يتواصل في
مصر مسلسل استهداف المنشآت الكهربائية، حيث بات إسقاط أبراج
الكهرباء أو حرق المحولات أو محطات التوليد في المحافظات المختلفة، الهدف اليومي والمفضل لدى أعداد متزايدة من المخربين المجهولين المعارضين للنظام الحالي.
وكشف رئيس الوزراء إبراهيم محلب، عن تعرض البلاد لأكثر من 300 عملية
تخريب في محطات الكهرباء خلال الشهر الماضي فقط، ما يتسبب في غرق عدد من القرى والمدن في الظلام لمدد طويلة.
وتعيش البلاد منذ عدة أشهر انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي، لكن الأزمة تفاقمت بصورة كارثية منذ بداية شهر أغسطس الجاري، إذ أعلنت الشركة القابضة لكهرباء مصر أن الشبكة القومية تشهد أسوأ موجة انقطاعات في تاريخها، وزاد الطين بلة تزايد وتيرة عمليات تفجير أبراج الضغط العالي في الأيام الأخيرة، ما تسبب في تزايد السخط بين المواطنين الذين أعربوا عن غضبهم من عجز الحكومة حماية المنشآت الحيوية.
300 عملية تخريب
وأوضح إبراهيم محلب - خلال مؤتمر صحفي عقده السبت بعد افتتاح مستشفى بالقاهرة - أن العمليات التخريبية التي شهدها الشهر الماضي استهدفت المنشآت الكهربائية من خلال مخطط شيطاني لزيادة مشكلة الكهرباء حتى تصاب الحياة في مصر بالشلل التام.
وأكد رئيس الوزراء إلى أن تأثير تلك العمليات تسبب في زيادة مشكلة الكهرباء بنسبة تتراوح بين 10 و15% خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن أجهزة الأمن توصلت إلى عناصر بعض عصابات منعدمي الضمير الذين يقومون بهذه العمليات وسوف يقدون للمحاكمة.
وأوضح أن مجلس الوزراء يدرس إصدار قانون جديد يغلظ العقوبة على من يقوم بالاعتداء على المرافق العامة وكل من يفكر في هدم الطاقة الكهربائية لحماية الوطن من تلك المخاطر الداهمة.
وناشد محلب المخربين قائلاً:"راعوا ربنا"، مضيفا أن هؤلاء المخربين ليس لهم الحق في الحياة في مصر.
وأوضح أن الدولة حاليا في حالة حرب ضروس مع عدو من الداخل، يريد تعكير صفو المصريين و"التنكيد" عليهم، مؤكدا أن الله عز وجل أكبر من كل هؤلاء، وأن مصر محمية بجيشها وقضاتها.
من جانبه أكد المهندس أحمد الحنفي رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء أن إجمالي تكلفة إصلاح أبراج الكهرباء ذات الجهد العالي التي تم تفجيرها منذ شهر فبراير الماضي، وحتى الآن تصل إلى حوالى 234 مليون ويبلغ عددهم 32 برجا في مختلف أنحاء الجمهورية.
وأوضح الحنفي في تصريحات لصحيفة اليوم السابع أن هناك اتفاقا مبدئيا بين الحكومة وشيوخ قبائل العربية والبدو لتأمين بعض الأبراج مقابل مبالغ مالية بميزانية مبدئية تصل لمليون جنيه، خاصة في المناطق الصحراوية والنائية، مثل حلايب وشلاتين وشرق العوينات والواحات البحرية والبحر الأحمر وطريق القاهرة السويس.
وقال الحنفي إن الخطة لن يتم إقرارها إلا بعد موافقة وزارة الداخلية على الأشخاص أو الشركات الذين سيتولون التأمين، مشيرا إلى أن عدد أبراج الكهرباء على مستوى الجمهورية يبلغ 140 ألف برج تقع على طول 40 ألف كيلو متر مربع.
خلايا إخوانية
وفي هذا السياق، قال اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية إن قطاع الأمن الوطني تمكن من تحديد 6 خلايا تستهدف تفجير أبراج ومحولات ومحطات الكهرباء بعدد من المحافظات من بينها الجيزة والمنوفية والغربية وكفر الشيخ والشرقية والإسكندرية.
