قالوا: لكل امرئ من اسمه نصيب..
وكان للقائد كل النصيب من اسمه..
سيظل ضيفًا وإنّ تجذر وجوده بيننا، ضيفٌ على عصرنا الكئيب قادمٌ من أزمنة النور وأيام الملاحم.
ضيف لا ترى إلا ظله وإن اتسعت حدقتاك محاولا الظفر برؤية ملمحٍ واحدٍ لرجلٍ تراه كل لحظة في سماء وطن زُينت بصنع أيدي تلاميذه، في ساعد شمّر عنه أبو عبيدة، في تفاوضٍ من بؤرة القوة وعزة الانتصار، في زغرودة لأم شهيد، في الصبر المجسد أمام ثلاجات الموتى، في الذعر المتطاير من أعين يهود وفي كل خبر عاجل توافيك به القنوات الصديقة والعميلة على حد سواء..!
تقرأ سيرته، تعجب من نجاته في محاولات اغتيال شرسة على قطاعٍ تدكه القذائف والصواريخ في كل حين، ويخونه العملاء المخفيون منهم والرسميون ويحاصره الأبعدون والأقربون.. وينجو الضيف وإن أقام..!
يقولون.. مُقعد..!
وهل يأتي الحراك إلا منه؟!
وهل تدار المعارك إلا في رأسه؟
فما حاجته لقدميه ما دامت روحه طليقة لا يأسرها مكان ولا يحدها زمان، يسافر ليشاور خالد بن الوليد في تنظيم الجيش ويعود ليؤسس السلاح والعتاد بأحدث العلوم، يستلهم تقوى أبي عبيدة بن الجراح ويحنو على جنده حنو الصّديق – عليهم وعليه رضوان الله-
ثم.. يظهر في الظل، دون بساط أحمر أو ربطة عنق، بعيدا عن كومة مكبرات الصوت التي تحجب رؤيتنا لقلب المتحدث... وياله من ظل..!
لم تحظَ برؤيته إلا زوجه المنتظِرة قدومه خلسة أو استشهادة فجأة وطفله الذي لم يدرك بعد ابن أي عظيم هو.
لذا كانت جريمتهما الكبرى التي تستحق عقوبة الاعدام قصفا هي الانتماء للقائد، لم يكفِ انهم – الصهاينة- جعلوه ضيفا في بيته أو ما تيسر من بيوت المخلصين بل أرادوا لقلبه أن ينخلع لفراق الملاذ العابر الذي كان يؤي إليه كلما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكم طال هذا السبيل.
وما علموا أن قلبه قد اعتاد الفقد كلما استشهد فرد من صفوة قادة
القسام أو جندي حديث الالتحاق، كلما سبق طفل أهله للجنة أو وارى الثرى أبٍ عن بنيه، كلما تأوّه جريح على المعبر أو تسارعت دقات أجهزة العلاج في مشفى..
الآن يتحرر الضيف من قلقه على "غواليه" فقد أودعهم عند الرحيم الذي اختارهم، الآن يعمل الضيف دون أن ينتظر خبر يشتت عليه خطته، الآن لا يخاف على ابنه بعد أن تيّقن أنه يُربى في الجنة بانتظاره، الآن لا يُعنت حرّاسه بالتأكد من الطرقات المؤدية لبيته أثناء طلة عابرة يطمئن فيها على رفيقة الجهاد..
الآن اكتمل نصيب القائد من اسمه..