افتقد
المصريون البهجة والفرحة، في أول عيد يمر عليهم بعدما أصبح عبد الفتاح السيسي أول رئيس للبلاد بعد الانقلاب العسكري، واتفق معارضو الانقلاب ومؤيدوه على الإحساس بهذا الشعور، وإن اختلفت دوافع كلا الجانبين.
وأعرب كثيرون عن عدم إحساسهم بقدوم
العيد من الأساس، في بلد تمزقه الأزمات السياسية والتراجع الاقتصادي والانفلات الأمني، فضلا عن المشكلات الاجتماعية والأخلاقية.
عيد بلون الدم
وتتعدد الأسباب التي تجعل معارضي الانقلاب لا يشعرون بفرحة العيد، فلا تكاد تخلو أسرة من أسرهم إلا وبها شهيد أو معتقل أو مصاب أو شخص مطارد من أجهزة الأمن.
وخلال اليوم الأول من العيد اعتدت قوات الشرطة بالرصاص الحي والخرطوش على عدد كبير من المسيرات الرافضة للانقلاب العسكري التي انطلقت من ساحات الصلاة، وأسفرت تلك الاعتداءات عن استشهاد خمسة أشخاص وإصابة العشرات في مدن القليوبية والقاهرة والجيزة.
وقامت السلطات بمنع إقامة صلاة العيد في عدد كبير من الساحات بعدة محافظات، خاصة التي اعتاد الإخوان المسلمون تنظيمها من سنوات طويلة، ودفعت بقوات الأمن لاحتلال تلك الساحات، وصرف المواطنين منها وسط سخط واستياء الأهالي الذين اعتادوا الصلاة في تلك الساحات منذ سنوات طويلة.
ومنعت وزارة الأوقاف الأشخاص الذين لا يحملون تصاريح منها للخطابة من اعتلاء المنابر وإلقاء خطبة العيد.
وأطلق مؤيدون للرئيس محمد مرسي، بالونات تحمل صورته عقب الانتهاء من صلاة العيد في عدد من المحافظات.
من جهته، هاجم التحالف الوطني لدعم الشرعية النظام الحاكم وأكد أن الانقلاب صبغ العيد بلون الدم، حيث ارتقى شهداء جدد في عيد الشهداء.
وقال التحالف فى بيان صدر عنه "إن هدية السيسي للمصريين فى العيد كانت رصاصاً حياً وقيودا حديدية، رداً على تكبيرات العيد وارتداء الشال الفلسطيني والهتاف ضد الاحتلال والانقلاب والغلاء".
وأوضح البيان "أن الصلاة تم منعها فى بعض الساحات، في اختراق جديد للشعائر الدينية، وقامت السلطات بتصعيد العنف الأمني ضد المعتقلين وقيادات الحراك الثوري في السجون ليلة العيد".
غزة حاضرة
وكان التضامن مع غزة التي تتعرض لعدوان إسرائيلي متواصل منذ قرابة الشهر حاضرا بقوة في فعاليات العيد، حيث تحدث كثير من الأئمة في خطبة العيد عن تطورات الأوضاع في القطاع وطالبوا المصريين بالدعاء لغزة ومساعدة أهلها المحاصرين.
ودشن عدد من النشطاء المصريين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لارتداء الكوفية الفلسطينية أثناء أداء صلاة العيد لإظهار التضامن مع غزة، وهو الأمر الذي استجاب له عدد كبير من الشباب من مختلف الإنتماءات السياسية، غالبيتهم من معارضي النظام.
وكان الهتاف لغزة والتنديد بالعدوان الإسرائيلي ورفع الأعلام الفلسطينية ولافتات التأييد للمقاومة بطل المشهد في المسيرات التي انطلقت عقب صلاة العيد.
غلاء وتحرش
بينما يعاني المصريون الذين أيدوا الانقلاب من أمور أخرى تنغص عليهم حياتهم وتمنعهم من الشعور بالسعادة في أيام العيد، فقد تسببت الحالة الاقتصادية المتدهورة والغلاء الذي يضرب البلاد في إفساد فرحة كثير من المصريين الذين عجزوا عن شراء الملابس الجديدة أو باقي مستلزمات العيد.
واعتاد المصريون من عقود طويلة الخروج إلى الميادين والمتنزهات والحدائق العامة للاحتفال بعيد الفطر، لكن قوات الجيش والشرطة أغلقت معظم الميادين الرئيسية في القاهرة والجيزة مثل التحرير ورابعة العدوية والنهضة، للحيلولة دون تنظيم مظاهرات بداخلها بعد دعوة التحالف الوطني لدعم الشرعية للتظاهر في عيد الفطر المبارك في أسبوع ثوري جديد أطلق عليه اسم "عيد شهيد".
ومنذ عدة سنوات تحولت الأعياد في مصر من مناسبات دينية واجتماعية للفرح والبهجة إلى مواسم للتحرش الجنسي بالفتيات، خاصة في القاهرة الكبرى، تقوم به مجموعات من الصبية تتراوح أعمارهم بين 12 و 16 عاماً ينتمون إلى المناطق الشعبية والعشوائية.
وأعلنت وزارة الداخلية نشر أعداد كبيرة من الجنود في الشوارع والميادين وتكثيف التواجد الأمني لمكافحة
التحرش، وأعلن المجلس القومي للمرأة عن تحديد خط ساخن لتلقي شكاوى التحرش بالنساء، إلا أن كل تلك الإجراءات الروتينية ظلت حبرا على ورق ولم يلحظ المصريون تغييرا يذكر، وظلت ظاهرة التحرش مستمرة في الحدائق والميادين ولم تتمكن السلطات من مواجهتها.
وشهدت منطقة وسط القاهرة وكورنيش النيل عشرات المشاجرات بسبب حالات التحرش الجنسي بالفتيات وهو ما عكر صفو الاحتفال بالعيد.
ونظم عدد من الشباب حركات لمكافحة التحرش من بينها حركة "إمسك تحرش"، قالوا إنهم تدخلوا وأنقذوا عشرات الفتيات من بين أيدي شباب أرادوا الاعتداء عليهن.
وقال فتحي فريد، المتحدث باسم حركة "شفت تحرش"، إن الحملة رصدت العديد من وقائع التحرش الجنسي الجماعي خلال أول يومين من العيد.
وأكد فريد، في تصريحات لقناة "أون تي في لايف" على أن عددا كبيرا من وقائع التحرش الجنسي حدثت على مرأى ومسمع من رجال الشرطة الذين لم يتدخلوا لمنعها، مشيرا إلى أن حماية النساء من التحرش ليس من اهتمامات وزارة الداخلية التي لم تتمكن من التصدي لتلك الظاهرة الآخذه في التفاقم منذ عام 2005 بدون أي مواجهة أو تدخلات جادة.