منعت السلطات
الجزائرية الأحد، أحزاب
المعارضة بالبلاد من عقد مؤتمر ثان في إطار مسار "
الانتقال الديمقراطي"، بعد المؤتمر الأول الذي انتظم يوم العاشر من حزيران/ يونيو المنصرم، وهيأ لأرضية التغيير السياسي بالجزائر.
ولن تتمكن الاثنين، أحزاب المعارضة ضمن فضاء "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" من عقد مؤتمرها الثاني الذي أقرته في ختام أشغال مؤتمر الانتقال الديمقراطي الأول الذي انعقد يوم العاشر من حزيران/ يونيو المنصرم غرب العاصمة، وشهد تكتل المعارضة بالجزائر لأول مرة منذ استقلال البلاد عام 1962.
وكان يفترض أن يحضر المؤتمر شخصيات سياسية معارضة بارزة، على غرار رجل الإصلاحات خلال التسعينيات، مولود حمروش، والحقوقي البارز علي يحيى عبد النور وقيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ".
ورفضت السلطات بالجزائر منح أحزاب المعارضة، رخصة عقد المؤتمر الثاني المتعلق بالانتقال الديمقراطي، لأسباب "تقنية" رفضتها هذه الأحزاب وقالت إنها "خيالية".
وأفاد سفيان صخري، الناطق الرسمي باسم حزب "جيل جديد" الحداثي وهو أحد أطراف تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي لصحيفة "عربي 21" الأحد، بأن "السلطات لم تمنحنا الترخيص لعقد المؤتمر الثاني بقاعة محمد زينات، برياض الفتح".
وحول أسباب امتناع السلطات عن منح رخصة عقد المؤتمر، قال صخري إن "الإدارة بمحافظة العاصمة قدمت تبريرا واهيا ومضحكا يتعلق بكون الطلب المتعلق بالترخيص تضمن اسما لقاعة مخصصة لأنشطة ثقافية وليست سياسية".
وتابع صخري: "هذه حجة فقط لأننا تعودنا على عقد مؤتمرات سياسية في هذه القاعة بالذات".
واستبقت قيادة حزب "جيل جديد" باعتباره منسق أحزاب المعارضة، إلى إرسال دعوات لأطياف المعارضة قصد المشاركة بمؤتمر الانتقال الديمقراطي الثاني، إلا أن تلقيه خبر رفض منح رخصة تنظيم المؤتمر أوقف إرسال الدعوات بانتظار الطعن بالقرار.
والمؤتمر الذي كان يفترض أن يعقد اليوم، جاء ضمن توصيات المؤتمر السابق، ضمن مسعى أطراف المعارضة الإبقاء على ديناميكية التغيير قائمة وأن لا تندثر.
وتقدمت أحزاب المعارضة بطلب الرخصة لعقد المؤتمر يوم 13 تموز/ يوليو الجاري، وردت السلطات المتمثلة بمحافظة العاصمة، على مودعي الطلب بالرفض الأحد 20 تموز/ يوليو.
واستغرب محدث "عربي 21" قرار السلطات قائلا إن "مدير القاعة أبدى موافقته على منحنا الحجز، وهذا دليل على أن القاعة لم تكن محجوزة لأي نشاط ثقافي من قبل". وذلك ردا على تبرير ساقته الإدارة، ويفيد أن اختصاص القاعة محل الطلب، ثقافي وليس سياسيا.
وأكد صخري أن "مشروع الانتقال الديمقراطي أصبح يؤدي إلى ارتباك لدى النظام السياسي، باعتباره مشروعا جادا وبإمكانه إخراج البلاد من الأزمة". وتابع: "ما حدث ضد الأخلاق والأعراف والقوانين والدستور".
وقال أيضا إن "مشروع الانتقال الديمقراطي الذي تبنته التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي هو النهج الصحيح والجاد والقادر على إحداث تحول ديمقراطي حقيقي وهو المشروع الذي لم تهضمه
السلطة السياسية القائمة".
وأوضح الأخضر بن خلاف، القيادي في "جبهة العدالة والتنمية، المعارضة بالجزائر لـ"عربي21"، أن المؤتمر الثاني للانتقال الديمقراطي كان سيعقبه مؤتمر آخر تحسبا لإعداد أرضية الانتقال الديمقراطي وتسليمها للرئيس بوتفليقة.
وبينما شدد الجيش ببيان له، السبت، 19 تموز/ يوليو، على أنه "ينأى بنفسه عن كل حساسيات سياسية" وأن مهامه الدستورية "تكمن في حماية الوحدة الترابية والسيادة الوطنية، فإن قيادات تنسيقية الانتقال الديمقراطي تراهن على دور للجيش في حماية عملية التغيير وضمان انتقال ديمقراطي بالجزائر بأقل التكاليف".
وحتى وإن رسخت قناعة لدى أحزاب تنسيقية الانتقال الديمقراطي، بضرورة مواصلة العمل لتحقيق هدفها بتغيير النظام بطريقة سلسة وسلمية، إلا أن الظرف الحالي الموسوم بالعدوان على
غزة، قد أثر في توجهات أحزاب المعارضة وخاصة تلك المنتمية للتيار الإسلامي.
ومعظم مكونات تنسيقية الانتقال الديمقراطي، من الأحزاب الإسلامية، وأهمها "حركة مجتمع السلم" و"حركة" النهضة" و"جبهة العدالة والتنمية".
واستغرب عبد الرزاق مقري، رئيس "حركة مجتمع السلم" الإخوانية بالجزائر، في تصريح لـ"عربي21" الأحد، موقف الحكومة الجزائرية من العدوان على غزة، وإن أصدرت الجزائر بيانات تنديد متوالية، لكن الأحزاب الإسلامية ترى ذلك غير كاف.
وقال مقري: "أرغب في معرفة مشاعر وزير الخارجية الجزائري رمتان لعمامرة ومن وراءه، كيف هي مشاعره وهو يرى أولئك الأطفال الذين مزقت أجسادهم قنابل الصهاينة على شاطئ غزة، وكيف يجري المقارنة بينهم وبين الأطفال الجزائريين الذي كانت طائرات الاستعمار الفرنسي تبيدهم حينما كانت تنتقم من المدنيين في القرى والمداشر عندما تعجز عن وقف ضربات المجاهدين أثناء الثورة التحريرية".
وتابع مقري: "ليعلم رمتان لعمامرة بأن حلم برنار كوشنر الفرنسي بأن الجزائريين سيغيرون رؤيتهم وقناعاتهم حينما يندثر جيل المجاهدين لن يتحقق. ستبقى روح الجهاد والمقاومة قائمة في قطاعات واسعة جدا من الشعب الجزائري، ولن يقبل الجزائريون بالتراجع الرسمي الكبير الحاصل في القضية الفلسطينية ولن يقبل الجزائريون الموقف الرسمي الحالي أمام ما يحدث في غزة.. لا يمكن أن تكون الجزائر تابعة للتخاذل المصري والخليجي".