وأكد العبد اللطيف - في بيان له السبت تلقت "عربي21" نسخة منه - أن من بين عناصر تلك الخلايا عاملون بعدد من الشركات التابعة لوزارة الكهرباء، أمدوهم معلومات تفصيلية من المركز القومي للتحكم في الطاقة لتحديد المواقع التي يمكن استهدافها في أعمال تخريبية من أبراج الضغط العالي وأبراج الضغط العالي المؤثرة على مستوى الجمهورية وتقارير عن كل الخطوط والمحولات الكهربائية بجميع أنحاء الجمهورية وإحداثيات غرف المحولات الرئيسية.
وأضاف أن مسئولي تلك الخلايا بالمحافظات يعملون على تطوير عملهم المشترك في الفترة الحالية من خلال وضع خطة لإتلاف وتخريب عدد من أبراج الضغط العالي المؤثرة على شبكة الكهرباء في إطار مخطط أكبر يستهدف تعطيل المرافق الحيوية والمواصلات العامة في البلاد.
ونشرت الشركة المصرية لنقل الكهرباء تقريرا يوم الجمعة عن أبراج الكهرباء التي تم استهدافها منذ فبراير الماضي وحتى الآن، والتي يبلغ عددها 32 برجا، توزعت بين مناطق القاهرة والدلتا وغرب الدلتا والقناة بشمال مصر، ومحافظات الصعيد جنوبي البلاد.
وكشف التقرير أن الأبراج تم استهدفها وتفجيرها عن طريق استخدام الليزر أو اسطوانات الغاز أو الطلق الناري أو قطع الأرجل، مشيرا إلى أن الحكومة تكبدت خسائر تبلغ نحو 34 مليون جنيه نتيجة تفجير أبراج الضغط العالي.
خطة لحراسة الأبراج
من جهتها، أعلنت وزارة الكهرباء اتخاذ عدة تدابير أمنية وفنية للتغلب على الاعتداءات التي تتعرض له الشبكة القومية، من مؤكدة انتهائها من وضع خطة شاملة لتأمين جميع المنشآت الكهربائية من أبراج ضغط عالي ومحولات ومحطات توليد.
وأعلنت الوزارة - في بيان لها السبت - أنها أرسلت إلى المحافظين خرائط بأماكن تواجد خطوط الضغط العالي وأماكن الأبراج بكل مدن وقرى محافظات الجمهورية لإلزام الوحدات المحلية بتعيين حراسة ودوريات مترجلة لحمايتها من هجوم العناصر التخريبية، كما سترسل الوزارة هذه الخرائط إلى مجلس الوزراء ليقوم بالإشراف على تنفيذ خطة الحماية وتكليف المحليات بإعداد خطة لحراسة منشآت الكهرباء.
كما ناشدت الوزارة المواطنين التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي معلومات يمكن أن تساهم في القبض المشاركين في تلك الأعمال التخريبية.
وأعلنت الوزارة أن تقوم فوراً بالإبلاغ عن احتراق أي محول أو برج لتتفادى الخسائر الناتجة عنه، وتم رفع حالة الطوارئ لدى الفرق الفنية وكذلك توفير مولدات مؤقتة بديلة.
ويصعب على الحكومة، إن لم يكن مستحيلا، توفير الحماية لمحطات التوليد وأبراج الضغط العالي ومحولات الكهرباء المنتشرة في كل مكان في البلاد، ويسهل استهدافهم بوسائل بدائية، كما أن تكلفة إعادة تشغيل المدمر منهم والوقت اللازم لإصلاحهم يضع مزيدا من الضغوط على حكومة، لا تنقصها الضغوط ولا تجد من يحتمل فشلها.
ونتيجة لعمليات التخريب والأعطال التي تتعرض لها المنشآت الكهربائية ارتفعت انقطاعات التيار، خلال الأسبوع الماضي، حيث استمر وقت الذروة لأكثر من 18 ساعة، ووصل تخفيف الأحمال إلى 4780 ميجاوات، وهو ما يمثل 20% من الطاقة القصوى لشبكة الكهرباء.