كتاب عربي 21

قراءة في نتائج الانتخابات الرئاسية التركية

1300x600

الجولة الأولى للانتخابات التركية التي أجريت يوم الأحد الماضي أسفرت عن فوز رئيس الوزراء ومرشح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان. وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات، وفقا للنتائج غير الرسمية، حصول أردوغان على 51.79 بالمائة من أصوات الناخبين، في مقابل حصول مرشح حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية أكمل الدين إحسان أوغلو على 38.44 بالمائة وحصول مرشح حزب السلام والديمقراطية الكردي صلاح الدين دميرتاش على 9.76 بالمائة. وتجاوزت نسبة المشاركة في الانتخابات 74 بالمائة.

كانت هناك توقعات بحدوث مفاجأة إلا أن النتائج جاءت إلى حد ما قريبة من نتائج استطلاعات الرأي التي أجريت قبيل الانتخابات. ولعل هذا يرجع إلى عدم ذهاب نسبة من مؤيدي أردوغان إلى صناديق الاقتراع ظنا منهم أن الفوز مضمون ولا حاجة لأصواتهم. وكان كثير من المراقبين يظنون أن مشاركة مؤيدي الأحزاب المعارضة في الانتخابات ستكون ضعيفة لاعتقادهم بأن إحسان أوغلو لا يمكن أن يفوز بأي حال، إلا أنهم أخطؤوا في هذا الظن، وأن نسبة المشاركة في الانتخابات في المحافظات الساحلية التي تقدم فيها إحسان أوغلو على منافسيه كانت عالية، وكانت في معظمها فوق 74 بالمائة بل وصلت في بعضها إلى أكثر من 84 بالمائة.

ومع ذلك، حصل أردوغان على 21 مليون صوت من 40 مليون صوت تم الإدلاء بها في الانتخابات الرئاسية، بينما كان عدد الأصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية الأخيرة، أي قبل 5 أشهر، حوالي 20 مليون و500 ألف صوت من 45 مليون صوت تم الإدلاء بها آنذاك. وهذا يعني أن نسبة من مؤيدي الأحزاب الأخرى صوَّتت لصالح أردوغان.

وفي المقابل، كانت الأحزاب المؤيدة لأكمل الدين إحسان أوغلو، وهي أربعة عشر حزبا، حصلت على حوالي 45 بالمائة في الانتخابات المحلية التي أجريت في 30 مارس/ آذار الماضي ولكن إحسان أوغلو حصل فقط على 38.44 بالمائة يوم الأحد الماضي. وهذا يعني أن هناك تراجعا واضحا يصل إلى أكثر من 6 بالمائة، وكذلك يعني هزيمة لجميع الأحزاب التي دعت الناخبين للتصويت لإحسان أوغلو.

جاء أردوغان في المرتبة الأولى في 55 محافظة متقدما على منافسيه، وفي المرتبة الثانية في 24 محافظة، وتأخر عن إحسان أوغلو في محافظتين فقط، وهما محافظا "تونجلي" و"إغدير". الأولى مسقط رأس زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، وتقع في شرق البلاد وتعتبر قلعة العلويين، وكان من المستحيل أن يفوز فيها أردوغان، والثانية تقع في الشرق على الحدود مع إيران. وفي المحافظتين كلتيهما تقدم دميرتاش على منافسيه، ما يعني أن العلويين فضَّلوه على إحسان أوغلو. ومع ذلك، حصل أردوغان في "تونجلي" على 15.2 بالمائة وفي "إغدير" على 27.3 بالمائة.

هذه النتائج تظهر أن أردوغان حتى في المحافظات التي حل فيها في المتربة الثانية والمرتبة الثالثة حصل على نسبة لا بأس بها من أصوات الناخبين. وهذا يعني أن قاعدته الشعبية لها حضور في جميع أنحاء البلاد. وأما إحسان أوغلو فتقدم على منافسيه في 15 محافظة فقط، وكانت النسبة التي حصل عليها في بعض المحافظات، خاصة ذات الأغلبية الكردية، ضئيلة جدا. وحصل -على سبيل المثال- في "ديار بكر" على 2.3 بالمائة، وفي "شرناق" 2 بالمائة، وفي "باطمان" 2 بالمائة، وفي "هكاري" 2.1 بالمائة، وفي "بدليس" 4.2 بالمائة، وفي "بنغول" 4.4 بالمائة. وهذا يعني أن الأكراد رفضوا أكمل الدين إحسان أوغلو رفضا قاطعا. وفي المقابل، حصل أردوغان في الأولى على 33.5 بالمائة وفي الثانية على 14.8 بالمائة وفي الثالثة على 38 بالمائة وفي الرابعة على 16.3 بالمائة وفي الخامسة على 52.1 بالمائة وفي السادسة على 65 بالمائة.

وكذلك دميرتاش، حصل على نسب مرتفعة من أصوات الناخبين في 11 محافظة ذات أغلبية كردية وعلى أصوات بعض الناخبين اليساريين في المحافظات الغربية، ولكن النسبة التي حصل عليها في بعض المحافظات لم تصل إلى 1 أو 2 بالمائة. وحصل في "بايبورت" على 0.7 بالمائة، وفي "ريزة" على 1.2 بالمائة، وفي "طرابزون" على 1.2 بالمائة، وفي "سامسون" على 1.3 بالمائة، وفي "غيرسون" على 1.4 بالمائة، وهناك أمثلة كثيرة. بينما حصل أردوغان في الأولى على 80.2 بالمائة وفي الثانية على 80.6 بالمائة وفي الثالثة على 70.1 بالمائة  وفي الرابعة 65.9 بالمائة وفي الخامسة 66.6 بالمائة. 

هذه الأرقام تشير إلى شيء واحد، وهو أن أردوغان الذي له شعبية في جميع أنحاء البلاد هو الأجدر بقيادة تركيا ولا يمكن أن يقودها مرشح مرفوض لدى الأتراك أو الأكراد.