تسابق الأطقم الطبية ورجال الدفاع المدني الوقت من أجل انتشال الضحايا من
حي الشجاعية شرق مدينة
غزة، والذي تعرض لمجزرة مروعة يعجز اللسان عن وصفها من شدة بشاعتها.
وتمكنت هذه الأطقم دخول الحي بعد الموافقة على هدنة إنسانية عرضها الصليب الأحمر مدتها ساعتين فقط من اجل إخلاء الشهداء والجرحى، وذلك بعد أكثر من 12 ساعة من وقوع
المجزرة.
رائحة الموت والبارود تفوح من هذا الحي الذي أخلاه سكانه الذين يقدر عددهم بـ 150 ألف نسمة تحت وابل القصف المدفعي غير المسبوق، حيث تتناثر جثث الشهداء ومن تبقي على قيد الحياة من الجرحى في كل أرجاء الحي، لا سيما المناطق الشرقية منه، في حين لا تزال النيران تشتعل في منازل أخرى.
وعلى الرغم من سقوط عشرات الضحايا من المدنيين العزل، حيث منعت قوات الاحتلال وصول سيارات الإسعاف والصليب الأحمر إلى تلك المنطقة قبل أن تدخل التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ والتي لم يلتزم بها الاحتلال وخرقها.
وشوهدت العديد من الجثث ملقاة على الأرض، ولا يستطيع أحد الوصول إليها، فيما تم استهداف سيارات الإسعاف والصحفيين.
إرهاب دولة
وفي مناظر تقشعر لها الأبدان وتبرز إرهاب الدولة على أشده، هو خروج النساء بأطفالهن إلى الشوارع وهن بملابسهن البيتية، في محاولة منهن للهروب بما تبقى لهن، فمنهن من سقطن شهيدات ومنهن من سقطن جريحات، فضلا عن حالة النزوح الجماعي من المنطقة، ومن لم يستطع بقي محاصرا، ولا يعرف مصيره حتى اللحظة.
وأعلن وكيل وزارة الصحة الفلسطينية الدكتور يوسف أبو الريش في مؤتمر صحفي أنه منذ ساعات الصباح تم إخلاء خمسين شهيدا من الحي المنكوب و200 جريحا، وذلك قبل دخول التهدئة الإنسانية حيز التنفيذ.
وقال سكان محليون إن الجثث تنتشر في شوارع وأزقة الحي، وكذلك في داخل البيوت، وذلك من شدة القصف.
وأضاف: "نحن خرجنا من بيوتنا تحت القصف الشديد الذي استهدف المنازل بشكل مباشر، ومن تمكن من الخروج من الحي فإما استشهد أو أصيب أو نجى بالكاد".
وأشار إلى أن طائرات الاحتلال وقناصته تقصف كل شيء يتحرك في هذا الحي، وأن العالم ينظر إلى كارثة حقيقة.
وحذر أبو الريش من كارثة صحية وإنسانية إذا لم يسمح للأطقم الطبية انتشال الشهداء والجرحى الذين قد يكونوا توفوا بعدما ظلوا ينزفون لمدة 12 ساعة، وكذلك تحلل الجثث في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
إبادة عوائل
وأشار إلى أنه تم إبادة عوائل بأكملها في هذا الحي، مثل عائلة عيّاد التي استشهد منها عشرة أفراد، والحية التي سقط منها أربعة أفراد، وكذلك عوائل سكر والحلو وغيرهم من العوائل.
وعلى الرغم من دخول طواقم الإسعاف بعد ظهر الأحد إلى حي الشجاعية إلا أن قوات الاحتلال واصلت القصف ولم تلتزم بالتهدئة الإنسانية.
وقال الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الدكتور سامي أبو زهري: "دبابات الاحتلال لا زالت تقصف حي الشجاعية رغم التهدئة الإنسانية".
ودعا الصليب الأحمر إلى متابعة دوره في إخلاء الشهداء والجرحى.
وفي مشفى الشفاء اصطف المواطنون وسكان الحي المنكوب ينتظرون ما يتم إخلاءه، حيث تم إخلاء عشرة شهداء سبعة منهم تم إخراجهم من بيت واحد، في حين يتحدث المسعفون عن مجازر بشعة ارتكبت في هذا الحي المنكوب.
عدوان همجي
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره اليومي عن العدوان أن الاحتلال
الإسرائيلي ولليوم الثالث عشر على التوالي واصل عدوانه الهمجي واللاأخلاقي على قطاع غزة، فيما استمر في سياسة العقاب الجماعي، ضاربا بعرض الحائط كافة القوانين والمواثيق الدولية، التي تكفل حماية المدنيين في أوقات الحرب، فيما تواصل مخالفاتها الفاضحة لقواعد القانون الدولي الأساسية الضرورة والتناسب والتمييز.
وأضاف أن تلك السلطات واصلت أعمال قصفها الجوي والبري والبحري، مستهدفة مزيدا من المنازل السكنية، والمنشآت المدنية، موقعة مزيدا من الضحايا في صفوف المدنيين الفلسطينيين، فضلا عن إلحاق الدمار والخراب الشامل في ممتلكاتهم.
وحذر المركز الحقوقي من تفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة في ظل استمرار التصعيد العسكري لقوات الاحتلال الإسرائيلي، والتهديد بتوسيع تلك العمليات وما يرافقها من إجراءات حصار خانق يمس بكل مناحي الحياة للمدنيين الفلسطينيين.
المجتمع الدولي
ودعا المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال، ويجدد مطالبته للأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها الواردة في المادة الأولى من الاتفاقية والتي تتعهد بموجبها بأن تحترم الاتفاقية، وأن تكفل احترامها في جميع الأحوال، كذلك التزاماتها الواردة في المادة 146 من الاتفاقية بملاحقة المتهمين باقتراف مخالفات جسيمة للاتفاقية.
واعتبر المركز الحقوقي هذه الانتهاكات جرائم حرب وفقاً للمادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وبموجب البروتوكول الإضافي الأول للاتفاقية في ضمان حق الحماية للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
وطالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها قوات الاحتلال ضد المدنيين في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات والآليات اللازمة لملاحقة مقترفيها.