قال الباحث
الإسرائيلي في جامعة أوكسفورد، أفي شليم، إن بداية الحكمة بالنسبة لقادة إسرائيل هي الاعتراف بأخطائهم.
وأضاف في مقالة له، أنّ "إسرائيل عندها عادة تبرير أفعالها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي ترتكبها باسم الأمن، رغم أنها غير قانونية وغير نزيهة، ولكن حرمان الطرف الآخر من الأمن لن يؤدي إلا لإطالة أمد النزاع".
ونوه إلى أنّه و"بعد خمسة أيام من التوصل لاتفاق إطلاق النار مع
حماس لإنهاء الجولة الأخيرة من القتال في غزة، قررت الحكومة الإسرائيلية ضم 988 دونما من أراضي الضفة الغربية؛ قريبا من المكان الذي اختطف فيه الأحداث الإسرائيليون الثلاثة وقتلوا، ومن أجل تعبيد الطريق أمام مدينة إسرائيلية جديدة غير قانونية، وتعتبر هذه أكبر سرقة أراضي منذ عقود.
وكما قالت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني "فهو قرار سيضعف صور إسرائيل وأمنها، وما يثبت -إن طلب منا الدليل- هو أن قادة إسرائيل يريدون بالتأكيد منع تحقيق حل الدولتين للصراع"، وفقا للكاتب.
وفي تعليقه على عملية الجرف الصامد الأخيرة، أكد أنّ "عملية الجرف الصلب التي انتهت بعد خمسين يوما من القتال، كانت الحرب الثالثة القاتلة في ستة أعوام بين إسرائيل وحماس، حركة المقاومة الإسلامية التي تدير غزة، وفقدت فيها إسرائيل 60 جنديا وستة مدنيين. وعلى الجانب الفلسطيني، فقد خلفت الحرب 2104 قتلى معظمهم من المدنيين وأكثر من 12656 جريحا و17000 بيت تضرر أو هدم و520 ألف شخص مشرد من بين 1.8 مليون نسمة. وتقدر قيمة ما تضرر من البنية التحتية والبنايات بحوالي 6 مليارات دولار ويحتاج لسنوات كي يتم إعماره".
وتساءل شليم: "ماذا حققت إسرائيل عبر إطلاقها العنان للجيش الإسرائيلي كي يقصف سكانا محاصرين في جيب ساحلي صغير؟ تقريبا لا شيء".
وقال شليم إن "إسرائيل هي التي تسببت بالأزمة بسبب القمع العنيف الذي مارسته ضد ناشطي حماس في الضفة، والذي جاء بعد مقتل الأحداث الإسرائيليين. فقد كانت هجمات صواريخ -السبب الرئيسي للحرب- ردا على الإجراءات الأمنية الإسرائيلية القاسية. فقد حدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أهداف العملية بـ "هدوء مقابل هدوء". ولكن الهدوء كان مخيما قبل أن تبدأ إسرائيل بهذه الدوامة الجديدة من العنف. ولم يبق عند حماس سوى ربع ما كان لديها من ترسانة قبل الحرب، فيما تم تدمير الكثير من أنفاقها التي أطلق عليها المتحدثون باسم الحكومة الإسرائيلية "أنفاق
الإرهاب"، ولكن يمكن تجديد الترسانة وإعادة بناء الأنفاق".
وأضاف قائلا: "ادعى كل طرف تحقيقه انتصارا، لكن نتنياهو بدا فارغا، حيث أعلن اتفاق وقف إطلاق النار كإنجاز عسكري ودبلوماسي لإسرائيل، مع أن أحدا لم يوافقه على هذا التقييم. فقد اتهمه الرأي العام والإعلام والمعارضة والصقور من أعضاء حزب الليكود في الكنيست وبعض أعضاء تحالفه بالقبول بوقف إطلاق النار بدون تحقيق أي من أهداف إسرائيل. وأعطت إحدى الصحف الإسرائيلية نتيجة للمعركة واحد لحماس وصفر لإسرائيل، وتراجعت شعبية نتنياهو من 85% في بداية العملية إلى 38%".
وأكد شليم على أنّ "لدى حماس أسبابا قوية للفرحة، فرغم المعاناة المروعة التي عاناها سكان غزة، فنتيجة الحرب بأي معيار موضوعي كانت تعادلا. ولكن أن تصمد حركة صغيرة وذات تسليح فقير أمام واحد من أقوى جيوش العالم فهذا إنجاز رائع. فلم يصمد مقاتلو الحركة فقط، ولكنهم نجحوا بفرض ما كان يحاول تجنبه وهي حرب استنزاف. فبرغم الضغط العسكري الشديد لم تنهر حماس، بل ارتفعت شعبيتها. ونجحت الحركة فوق كل هذا بإرسال رسالة أن إسرائيل لن تنعم بالأمن والسلام طالما استمرت في احتلال الأراضي الفلسطينية".
وأمام هذا الانتصار الذي حققته حماس "ماذا يجب على إسرائيل فعله؟ بداية الحكمة هو الاعتراف بالخطأ وان تتوقف عن صب الزيت على النار. وأولا وقبل كل شيء على إسرائيل إنهاء الحملة التي لا تتوقف لشيطنة سكان غزة. فالشيطنة هي عدو الحوار وسبب رئيسي في سد باب المفاوضات الدبلوماسية. فتأكيدات الجنرال غوريا إيلاند أن لا وجود لشيء اسمه "مدنيون أبرياء" في غزة أمر مثير للغرابة. فالغزيون هم أناس عاديون ومثل كل الناس العاديين في أي مكان في العالم يحنون للحرية والكرامة في وطنهم".
"ثانيا، حان الوقت لشطب علامة الإرهاب عن حماس، لأنها سلاح قوي في الحرب الدعائية ولا فائدة لها في عملية البحث عن السلام. بالتأكيد حماس مذنبة في أعمال إرهابية لكنها لاعب سياسي شرعي، وفازت في انتخابات حرة ونزيهة عام 2006. ويزعم نتنياهو أنه لا يمكن التفريق بين حماس والتنظيم المجنون القاتل "داعش". لكن حماس ليست تنظيما جهاديا قومي النزعة ولكنها حركة محلية تقودها قيادة سياسية براغماتية وبأهداف محددة".
"ثالثا، يجب على إسرائيل نقل مواجهتها مع حماس من ساحة المعركة إلى طاولة المفاوضات. ففي 2 حزيران/ يونيو اتفقت حماس مع فتح على تشكيل حكومة وحدة وطنية والتي ضمت تكنوقراط بدون أي وزير فيها عضو في حركة حماس. ووافقت الحكومة على مطالب الرباعية الثلاثة كي تكون شريكا في المفاوضات: الاعتراف بإسرائيل واحترام كل الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل ونبذ العنف. فقد كان واحدا من الأهداف غير المعلنة للحرب هو تشويش حكومة الوحدة الوطنية وعليه تستطيع الحكومة..