كشف موقع
ديبكا الإسرائيلي عن أن القاهرة بعثت برسالة سرية إلى الحكومة الإسرائيلية، ليلة السبت التاسع من آب/ أغسطس، مفادها أن
مصر لم تتمكن من إقناع "
حماس" بتقديم أي تنازلات لأن "الجيش الإسرائيلي لم يضرب حماس بما يكفي من قوة".
هذا ما ذكره حصرياً موقع دبكة نقلا عن مصادر عسكرية واستخباراتية، في حين أوضح أنه لم يكن ثمة مبرر لتقوم إسرائيل بإرسال ممثليها إلى العاصمة المصرية تارة أخرى للتفاوض حول وقف دائم لإطلاق النار، لأنهم لو جاءوا فلن يعودوا إلا بخفي حنين.
وذكر الموقع القريب من دوائر الاستخبارات الإسرائيلية أن هذا ما دفع برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى إلغاء مغادرة الوفد بعد أن فهم مغزى ما احتوته الرسالة، ألا وهو: لا سبيل للنجاح أمام مبادرة وقف إطلاق النار التي اقترحها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما لم يضرب الجيش الإسرائيلي بقسوة جناح حماس العسكري عز الدين القسام فيضطره إلى الاستسلام.
واستجابة للوساطة المصرية، أعربت إسرائيل عن استعدادها لتقليص مساحة المنطقة الأمنية داخل قطاع
غزة بما يقرب من 200 متراً، شريطة أن تلتزم حماس باحترام وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة ابتداء من منتصف ليلة الأحد العاشر من آب/ أغسطس، بحسب مصادر استخباراتية.
وأشارت إسرائيل إلى أنه إذا ما ثبت وقف إطلاق النار حتى الصباح، فسوف يعود الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة يوم الاثنين ليستأنف المحادثات التي أوقفها إطلاق حماس للصواريخ يوم الجمعة.
وأضاف الموقع أنه بناء على ما توفر لديه من معلومات خاصة، وفقا لمصادره، فإن إسرائيل ستسمح لقطاع غزة بأن يحوز على ميناء بحري في وقت ما في المستقبل وذلك مقابل نزع سلاح القطاع، ولكن لن تسمح بوجود مطار في القطاع.
وتقول المصادر ذاتها إن هذه التنازلات ليست على طاولة التفاوض بعد، إلا أنها تشكل جزءا من صفقة مستقبلية محتملة تعتمد على التزام حماس بالجزء المتعلق بها من الصفقة، بما في ذلك نزع السلاح ووقف دائم لإطلاق النار.
إلا أن الموقع يشير إلى أن الأهم من ذلك كله أن الأمر متوقف على صانع القرار الحقيقي في حماس، حيث أن الاستخبارات المصرية والإسرائيلية تعتقد بأن المراوغ محمد الضيف، قائد الجناح العسكري في حماس، هو صاحب القول الفصل في هذه المنظمة، ولديهم ما يدفعهم إلى افتراض أنه قرر بأنه حان الوقت لوقف القتال مع إسرائيل.
واستدرك الموقع قائلا، إنه إذا كانت معلومات واستنتاجات الاستخبارات المصرية والإسرائيلية خاطئة فإن وقف إطلاق النار السابع خلال ستة أسابيع من الصدام لن يدوم أطول مما دامت الهدن الست التي سبقته.
ومنذ الأسبوع الأول من العملية البرية لقوات الدفاع الإسرائيلية في قطاع غزة ظل قادة إسرائيل يبحثون يمنة ويسرة عن طريق يتلمسون من خلالها مخرجاً لهم من المعارك. وتم الإعلان عن وقف لإطلاق النار ما يقرب من ست مرات، إلا أنها كانت تنتهك من قبل حماس التي اعتبرت الجهد المبذول علامة على الضعف الإسرائيلي.
في حين، راهن رئيس الوزراء ومعه وزير الدفاع موشيه يعالون على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، والذي انتهى صباح الجمعة، على أمل أن يعطي لقادة حماس الفرصة للخروج من مخابئهم وجحورهم ليشاهدوا بأعينهم الدمار الذي حل بغزة عسى ذلك أن يصدمهم ويدفعهم إلى الإذعان، أو هكذا كان الرجاء.
وتابع الموقع: "لكن الذي حدث بدلاً من ذلك هو أن قادة حماس استغلوا الحطام فرصة ليعرضوا أمام العالم مشاهد الفلسطينيين في غزة على أنهم ضحايا للا إنسانية الصهيونية، والتي لم تلوث أياديهم بشيء منها، فيما يبدو الآن أن نتنياهو ويعالون في حيرة من أمرهم".
واعتبر أن مناوراتهم العسكرية والسياسية، بما في ذلك قرارهم قصر الاجتياح البري داخل قطاع غزة الشهر الماضي على عمق لا يتجاوز الكيلومتر الواحد باءت بالفشل في سحب المبادرة التكتيكية للحرب من حماس أو في إلحاق الأذى بجناحها العسكري.
ولفت موقع ديبكا إلى أنه حينما استأنفت حماس إطلاق رشقات من الصواريخ، كانت في وضع جيد، على النقيض من حال سكان غزة، بما يمكنها من الاستمرار في حرب استنزاف قد تطول لأسابيع إن لم يكن لشهور.
وحول موقف المستوطنين الذين يقطنون بالمناطق المحاذية لقطاع غزة، بين الموقع أنهم استسلموا لحالة من انعدام اليقين الباعث على الاكتئاب. فبعد العيش تحت هجمات الصواريخ بمختلف أنواعها لما يقرب من أربعة عشر عاماً، قرر كثيرون منهم في نهاية المطاف شد الرحال والمغادرة بعد أن ثبت لهم عدم جدوى الوعود المتكررة من رئيس الوزراء والقادة العسكريين بأن ما يعانونه من قلق وإزعاج يوشك أن ينتهي وأن بإمكانهم العيش في سلام وأمان.
وشدد الموقع في نهاية تقريره على أن ألوية قوات الدفاع الإسرائيلي في المواقع الأمامية، على أهبة الاستعداد، فلو صدرت الأوامر لهذه القوات، ربما حينها ستجد السلطات في مصر حركة حماس أكثر استعداداً للتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار وعلى وقف لهذا الدمار.