قال حقوقيان وخبير دولي، الأربعاء، إن مشروع إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان، الذي سيبحثه
وزراء الخارجية العرب الأحد المقبل، يحمي الحكام من التعرض للمحاكمة دولياً في
انتهاكات جرى ارتكابها ضد شعوبهم.
وفي تصريحات لوكالة الأناضول، عبر الهاتف، قال داوود خير الله، أستاذ القانون الدولي في جامعة جورج تاون وجونز هوبكينز، إن "إحالة أي قضية ضد نظام حاكم أمام المحكمة العربية المزمع إنشاؤها يعيق إحالتها لأي محكمة دولية، وبالتالي فإنه لن يبقى هناك شكوى دولية ضد رموز النظام العربي في موضوع القضية المرفوعة، وفق مبدأ عام معمول به في القانون الدولي".
وأضاف خير الله: "لن يكون باستطاعة أي محاكمة دولية قبول أي دعوى ضد رموز الحكم في أي بلد عربي، طالما اختار العرب مقاضاتهم عربياً، وهو الأمر المثير للقلق والمخاوف خاصة عند الحديث عن فاعلية المحكمة العربية".
ومن المنتظر اتخاذ قرار حول تبني الجامعة العربية لمشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان خلال اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، والمقرر عقده الأحد المقبل، حسبما قال نبيل العربي في المؤتمر الدولي الأول لإنشاء المحكمة في آيار/ مايو الماضي.
وشكك خير الله في فاعلية المحكمة العربية، استنادا على "عدم اتخاذ الجامعة العربية لمواقف حاسمة فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل"، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه "ليس هناك تفعيل للاتفاقيات العربية التي رعتها الجامعة، مثل اتفاقية الدفاع العربي المشترك لعام 1950، وغيرها من الاتفاقيات".
من جانبه، قال أحمد الحجيري أمين عام الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان للأناضول إن "اعتراض عدد من المنظمات الحقوقية والعربية، على مشروع إنشاء المحكمة العربية يرجع إلى أن المحكمة تحمي الأنظمة العربية من المحاكمة أمام دولهم، بعد استنفاذ شعوبهم لسبل القضاء الداخلية".
وأضاف الحجيري "كما أن إمكانية ذهاب الأشخاص المتظلمين لرفع قضايا أمام المحكمة العربية، أمر مريب، خاصة أن الدولة لن تسمح لهم بالوصول إلى مقر المحكمة لرفع قضايا ضدهم".
وبالأمس طالبت 17 منظمة حقوقية إقليمية ودولية وزارء الخارجية العرب، بتأجيل تبني مشروع النظام الأساسي للمحكمة العربية لحقوق الإنسان، وأبدت اعتراضها على بعض البنود، والتي رأت أنها "لا تخدم الهدف المرجو من إنشاء هذه المحكمة، وهو توفير العدالة لضحايا انتهاكات
حقوق الإنسان".
وانتقدت المنظمات عددا من مواد المشروع أهمها، المادة 19 من مشروع المحكمة والتي تحصر ولاية المحكمة على "أية دولة طرف يزعم أحد رعاياها أن إحدى حقوقه الإنسانية قد انتهكت" بالإضافة إلى أنها تمنح الدول خيار "السماح للمنظمات غير الحكومية بتقديم قضايا بالنيابة عن الأفراد"، حيث اعتبرت المنظمات أن "من شأن تلك المادة أن تفرغ المحكمة من أي فعالية، حيث أنه من غير المرجح ومن غير المتوقع أن يسمح المسؤولون في الدول للمنظمات ذاتها التي تسعى إلى مساءلة هذه الدول بالدخول إلى المحكمة العربية".
من جانبه قال فرج فنيش، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان (التابعة للأمم المتحدة)، إن "المفوضية لديها انتقادات بشأن بنود المشروع، وهو ما دفعها لتقديم توصيات للجامعة العربية من بينها ضرورة عمل المؤسسة طبقاً للمعاير الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتتبع آليات لمحاكمة انتهاك الحقوق مهما كانت الدولة المتهمة، إلى جانب التوصية بانضمام الدول العربية للاتفاقيات الدولية وليس الميثاق العالمي لحقوق الإنسان فحسب".
وأضاف فنيش في تصريحات لوكالة الأناضول: "ما قمنا به ملاحظات للفت الانتباه لتحسين الوضع، وفي النهاية نحن لسنا مسؤولين عن الصورة النهائية لهذا المشروع".
وطرحت فكرة إنشاء المحكمة العربية لحقوق الإنسان، على أن يكون مقرها البحرين، بمبادرة ملكية من العاهل البحريني في شباط/ فبراير العام الماضي، وعرضت الفكرة على المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية وتمت الموافقة عليها بالإجماع، كما تمت الموافقة المبدئية على مسودة النظام الأساسي للمحكمة في قمة الدول العربية بالدوحة آذار/ مارس العام الماضي.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، رحبت القمة العربية الأخيرة في الكويت بإنشاء المحكمة وقرار مجلس الجامعة على مستوى القمة بأن تكون مملكة البحرين مقرا لهذه المحكمة، بهدف دعم العمل العربي في مجال حقوق الإنسان وتعزيزا لاحترام وحماية هذه الحقوق، في إطار من سيادة القانون والمواثيق الدولية، ومبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية لحقوق الإنسان.