أعرب قيادي في
المعارضة السورية عن قناعته بأن القاهرة منشغلة بأوضاعها الداخلية وأن الحكومة
المصرية غير قادرة على التأثير في
الصراع السوري في الوقت الراهن، وشدد على أن أي مخرج للأوضاع المتدهورة في
سوريا يقتضي الخلاص مما وصفه بـ "القيادة السياسية الطائفية" الحاكمة.
واستبعد لؤي صافي الخميس أن تستطيع القاهرة لعب دور بارز في الأزمة السورية في هذا الوقت، وقال لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "مصر دولة محورية في المنظومة العربية، كان يمكن لها أن تلعب دوراً حاسماً في خلق توازنات في المشرق العربي لولا الانقسامات الداخلية التي أضعفتها وحرمتها، كما حرمت شعوب المنطقة، من القيام بمثل هذا الدور. مصر ستحتاج إلى عقد أو عقدين من العمل الإصلاحي الداخلي قبل أن تتمكن من الخروج من أزمتها والعودة للعودة للتأثير في مجريات الأحداث"، وفق رأيه.
وفيما إن كانت الاتصالات قد بدأت مؤخراً بين القاهرة والائتلاف لهذا الهدف، قال صافي، عضو ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية "بعض القيادات المصرية تستشعر الخطر الناجم عن استمرار الصراع الداخلي السوري، وسبق أن شاركت في جهود لإنهاء هذا الصراع، ولكن الظرف السياسي العام لا يسمح للدولة المصرية للقيام بدور مؤثر". وأضاف "مصر منشغلة بأوضاعها الداخلية والحكومة المصرية غير قادرة على التأثير في الصراعات القائمة في المنطقة من خلال موقف مستقل يأخذ بعين النظر المصلحة الوطنية لشعوب المشرق نظراً لخضوعها للتجاذبات الدولية نتيجة للتحركات الإقليمية والدولية المستمرة في الاتجاه المعاكس للمطالب الشعبية في إنهاء حالة الاستبداد وتفكيك الدولة الأمنية التي حكمت مصر منذ الاستقلال" وفق قوله.
واستبعد صافي وجود تفويض من النظام لمصر لبدء مفاوضات غير مباشرة مع المعارضة السورية، وقال "أستبعد وجود أي تفويض من نظام الأسد حول مبادرة للوصول إلى حل سياسي. نعم النظام السوري أصبح ضعيفاً وهو في حالة عجز واضح عن الحسم العسكري، يتعرض لضغوط متزايدة من حاضنته الشعبية بسبب ارتفاع أعداد القتلى من أبناء الطائفة العلوية، ولكن النظام غير راغب من جهة في الوصول إلى حل سياسي، لأن النخبة الحاكمة على قناعة بأن أي حل سياسي قادم سيؤدي إلى نهاية حقبة الأسد في سورية، وهذا ما تحاول أسرة الأسد المتحكمة في مفاصل الدولة الهروب منه. أضف إلى ذلك أن قرار إنهاء الصراع خرج عن يد بشار الأسد، وهو يخضع لتأثيرات القرار الإيراني والروسي لدرجة عالية" وفق تأكيده.
وعن إمكانية التفاوض غير المباشر مع النظام عن طريق دولة عربية أخرى قال "المعارضة السورية على اختلاف مكوناتها الفاعلة أضحت على قناعة بأن لا مخرج من تدهور الأوضاع في سوريا إلا بالخلاص من القيادة السياسية الطائفية التي جرت البلاد إلى حرب مدمرة، وبالتالي فإن أي مفاوضات لا بد أن تقود إلى تفكيك المنظومة الأمنية الطائفية التي بناها حافظ الأسد وأفراد أسرته، وهذا يعني أيضاً، ونظراً لتهرب النظام من الحل السياسي الذي أشرت إليه آنفاً، أن احتمالات قيام مفاوضات لإنهاء الصراع الدموي في سورية مرتبط مباشرة بوجود توافق إقليمي ودولي لإنهاء حكم الأسد، وهذه التوافق لا زال بعيداً" وفق قوله.
وشدد صافي في حديثه لوكالة الأنباء الإيطالية باللغة العربي "آكي" على أن أي حل للأزمة السورية يقتضي بالضرورة عدم وجود أي دور للأسد فيه، وقال "تسعى المعارضة إلى إنهاء الصراع الدموي والدخول في عملية انتقال سياسي يقود إلى دولة القانون والحريات. هذا المطلب لا يمكن تحقيقه بوجود الأسد في السلطة لأسباب تتعلق ببنية النظام نفسه والعقلية التي تحكمه. بشار الأسد بما يملكه من سلطات مطلقة وغير محدودة مسؤول عن حمام الدم الذي بدأ منذ ثلاث سنوات ونيف، ومسؤول عن كل القرارات التي قادت إلى معاناة السوريين الحالية"، وتابع "إن إنهاء مرحلة الحكم المطلق في سورية تتطلب عملية سياسية تعيد تشكيل النظام السياسي لإخضاع السلطات إلى مساءلة شعبية حقيقية، وهذا يتطلب بدوره إنهاء حكم الأسد. كيفية الوصول إلى هذا وآلية انتقال السلطة مسألة خاضعة للتفاوض. لكن من الناحية الإجرائية لا بد أن تؤدي عبر عملية انتقالية إلى نزع السلطات ممن ساهم في دمار البلاد، وتحقيق العدالة الانتقالية الضرورية للدخول في مصالحة وطنية بين مكونات الشعب السوري".
وصافي مفكر وكاتب سوري وناشط سياسي في الشأن السوري إضافة إلى كونه ناشطا في الدفاع عن حقوق الجاليات العربية والإسلامية في أمريكا والغرب عموما. وعضو مؤسس في مجلس إدارة مركز دراسة الإسلام والديمقراطية.