أطلقت السلطات العقابية في
الجزائر، السبت، سراح سجينين اثنين من 140 سجينا سياسيا يقبعون في سجون البلاد منذ أكثر من 22 سنة، برمجت السلطات للإفراج عنهم جميعا قبل انقضاء العام الجاري 2014.
وقالت مصادر لـ "عربي21" السبت، إن "الرئيس بوتفليقة قرر الإفراج عن السجينين، نظرا لحالتهما الصحية المتدهورة، وذلك في إطار سياسة
المصالحة الوطنية".
وهناك 140 سجينا سياسيا بالجزائر، أودعوا السجون بداية من العام 1992، حيث وجهت لهم تهم الإرهاب والإخلال بالأمن العام، مباشرة بعد توقيف المسار الانتخابي بالجزائر، من قبل الجيش، إثر فوز الإسلاميين (الجبهة الإسلامية للإنقاذ ) بغالبية المقاعد النيابية.
وقال مصطفى غزال، الناطق باسم عائلات "
السجناء السياسيين"، لـ"عربي21"، السبت، إن" السجينين اللذين تم الإفراج عنهما من سجن العاصمة، كانوا اعتقلوا بداية التسعينات وحوكموا بمحاكم عسكرية".
وأضاف غزال أن" السجينين كانا يعانيان المرض بالسجن منذ فترة طويلة".
لكن ليس المرض، السبب الرئيسي في قرار الإفراج عنهما، حيث أن العملية، "تعتبر بداية لإفراج تدريجي عن كامل السجناء السياسيين القابعين بالسجون الجزائرية، وذلك قبل انقضاء السنة الجارية".
وينتمي أغلب المساجين السياسيين للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة منذ العام 1992.
وأوضح غزال أن "بحوزة المصالح القضائية قائمة المساجين السياسيين وتعطف حاليا على دراستها حالة بحالة، والأولوية ستكون للمسنين".
والعديد من المساجين المعنيين بالقرار، يعانون أمراضا مزمنة ومعظمهم مسنون".
وكان مدني مزراق، القائد السابق للجيش الإسلامي للإنقاذ، التقى أحمد أويحي، مدير ديوان الرئيس بوتفليقة،"سرا" بداية شهر يوليو تموز، وطلب منه الإفراج عن ال140 سجينا سياسيا المتواجدين في المؤسسات العقابية عبر محافظات البلاد.
وقال مزراق في اتصال به السبت، إن "ملف المساجين سيعرف نهايته قبل نهاية السنة الجارية حيث سيتم الإفراج عن الـ 142 سجينا الباقين".
ويؤكد الناطق باسم عائلات المساجين السياسيين، أن "العشرات منهم يقبعون في مختلف السجون الجزائرية منذ أكثر 22 سنة، وسلطت عليهم أحكاما جائرة، ورغم أنهم مدنيون إلا أنهم حوكموا بمحاكم عسكرية، وتراوحت أحكام السجن ضدهم بين الإعدام و المؤبد".
غير أن أحكام الإعدام التي سلطت على عدد من المساجين بتهمة الانضمام إلى جماعات إرهابية أو الإخلال بالنظام العام لم تنفذ.
والجزائر لم تنفذ أي حكم بالإعدام، منذ العام 1993، وكان آخر حكم قد نفذ في حق موظف بشركة الخطوط الجوية الجزائرية، اتهم بالتواطؤ بتفجير مطار الجزائر الدولي خلال نفس السنة.
وكان الأمير السابق لمنطقة الغرب في? "?الجيش الإسلامي? ?للإنقاذ" ،? ?أحمد بن عيشة،? أكد لـ"عربي21"، في شهر مايو أيار، الماضي أن "أطرافا نافذة في السلطة وعدت أهالي المساجين السياسيين بقرب إطلاق سراحهم".
وأكد بن عيشة أن "تسوية ملف المساجين السياسيين، يخضع لصلاحيات الرئيس بوتفليقة، التي يخولها له ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي استفتي فيه الشعب سبتمبر / أيلول العام 2005". مشيرا إلى أن "البند رقم 47 من الميثاق يتيح للرئيس بوتفليقة صلاحية اتخاذ أي قرار يراه مناسبا في إطار تضميد جراح العشرية السوداء".
ولما دخل الميثاق حيز التنفيذ شهر فبراير من العام 2006 تم الإفراج عن 6 آلاف سجين متهمين بالإرهاب، بينما استثنى صنف من المساجين السياسيين بدعوى أن قانون المصالحة لا ينطبق على وضعهم القانوني.
لكن ميثاق السلم و المصالحة الوطنية، كان ولايزال محل انتقادات شديدة من قبل منظمات
حقوق الإنسان في الجزائر، وكذلك أهالي المفقودين خلال ما بات يصطلح عليه بالجزائر بـ "العشرية السوداء" الذين يطالبون السلطة بالجزائر بالكشف عن مصير ذويهم الذين اختفوا بين 1992 و2002.
وسجلت اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان التابعة لرئاسة الجمهورية 6541 مفقودا، لكن "جمعية أس أو أس مفقودون" تقول أن العدد يفوق ذلك بكثير ويصل إلى 25 ألف مفقود.
وتمنع السلطة بالجزائر مظاهرات يقوم بها أهالي المفقودين، كل يوم أربعاء بالقرب من اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، لمطالبة الحكومة بكشف حقيقة اختفاء ذويهم.
وأقرت الحكومة في الجزائر، العام 2007، تعويضات لأهالي المفقودين، مع بيانات وفاة، فنصفهم وافق عليها ونصفهم الأخر، أعلن رفضه لها ومازال يطالب السلطة بكشف حقيقة مصير ذويهم.
وقالت نصيرة ديتور، رئيس جمعية "أس أو أس مفقودون" لـ"عربي 21"، السبت، أن جمعيتها رفضت التعويضات، وأضافت أن "المطلوب من السلطة إظهار الحقيقة، لكن رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أكد لـ"عربي21"، أن "الحكومة تعتبر أن ملف المفقودين قد طوي نهائيا".