإسلامية في سوريا دون موافقة الحكومة الشرعية".
وأضاف "هذه الخطوة في غياب قرار لمجلس الأمن الدولي، ستكون عملا عدوانيا وانتهاكا صارخا للقانون الدولي".
وقدمت روسيا- وهي عضو دائم في مجلس الأمن تتمتع بحق النقض الفيتو، تأييدا مهما للأسد في الحرب الأهلية في سوريا التي قتل فيها أكثر من 200 ألف شخص.
فيما استبعدت بريطانيا الانضمام الهجمات الجوية الأمريكية ضد "تنظيم الدولة" في سوريا، وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في تصريحات صحفية "أعضاء البرلمان ضد القيام بعمل عسكري في سوريا، ولن يعاد النظر في هذا القرار".
واتخذت الصين موقفا متحفظا من الخطة الأمريكية، إذ قالت إن العالم يجب أن يحارب الإرهاب لكن سيادة الدول يجب أن تحترم.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ، أن العالم يواجه تهديدا إرهابيا يمثل "تحديا جديدا" للتعاون الدولي.
وأضافت في إفادة صحفية يومية تعليقا على تصريحات أوباما "تعارض الصين كل أشكال الإرهاب وتوافق على أن المجتمع الدولي يجب أن يتعاون لضرب الإرهاب، بما في ذلك دعم جهود الدول المعنية للحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي".
وعبرت الصين مرارا عن قلقها من تصاعد أعمال العنف في العراق وتقدم تنظيم الدولة، لكنها تعارض أيضا أي عمل عسكري خارجي في سوريا.
أما النظام السوري، فحذر على لسان وزير المصالحة الوطنية، علي حيدر، من أي تدخل أجنبي في أراضيه، معتبرا أن ذلك سيكون "اعتداء على سوريا" ما لم توافق عليه دمشق.
وقال حيدر في تصريحات صحفية، إن "أي عمل من دون موافقة القيادة السورية، سيعتبر اعتداء على سوريا"، موضحا أنه "لا بد من التعاون والتنسيق مع سوريا، ولا بد من موافقة سوريا عن أي عمل عسكري على الأرض السورية".
وكانت المعارضة السورية رحبت الخميس، بالاستراتيجية التي عرضها الرئيس أوباما لمحاربة تنظيم الدولة، لكنها دعت في الوقت ذاته "للتحرك أيضا" ضد نظام بشار الأسد.
واستبعدت الدول الغربية العمل مع بشار الأسد قائلة، إنه ساعد بطريقة غير مباشرة تنظيم الدولة على أن تنمو من أجل إضعاف جماعات المعارضة الأخرى.
وفي طهران، قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، إن التحالف الدولي الذي يتشكل لمحاربة تنظيم الدولة "يكتنفه الغموض".
وأضافت في تصريحات صحفية أن هناك كثيرا من الشكوك حول "جدية وصدق" أعضاء التحالف في محاربة الأسباب الحقيقية وراء ما أسمته الإرهاب.
المتحدثة، التي لم تشر إلى خطاب الرئيس الأميركي حول خطته لمحاربة التنظيم، قولها إن بعض أعضاء التحالف الدولي "يدعمون مالياً وعسكرياً الإرهابيين في العراق وسوريا".
وتعمل الولايات المتحدة على تشكيل تحالف دولي لمواجهة "تنظيم الدولة"، الذي تعتبره واشنطن أكبر تهديد لها، ويضم مقاتلين عرباً وغربيين.
واجتمعت في مدينة جدة السعودية الخميس، 11 دولة من الشرق الأوسط (دول الخليج الست وتركيا ومصر والأردن والعراق ولبنان)، بمشاركة واشنطن، وتمخض الاجتماع عن دعم الدول العربية الـ10 للتحركات الأمريكية ضد "تنظيم الدولة".
وأعلن أوباما، إستراتيجية من 4 بنود لمواجهة "تنظيم الدولة"، أولها تنفيذ غارات جوية ضد عناصر التنظيم أينما كانوا، وثانيها زيادة الدعم للقوات البرية التي تقاتلهم والمتمثلة في القوات الكردية والعراقية والمعارضة السورية المعتدلة، وثالثها منع مصادر تمويل التنظيم، ورابعها مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وتنامت قوة "تنظيم الدولة" وسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق في حزيران/ يونيو الماضي، قبل أن يعلن في نفس الشهر تأسيس ما أسماه "دولة الخلافة" في المناطق التي يتواجد فيها في البلدين الجارين، وكذلك مبايعة زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي "خليفة للمسلمين"، ودعا باقي التنظيمات الإسلامية في شتى أنحاء العالم إلى مبايعته.