صحافة دولية

لماذا لن تفرض أوروبا حظرا على مد إسرائيل بالسلاح؟

إسرائيل تروّج لطائرة "هرمس 900" بعد استخدامها في العداون على غزة - أرشيفية
ناقش الصحفي الأيرلندي، ديفين كرونين، في تحقيق نشره موقع "ميدل إيست آي" الدعم الأوروبي لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، وكيفية استخدام أوروبا لطائرات إسرائيلية بدون طيار لمطاردة طالبي اللجوء.

وألقى كرونين الضوء على الطائرة الإسرائيلية بدون طيار من طراز "هرمس 900"، والتي جربها الاحتلال الإسرائيلي في الأسبوع الأول من عدوانه الأخير على غزة، وقال الصحفي ساخرا إن "الطائرة سميت على اسم الآله الإغريقي هرمس، الذي كان يعتقد أنه سارق الماشية وحامي الأغنام في نفس الوقت".

ويقول كرونين إنه من غير المعروف بعد عدد القتلى من جراء استخدام طائرة "هرمس" في غزة، وأن إسرائيل منعت منظمة العفو الدولية و"هيومان رايتس ووتش" من دخول غزة للتحقيق في العدوان.

ولكنه يؤكد أن الطائرات قد تسببت في معاناة وتدمير شديدين، بالرغم من حرص إسرائيل على التأكيد على تطبيقاتها غير المدمرة، مثل شراء البرازيل لطائرة "هرمس 900" من أجل مراقبة الملاعب أثناء كأس العالم، مما شجع الشركة الإسرائيلية المصنعة وتدعى "إيلبيت" على التفاخر بقدرة الطائرة في المساهمة بأغراض سلمية مثل تأمين الفعاليات الرياضية.

ولكن ما تم التغاضي عنه، وفق الكاتب، هو احتمال استخدام نفس الطائرات في ملاحقة طالبي اللجوء إلى أوروبا، والذين يصلون إليها عبر البحر. 

ففي العام الماضي تواصلت شركة "إلبيت" مع الهيئة الأوروبية لإدارة الحدود وتدعى "فرونتيكس" من أجل تعريفها بالطائرات التي تصنعها، وحاولت اقناع الهيئة أنها يمكنها الاستفادة من "هرمس 900" في عمليات البحث والإنقاذ.

وردا على طلب "إلبيت" عقدت الهيئة الأوروبية "فرونتيكس" اجتماعا مع مدير كبير في الشركة في مقرها بوارسو، وعرضت خلالها الشركة تجربة حية للتقنية الجديدة.

ويقول الكاتب إن هناك شركة إسرائيلية أخرى وتدعى شركة "إسرائيل" للصناعات الجوية "IAI"، والتي عرضت تقنياتها في مجال الطائرات بدون طيار على هيئة "فرونتيكس"، والتي قامت في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011 بشراء طائرات بمبلغ 260 ألف دولار من الشركة الإسرائيلية. 

وفي رسائل إلكترونية متبادلة بين شركة IAI"" و"فرونتيكس"، قالت الشركة إنها تملك أفضل أنواع الطائرات بدون طيار، مصممة لملاحقة طالبي اللجوء، ولإثبات حسن النية، عرضت الشركة على "فرونتيكس" أن تقدم لها عرضا لمخازنها بسعر مخفض للغاية.

ويعقب الكاتب قائلا إن هذه النقاشات بين الهيئة التابعة للاتحاد الأوروبي وشركات الأسلحة الإسرائيلية تفسر لماذا رفض الاتحاد الأوروبي فرض حظر الأسلحة على إسرائيل، فمنذ ثلاثة أعوام وافقت "فرونتكس" على شراء واستئجار معدات إسرائيلية، والتي كانت تحصل عليها سابقا من الدول الوروبية.
 
ويتهم الكاتب هيئة "فرونتيكس" بأنها تتبنى أجندة عنصرية، وتسعى إلى منع المهاجرين الأجانب من دخول أوروبا، وأنها تعي تماما أن إسرائيل هي من أبرز مطوري الطائرات بدون طيار، وأن قطاع تصنيع السيارات الإسرائيلية قد شارك في مشاريع بحثية ممولة من الاتحاد الأوروبي حول كيفية "اصطياد" طالبي اللجوء على السواحل الأوروبية. 
ويضيف أنه لا يجب أن ينخدع أحد بمصطلحات رنانة مثل "البحث والإنقاذ" أو "التأمين" والتي تدعي الشركات الإسرائيلية أنها من أهدافها.

ويساوي الكاتب بين إسرائيل و"فرونتيكس" في انتهاكهما لحقوق اللاجئين الفلسطينيين، قائلا إن "فرونتكس" تعمل مع السلطات اليونانية لإجراء مسح على جميع طالبي اللجوء، وقد وثّقت منظمات حقوقية كيف أن "فرونتيكس" كانت تسجل اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا على أنهم "عديمي الجنسية"، بدون الإشارة إلى أنهم فروا من القتال الدائر في سوريا. 

وطلبت منهم السلطات اليونانية مغادرة البلاد خلال 30 يوما، وهو ما يعد خرقا للقانون الدولي الذي ينص أنه "لا يجب طرد أي شخص الى دولة يمكن أن تتعرض فيها حياته للخطر".

وعلى الجانب اللآخر، فإسرائيل كذلك بنت دولتها على أساس تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين، والتطهير العرقي، والكثير منهم  فروا إلى غزة، وتعرضوا للهجمات الإسرائيلية المتوالية.

وفي العدوان الأخير استخدمت إسرائيل قذائف "الدايم" شديدة الانفجار، وقد أطلقتها من خلال صواريخ "هيلفاير" التي حملتها الطائرات الإسرائيلية بدون طيار.

ويعقّب الصحفي كرونين قائلا، إن الرد الملائم لهذه الوحشية من المفترض أن يكون وقف التعامل مع شركات الأسلحة الإسرائيلية، ولكن الواقع أن المشاريع الأوروبية الرئيسية شاركت فيها إسرائيل بنسبة كبيرة. 

فعلى سبيل المثال، بنى الجيش البريطاني نموذج طائرات "الووتشكيبر" التابعة له على النموذج الإسرائيلي "هرمس 450"، والذي سيحل محله قريبا "هرمس 900"، الذي تروّج له إسرائيل على أنه السلاح الرئيسي في مجال مكافحة الإرهاب.

ويقول كرونين إنه حتى قبل ضرب غزة، تلقت الشركات الإسرائيلية المصنعة للطائرات الحربية طلبات بقيمة 9.7 مليار دولار، ويعلق ساخرا أن الطلبات ربما تزيد بعد انتهاء الحرب على غزة.

ويختم الكاتب قائلا "إن غزة قد أصبحت حقل تجارب لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، وإن توطيد الاتحاد الأوروبي لعلاقته مع صناع الأسلحة في إسرائيل يدل أنه يعتبر الفلسطينيين في مرتبة الحيوانات المستخدمة في التجارب الوحشية. ولكن شعب غزة أثبت بصموده أنه لن يقبل أبدا هذه المنزلة".