صحافة عربية

سرقات بملايين الجنيهات بخبز الفقراء بمصر (فيديو)

مافيا المخابز بمصر برعت بالاستيلاء على دعم الفقراء الموجه للخبز - أرشيفية
في قضية فساد كبرى تمس حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي، نشرت "جريدة الوفد" الإثنين تقريرا مثيرا يكشف إهدار ملايين الجنيهات من أموال الشعب المصري في المخابز، باستغلال خلل بمنظومة خبز التموين، إذ برعت مافيا المخابز بمدن القناة في الاستيلاء على دعم الفقراء الموجه للخبز بالمحافظات المختلفة.
 
وتحت مانشيت يقول "فضيحة في منظومة توزيع الخبز المدعم"، قالت الصحيفة إن وزير التموين خالد حنفي ظل يهلل لمنظومة الخبز دون أن يضع الضوابط التي تضمن سلامة التنفيذ، وتحول دون الاقتراب من المال العام، بل على العكس جاءت المنظومة الجديدة لتحمل معها كنوز قارون لأصحاب المخابز معدومي الضمائر.
 
وأكدت الوفد أن هؤلاء تحايلوا على كمبيوتر الوزارة، ومفتشي التموين،  والعاملين بالوزارة، بل على المصريين جميعا، من أجل تحقيق ثروات طائلة.
 
وأوضحت أن "القضية بدأت عندما تم تطبيق العمل بمنظومة الخبز بمحافظات القناة وهي: الإسماعيلية وبورسعيد والسويس، وعندما شعر المواطن بأن الدعم سيذهب إلى من يستحق، وأن سرقات الدقيق المدعم، وبيعه في السوق السوداء ستتوقف نهائيا، اتجه هؤلاء اللصوص إلى منظومة الخبز الجديدة".
 
وتابعت "الوفد": "استعان هؤلاء اللصوص ببعض الفنيين لإيجاد حل لهذه الماكينة التي أعطتها لهم وزارة التموين، التي تشبه إلى حد كبير ماكينة (ATM) البنكية؛  لتكون همزة الوصل بين المخبز وقاعدة البيانات الخاصة بالوزارة، والتي على أساسها يتم حساب ما صرفه المخبز للمواطن من خبز مدعم ثم تقوم الوزارة على الفور بتحويل هذه المبالغ على الحساب البنكي لصاحب المخبز، ويتوقف ذلك حسب عدد البطاقات التي تم إدخالها في هذه الماكينة".
 
وهذا يعنى ببساطة -بحسب "الوفد"- أن إدخال بطاقة التموين في الماكينة يترجم إلى أموال تضاف إلى حساب صاحب المخبز.
 
واستطردت: "من هنا بدأ الفساد بعد أن قبلت الماكينة بطاقات تموين لأشخاص من خارج المحافظة، وبعدها تسابق بعض أصحاب المخابز معدومي الضمير إلى المحافظات الأخرى كالشرقية والجيزة وغيرها من المحافظات وإحضار بعض بطاقات التموين لأبناء الشرقية على سبيل التجربة.. وبعد نجاح تجربتهم وقبول الماكينة لبطاقات أخرى من خارج المحافظة لم يتوان هؤلاء اللصوص في التسابق على جمع البطاقات التموينية من عدد من المحافظات التي لم تدخل في المنظومة الجديدة للخبز حتى وصلوا إلى قنا وأسوان وسوهاج.. الكل يتسابق في جمع بطاقات التموين لتوصيلها إلى ضعاف النفوس بالإسماعلية والسويس مقابل مبلغ شهري يدفعه صاحب المخبز إلى سماسرة البطاقات من البقالين، والشعبة".

وأضافت الوفد: "وصل ربح أحد المخابز لأكثر من نصف مليون جنيه  في يوم واحد بعد إدخال آلاف البطاقات في الماكينة، وترجمة هذا العدد من البطاقات إلى مبالغ مالية تصرف من الوزارة إلى أصحاب المخبز، وعلى سبيل المثال إذا كانت البطاقة تحتوى على فرد واحد يكون لصاحب البطاقة أن يصرف 150 رغيف خبز شهريا، والدعم المخصص للرغيف لا يقل عن 30 قرشا، أي أن نصيب الفرد من الدعم شهريا 45 جنيها".
 
أما إذا كانت البطاقة تحتوى على 8 أفراد فإن دعمها الشهري يبلغ 370 جنيها تقريبا، ولك أن تتخيل قيام أصحاب المخابز بإدخال نحو  3 إلى 5  آلاف بطاقة تموين يوميا، وجميعهم من خارج المنظومة، وللأسف الشديد يتم تحويل قيمة دعم هذه البطاقات إلى حساب صاحب المخبز مباشرة برغم أن أصحاب تلك البطاقات لا يعملون شيئا، بحسب "الوفد".
 
ولأن منظومة الفساد محكمة -برأي الصحيفة- "يقوم صاحب المخبز المتلاعب ببطاقات التموين بشراء كميات كبيرة من الدقيق بالسعر العادي من المستودعات التابع لها المخبز من أجل الحصول على إيصالات وفواتير الشراء كدليل على أنه قام بخبز تلك الكمية للتغطية على العدد المبالغ فيه من البطاقات التي أدخلها في الماكينة، ثم يقوم ببيع هذا الدقيق بنصف الثمن لأنه ليس بحاجة إليه، وهكذا فالعائد المادي الذى ستدفعه الوزارة مقابل البطاقات التي تم إدخالها بالماكينة يفوق مرات ومرات كثيرة ما خسره عند حرق سعر الدقيق".
 
وفي أحد المخابز التي تقع على أطراف مدينة القصاصين، فوجئ أحد مفتشى التموين بصاحب مخبز يسابق الزمن في إدخال نحو 3 آلاف بطاقة تموينية في الماكينة، وبجواره كراتين البطاقات، فقام المفتش بأخذ الماكينة فقط، وترك البطاقات، ولم يعاقب صاحب المخبز سوى بقوله: "كفاية كده"، ثم أعاد له الماكينة، كأن شيئا لم يكن!
 
ورصدت عدسة الوفد قيام العاملين بأحد المخابز بإدخال بطاقات تموينية من خارج المحافظة، وبجوارهم كراتين متراصة فيها بطاقات تموين من الشرقية ودمياط والدقهلية وبقية المحافظات، وبرغم عملية النهب المنظم، إلا أن الوزارة تكافئ أصحاب المخابز بمن فيهم هؤلاء اللصوص بصرف فارق أسعار السولار بعد الزيادات الأخيرة.
 
وقالت الوفد إنه ترددت أنباء حول أن وزير التموين على علم بما يحدث من تلاعب وإهدار للمال العام، لكنه يصمت تجاه تلك الفضيحة لسببين: أولا: حتى لا تتم مساءلته عن فشل المنظومة أمام مجلس الوزراء.. وثانيا: خوفه من محاسبة المتلاعبين فتحدث ثورة من أصحاب المخابز، ووقتها لن يدوم الكرسي!
 
واختتمت الوفد بأنها تضع هذا الملف الخطير على مكتب النائب العام المستشار هشام بركات لإيقاف نزيف المال العام، وضياع عشرات الملايين من الجنيهات يوميا من أموال الدعم، مشددة على أن القضية كارثة، لا تتحمل التأخير؛ لأن السكوت عنها يعنى مشاركة اللصوص في سرقة اقتصاد مصر، حسبما قالت.