لم تُجد تنازلات الرئيس
اليمني عبدربه منصور هادي نفعا، في إقناع الحوثيين ببنود
المبادرة التي وافقت عليها جميع القوى السياسية في البلاد، والتي تضمّنت تشكيل حكومة وحدة وطنية، ودعم الوقود بـنسبة 12 في المائة، بعد قرار رفعه تماما في نهاية آب/ أغسطس الماضي.
ويرى مراقبون أن الساحة اليمنية صارت مفتوحة على كافة الاحتمالات، ما جعل البعض يتساءل عن الخيارات المتبقية لدى الرئيس اليمني لتسوية الأزمة مع الحوثيين؟
ويعتقد رئيس المنتدى العربي للتنمية السياسية في اليمن نبيل البكيري، أنه "لم يعد أمام
الرئيس هادي من خيار سوى خيار الحسم في ظل جردة التنازلات الكبيرة التي يقدمها للحوثيين".
وأضاف لــ"عربي 21": "أي مزيد من التنازلات للحوثيين، ليست سوى عوامل تحفيز لرفع سقوف مطالبهم التي لن تنتهي إلا بتسليمهم السلطة كلها، باعتبارها حقا إلهيا مقدسا محصورًا بهم دون غيرهم، وهذه هي الحقيقة التي يسعون لتحقيقها مهما غلّفوها بغيرها من المطالب"، على حد وصفه.
وأوضح البكيري أن "كل الخيارات استنفدت لحل هذه الإشكالية المملة، نظرا لعدم إيمان الحوثيين بشيء اسمه "وطن"، فضلاً عن مفهوم "الشراكة الوطنية". لافتاً إلى أنّ "الرئيس اليمني محكوم بإخفاقاته السابقة، لعدم قدرته على فهم تعقيدات ذهنية السلوك السياسي لأصحاب المركز المقدس، في إشارة للحوثيين، والآن يحصد نتائج فشله ذاك"، حسب تعبيره.
ويسيطر على فلسفة الحوثيين مبدأ "الحق المقدس في الحكم" المنبثقة من نظرية "الولاية من البطنين"، بحجة انتسابهم إلى الحسن والحسين أبناء علي بن أبي طالب، وهذا ما تحكيه كتبهم وملازمهم التي ألفها مؤسس جماعة الحوثيين حسين الحوثي.
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي عباس الضالعي أن "التنازلات التي تُبديها الرئاسة اليمنية تُمثل دافعا لجماعة الحوثي لمواصلة التصعيد، لكن هدفها الحفاظ على السلم وتجنب الدخول في حرب مع الجماعة".
وأضاف لــ"عربي 21" أنّ" تواجد الحشود المسلحة للحوثيين على أبواب العاصمة وداخلها، فرضت على الرئيس هادي الاتجاه إلى استخدام أدوات الحل السلمي المتاحة".
وأشار الضالعي إلى أن " الخيار السلمي لن يبقى كثيرا أمام الرئيس اليمني الذي لوح بخيار القوة للدفاع عن العاصمة وكبح جماح الحوثيين الذين يعمدون إلى تضييّق وسائل الحل السلمية "، حسب قوله.
وفي السياق ذاته، قال الباحث السياسي نشوان الشرعبي، إنّ "خيارات الرئيس اليمني بعد رفض الحوثيين للمبادرة أصبحت مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك لأن صبر الرئيس والحكومة لن يدوم طويلا، خصوصا إذا استمروا في اعتصاماتهم المسلحة وحصارهم لمداخل العاصمة والمؤسسات في داخلها، وتلويحهم المتكرر باللجوء إلى العنف".
ولفت الشرعبي في حديث لــ"عربي 21"، إلى أن "خيار الحسم العسكري قد يكون واردا، وقد تدفع جماعة الحوثي الشيعية الأوضاع نحو هذا الاتجاه، نتيجة فائض القوة التي تمتلكها، بينما كانت لغة السلاح جزءا أصيلا وراسخا في عقيدتها وأيديولوجيتها وتركيبتها الثقافية، وهي تحاول جاهدة جر الرئيس هادي والدولة نحو هذا الخيار".
وأكد أن "هذا الخيار رغم كلفته وتداعياته على الدولة من الناحيتين المادية والبشرية، إلا أنه وفقا للمعطيات الراهنة يبدو حتميا في ظل تعنت جماعة الحوثي، ويختلف عن سابقه بأن الدولة ستلجأ إليه مدعومة باصطفاف شعبي وتأييد إقليمي وربما دولي".
يذكر أن الأزمة بين الرئاسة اليمنية والحوثيين، دخلت أسبوعها الثالث تقريبا، بعدما أعلن زعيم الحوثيين الزحف المسلح إلى العاصمة صنعاء، لإسقاط الحكومة وإجبار السلطات على التراجع عن قرار رفع الدعم عن الوقود الذي اتخذته في أواخر آب/ أغسطس الماضي.