كشفت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن قيام
بنك "هونغ كونغ وشنغهاي المساهم المحدود" (إتش أس بي سي) بقفل حسابات تعود للاجئين سوريين، ما أدى لتوجيه اتهامات للبنك بأنه يقوم بالتفريق بين عملائه بناء على أصولهم العرقية.
وكان البنك أغلق حسابات طلاب سوريين بالإضافة للاجئين، بعد أيام من اتهام المصرف باتباع سياسات تمييزية ضد المسلمين، حيث أكد ناشط مسلم معروف، أن حساب مؤسسته وأسرته قد أقفل، كما أعلن المصرف أيضاً عن إغلاق حساب مسجد وجمعية خيرية دون إبداء الأسباب.
واطلعت الصحيفة على رسائل الكترونية ووثائق أرسلها البنك لعملائه السوريين في بريطانيا، أعلمهم فيها أنه قرر إغلاق حساباتهم ومنحهم مدة شهرين للبحث عن مصرف جديد.
وفي الرسالة أشار المصرف لما أسماه "المطالب المتزايدة للالتزام بالواجبات الدولية، فيما يتعلق بتحويل الأموال من وإلى الدول التي لا يسمح التعامل معها".
كما جاء في الرسالة أن القرار لغلق الحسابات قام بناء "على تقييم البنك الخاص للمخاطر"، ولا يعكس بأي حال من الأحوال أي موقف من كيفية إدارة العملاء لحساباتهم.
"نقدر أنك ستشعر بالخيبة من هذا القرار، ومع أننا لا نتوقع موافقتك على القرار الذي اتخذ، إلا أننا نأمل تفهمك أن هذه القرارات هي جزء ضروري من طريقة إدارة وممارسات البنك التي اختار العمل بناء عليها"، هذا هو نص الرسالة المرسلة لمن يغلق حسابه.
ولم يتلق ماجد ماغوط وهو طالب سوري رسالة، ولكنه اكتشف أن حسابه الذي فتحه في البنك قبل عامين قد أغلق وأخذت آلة الصرف المالي بطاقته الائتمانية.
ويقول "اتصلت بالبنك وقالوا لي ببساطة إن حسابي قد أغلق وكان من المفترض وصول رسالة منهم لي".
وأضاف: "أخبرني البنك أن القرار لا علاقة له بي كعميل- أي كوني مواطنا
سوريا". وقال "أنا طالب وليس لدي مال، وأنا هنا بمنحة دراسية، وأعيش على مبلغ 400 جنيه في الشهر، ولم أقم بتحويل أي مبلغ مالي لسوريا، هذه حالة تمييز، وكان بإمكانهم التدقيق في حسابي وسجل التحويلات ولكنهم قرروا إغلاق حسابي".
وفي حالة أخرى تلقي محمد إصرب، والذي يحمل تأشيرة دخول لبريطانيا خاصة بالحرفيين، وفتح حسابه في البنك المذكور عام 2006 ولكنه تلقى رسالة تخبره بأنه سيغلق، "بعد وصول الرسالة قلت للبنك أن كوني مواطنا سوريا ليس سببا كافيا لإلغاء حسابي، لأنني لم انتهك أي قانون".
وقال: "هذا الأمر يضع الكثير من الضغوط على السوريين الذين يعانون من وضع صعب، وكان بإمكانهم فحص حساباتي واكتشاف أنني لم أتلق أي مال من سوريا، وهذا بمثابة طعن السوريين من الخلف. والعقوبات هي ضد الحكومة وليس ضد الناس العاديين".
وقالت أخرى ممن أغلق حسابها أنها وجدت من الصعوبة بمكان فتح حساب آخر بسبب وضعها كلاجئة، ولا جواز سفر معها.
وانتقدت منظمة حقوق الإنسان "وحدة دراسات مشاركة طالبي اللجوء"، ومن "فكر وابن المجتمع" التي تصف نفسها بالجمعية الطوعية التي تتضامن مع الشعب السوري. وقامت المنظمتان بفتح عريضة لشجب "الإستهداف المنظم للمواطنين السوريين" واتهمتا البنك بتعريض حياة المواطنين ممن لا تاريخ لهم بتحويل أموال لسوريا للخطر.
وتقول ياسمين النحلاوي المتحدثة باسم منظمة مشاركة اللاجئين إن انتهاك "إتش إس بي سي" الفاضح لسلطته على العملاء السوريين غير مقبول، وتمييزي بشكل فاضح.
وكان المصرف أعلن العام الماضي عن خطط لإلغاء حسابات بعض عملائه السوريين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، للالتزام بالمراقبة الشديدة لأي شخص له علاقة بدول فرضت عليها عقوبات.
وفرضت كل من الولايات المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية عقوبات على النظام السوري من تجميد أموال وحظر للسفر، في محاولة للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للتنحي عن السلطة، ووقف الحرب الأهلية.
ولكن البنك لم يعلن عن سياسة رسمية توسع سياستها هذه لتشمل عملاءها في أوروبا، ولكن مسؤولي البنك قالوا إن إغلاق حسابات السوريين هي نتاج دراسة تم فيها تقييم مستويات الخطر، وبشكل فردي.
ونفى المصرف في بيان للمتحدث باسمه أن تكون سياساته تمييزية، وأنه ملتزم بتبني وتطبيق أعلى المعايير لمواجهة الجرائم المالية في داخل عملياتها الدولية، وهذا يعني التأكد من وجود سياسات مناسبة حول كيفية ومن نتعامل".
و"هذا ينطبق على عملاء لهم علاقة بدول تتعرض لعقوبات مالية دولية، وفي بعض الحالات يقتضي تقييم المخاطر إنهاء علاقتنا مع عميل".
وكانت الولايات المتحدة فرضت غرامة على البنك بقيمة 1.9 مليار دولار في قضايا غسيل أموال عام 2012. واعترف المصرف بالفشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من الأموال التي يتعامل فيها، مما سمح لبارونات المخدرات في المكسيك لتحويل ملايين الدولارات عبره.
واتهم المصرف بتبني سياسات معادية للمسلمين، بعد إغلاقه حسابا يعود لمسجد فينزبري بارك في شمال
لندن.